ــ[233]ــ
[ 2440 ] مسألة 57 : الأحوط إلحاق غير شهر رمضان من الصوم المعيّن به ((1)) (1) في حكم استمرار النوم الأوّل أو الثاني أو الثالث حتّى في الكفّارة في الثاني والثالث إذا كان الصوم ممّا له كفّارة كالنذر ونحوه .
[ 2441 ] مسألة 58 : إذا استمرّ النوم الرابع أو الخامس فالظاهر أنّ حكمه حكم النوم الثالث(2).
[ 2442 ] مسألة 59 : الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الأحكام المذكورة(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا الاحتياط الوجوبي ينافي ما تقدّم منه (قدس سره) من أن إبطال البقاء على الجنابة متعمّداً خاصّ بشهر رمضان وقضائه ولا يسري إلى غيرهما من الصوم المعيّن(2) ، وما أفاده (قدس سره) هناك هو الصحيح كما مرّ ، للزوم الاقتصار في الحكم المخالف لمقتضى القاعدة على مورد النصّ ، وهو شهر رمضان وقضائه ، والمرجع في غيرهما عموم حصر المفطر المطابق لأصالة البراءة .
(2) لقضاء الفهم العرفي بعدم الفرق بين الثالث وغيره في مثل المقام ، ولأجله يتعدّى عن النوم الثاني إلى الثالث في وجوب القضاء مع عدم ورود نصّ فيه كما تقدّم .
(3) لأنّ الموضوع هو واقع الجنابة ، والاستصحاب محرز لها بحكم الشارع تعبّداً، فيترتّب عليه حكمها ، وليس الموضوع الجنابة المعلومة بحيث يكون العلم جزءاً للموضوع كي تبتني المسألة على قيام الاستصحاب مقام العلم المأخوذ في الموضوع على نحو الطريقيّة ، إذ لا دليل على أخذ العلم جزءاً للموضوع في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ منه (قدس سره) اختصاص إبطال البقاء على الجنابة متعمداً يصوم شهر رمضان وقضائه وهذا هو الأظهر .
(2) في ص 190 ـ 191 .
ــ[234]ــ
[ 2443 ] مسألة 60 : ألحق بعضهم الحائض والنفساء بالجنب في حكم النومات ، والأقوى عدم الإلحاق (1) ، وكون المناط فيهما صدق التواني في الاغتسال ، فمعه يبطل وإن كان في النوم الأوّل ، ومع عدمه لا يبطل وإن كان في النوم الثاني أو الثالث .
[ 2444 ] مسألة 61 : إذا شك في عدد النومات بنى على الأقلّ (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقام ، بل هو على خلاف ظواهر الأدلّة كما لا يخفى ، حيث إنّ مقتضاها ترتّب الأحكام على نفس الجنابة وذاتها ، وليس الحكم بعدم البطلان فيمن أصبح جنباً جاهلا كاشفاً عن دخل العلم في الموضوع ، وإنّما هو من أجل الجنابة الواقعيّة إنّما تكون مفطرة مع العمد ، ولا عمد مع الجهل ، فلاحظ .
(1) لاختصاص النصّ بالجنب ، ولا وجه للتعدّي ، بل العبرة فيهما بصدق التواني وعدمه على ما ورد في النصّ الوارد فيهما كما تقدّم(1) ، فمع صدقه يحكم بالقضاء وإن كان في النومة الاُولى ، ولا يحكم به مع عدم الصدق وإن كان في النومة الثانية أو الثالثة ، بل الزائد عليها أيضاً .
(2) استناداً إلى أصالة عدم حدوث الزائد على المقدار المتيقّن ، فإنّ موضوع القضاء بحسب النصوص هو من نام بعد العلم بالجنابة واستيقظ ثمّ نام واستيقظ بعد الفجر ، والمتيقّن إنّما هو النومة الأخيرة ، وأمّا سبق نومة اُخرى عليها ليتحقّق معه موضوع القضاء فمشكوك ، فيرجع في نفيه إلى أصالة العدم ، وهكذا الحال في جانب الكفّارة المترتّبة على النومة الثالثة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 200 .
ــ[235]ــ
[ 2445 ] مسألة 62 : إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه أيّام وشكّ في عددها يجوز له الاقتصار في القضاء على القدر المتيقّن (1) ، وإن كان الأحوط تحصيل اليقين بالفراغ .
