ــ[255]ــ
[ 2453 ] مسألة 70 : لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهار(1) فسد صومه((1)) إن كان الإخراج منحصراً في القيء ، وإن لم يكن منحصراً فيه لم يبطل ، إلاّ إذا اختار القيء مع إمكان الإخراج بغيره ، ويشترط أن يكون ممّا يصدق القيء على إخراجه ، وأمّا لو كان مثل دُرّة أو بُندُقة أو درهم أو نحوها ممّا لا يصدق معه القيء لم يكن مبطلا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتحصّل : أ نّه على تقدير عدم العمل بصحيحة ابن سنان المتقدّمة والالتزام ببطلان الصوم بابتلاع ما يخرج بالتجشّؤ وثبوت الكفّارة ، لا دليل على كفّارة الجمع ، لتوقّفها على صدق الخبيث عليه وعلى حرمة أكل الخبيث ، وكلاهما ممنوع ، بل كبرى كفّارة الجمع لدى الإفطار بالحرام أيضاً ممنوعة كما عرفت .
(1) كما لو كان مالا للغير ولم يتلف ـ كذهب أو جوهر ـ وأمكن إخراجه وردّه إلى صاحبه ، وحينئذ فإن لم يصدق القيء على إخراجه ـ كما لو كان مثل الدرهم أو البندقة ونحو ذلك ـ فلا إشكال ، كما لا إشكال فيما لو صدق ولكن لم ينحصر الإخراج فيه ، بل أمكن بغير القيء أيضاً ، لعدم التنافي بين الصوم وبين الأمر بإخراجه ، فهو متمكّن من امتثال كلا الأمرين باختياره الطريق الآخر غير المبطل للصوم .
إنّما الكلام فيما إذا انحصر الإخراج في القيء ، فقد حكم (قدس سره) حينئذ ببطلان الصوم وإن لم يتقيأ كما هو ظاهر عبارته (قدس سره) ، وقد تقدّم الكلام في نظيره في غير مورد .
وتفصيل الحال : أنّ الأمر بالصوم مطلقاً مع الأمر بالقيء ممّا لا يجتمعان ، فإنّه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا إذا أراد القيء خارجاً ، وإلاّ