[ 2446 ] مسألة 63 : يجوز قصد الوجوب في الغسل وإن أتى به في أوّل الليل (2) ، لكن الاُولى مع الإتيان به قبل آخر الوقت أن لا يقصد الوجوب بل يأتي به بقصد القربة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لقاعدة الفراغ الجارية في صوم المقدار الزائد على المتيقّن وقوعه حال الجنابة ، وقد ذكرنا في محلّه أنّ الشكّ إن كان في أصل الوجود الذي هو مجرى قاعدة التجاوز اعتُبِر فيه التجاوز عن المحلّ الموقوف على الدخول في الغير المترتّب عليه ، وأمّا إذا كان في صحّة الموجود الذي هو مجرى قاعدة الفراغ ـ كما في المقام ـ فيكفي فيه مجرّد الفراغ والانتهاء عن العمل(1) ، فإذا مضت عليه أيّام ثلاثة ـ مثلا ـ وعلم بكونه جنباً في يومين منها ، واحتمل أن يكون قد اغتسل في اليوم الثالث الذي صام فيه ، بنى على صحّة الصوم حينئذ ، لأصالة الصحّة، أعني : قاعدة الفراغ الحاكمة على الاستصحاب كما هو مقرّر في محلّه(2) .
(2) إن اُريد به الوجوب العقلي الباعث على فعل المقدّمة قبل الوقت لتوقّف الواجب عليه وعدم حصول الامتثال بدونه ، فهو حقّ لا محيص عن الاعتراف به كما ستعرف .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 2 : 275 ، 280 ، 285 .
(2) مصباح الاُصول 2 : 262 ـ 264 .
ــ[236]ــ
وأمّا لو اُريد به الوجوب الشرعي المولوي ، فبما أنّ وجوب المقدّمة تابع لوجوب ذيها ، والمفروض عدم وجوب ذي المقدّمة قبل الوقت ، فلا وجوب لمقدّمته عندئذ بطبيعة الحال ، فكيف يمكن أن ينوي الوجوب بفعل المقدّمة قبل الوقت كالغسل في المقام ؟!
ولهم في التفصّي عن هذا الإشكال السيّال ـ أعني : كيفيّة تصوير وجوب المقدّمة قبل مجيء وقت ذيها ـ وجوه :
منها : الالتزام بالوجوب التعليقي والتفكيك بين زماني الوجوب والواجب وانّ الوقت شرط لنفس الواجب لا لوجوبه ، فالوجوب فعلي ، والواجب استقبالي ، فيجب صوم الغد ـ في المقام ـ من أوّل الليل ، بل من أوّل الشهر كما هو ظاهر قوله تعالى : (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(1) فإذا كان الوجوب حاليّاً وثابتاً قبل مجيء وقت الواجب وبنينا على وجوب المقدّمة شرعاً، ترشّح الأمر من ذيها إليها لا محالة ، فبعد الالتزام بهاتين الدعويين ـ أعني : الوجوب التعليقي ، ووجوب المقدّمة شرعاً ـ يتّصف الغسل في المقام بالوجوب الشرعي .
ومنها : أ نّه وإن أنكرنا الوجوب التعليقي وبنينا على أنّ الوجوب مشروط بالوقت كنفس الواجب فلا وجوب لذي المقـدّمة قبل مجيء وقته ، إلاّ أ نّه لا مانع من التفكيك بين المقدّمة وذيها في الوجوب ، بأن تجب المقدّمة فعلا من غير أن يجب ذوها إلاّ بعد حين ، فبعين الملاك الذي من أجله وجبت المقدّمة ـ أعني : توقّف ذيها عليها ـ يمكن أن يكون وجوبها سابقاً على وجوبه فيما إذا رأى المولى أنّ الدخيل في الواجب إنّما هو المقدّمة السابقة وجوداً على وقته دون اللاّحقة ، وحديث ترشّح وجوب المقدّمة من ذيها المستلزم لتأخّر وجوبها عن وجوبه كلامٌ مشهور لا أساس له من الصحّة، إذ كيف يُعقَل ترشّح الوجوب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 185 .
ــ[237]ــ
من وجوب ، وأن يكون فعلٌ اختياري معلولا لفعل اختياري آخر ؟! وهل وجوب ذي المقدّمة بنفسـه مشرّع كي يكون علّة لوجوب المقدّمة ويكون وجـوبها مترشّحاً من وجـوبه ؟! كلّ ذلك لا يكـون ، بل الوجوب الغيري كالوجوب النفسي ، كلّ منهما فعل اختياري لنفس الفاعل ـ أعني : المولى الذي بيده الحكم ـ لا أنّ الأوّل معلول للثاني كي يكون فعلا لفعل الفاعل ومعلولا لمعلوله ، بل كلّ منهما بحياله فعلا مستقلاًّ ، غاية الأمر أنّهما متلازمان في الوجود، ويكون وجوب أحدهما لأجل الآخر لا بملاك قائم بنفسه .
وعليه ، فإذا كانا فعلين للفاعل من غير ترشّح في البين ولا علّيّة ولا معلوليّة فأي مانع من أن يوجب المولى المقدّمة فعلا ويوجب ذيها بعد ذلك متأخّراً فيما إذا كان هناك ملاك لتقديم الأوّل ـ كما في المقام ـ كي يتمكّن المكلّف من الإتيان بالواجب في ظرفه ؟! فعين ملاك المقدّميّة المستلزم لأصل الوجوب مستلزمٌ لتقديم الوجوب وسبقه على وجوب ذي المقدّمة .
ومنها: ما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدس سره) من الالتزام بالوجوب التهيّؤي(1) ، حيث إنّه (قدس سره) لمّا أنكر الواجب التعليقي واعـترف ـ تبعاً للمشهور ـ بالوجوب الترشّحي المستلزم لامتناع تقدّم وجوب المقدّمة على وجوب ذيها ـ كما عرفت ـ التجأ إلى الالتزام بوجوب المقدّمة في أمثال المقام وجوباً نفسيّاً تهيّؤيّاً متوسّطاً بين الوجوب الغيري والوجوب النفسي الاصطلاحي ، فهو واجبٌ نفساً ، لغاية التحفّظ على واجب آخر في ظرفه والتهيّؤ لامتثاله ، فليس هو بواجب غيري ، لفرض وجوبه قبل وجوب ذي المقدّمة ـ ولا شيء من الواجب الغيري كذلك ـ ولا بواجب نفسي ، لعدم كون مخالفته مستوجباً لعقاب آخر غير العقاب على ترك الواجب الآخر وهو الصوم عن طهارة فيما نحن فيه ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 1 : 136 ـ 141 .
ــ[238]ــ
ولا موافقته مستوجباً للثواب ، بل هو مرحلة بين المرحلتين ، فمن جهة يشبه الواجب الغيري لقيام ملاكه بالغير ، ومن جهة اُخرى يشبه النفسي لعدم توقّفه على واجب آخر ولاترشحه منه حسبما عرفت، بل هو نوع وجوب فائدته فائدة الواجب الغيري، قد انبعث هو والواجب الآخر عن ملاك واحد ، نظير الأوامر الضمنيّة في باب المركّبات. وعليه ، فالغسل في المقام واجب بهذا الوجوب التهيّؤي ، فلا مانع من الاتيان به بقصد هذا الوجوب .
ولكن هذه الوجوه الثلاثة المذكورة في المقام كلّها ساقطة .
أمّا الأول : فلأنّا وإن التزمنا في محلّه بإمكان الواجب التعليقي وأ نّه لا مانع من التفكيك بين زماني الوجوب والواجب ، وليست الإرادة التشريعيّة على حدّ الإرادة التكوينيّة التي يمتنع فيها تخلّف الإرادة عن المراد كما فصّلنا القول حول ذلك في الاُصول مستقصى(1) ، إلاّ أنّ الإتيان بالغسل بنيّة الوجوب الشرعي في المقام مبني على ذلك وعلى الالتزام بوجوب المقدّمة شرعاً كما عرفت .
وقد بيّنّا في الاُصـول : أنّ مقدّمة الواجـب لا وجوب لها شرعاً وإنّما هي واجبة بالوجوب العقلي المحض من باب اللابدّيّة العقليّة(2) ، إذ بعد حكومة العقل بذلك وإدراكه لزوم الإتيان بالمقدّمة لتوقّف ذيها عليها وعدم التمكّن من إتيانه بدونها ، فأيّ فائـدة بعد هذا للوجوب الشرعي المولوي ؟! وهل هذا إلاّ من اللغو الظاهر والحكم الجزافي الذي تصان عنه ساحة الحكيم .
ومن ذلك يظهر الجواب عن الوجه الثاني أيضاً ، لتوقّفه على وجوب المقدّمة شرعاً ، وهو ممنوع .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 351 ـ 353 .
(2) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 438 .
|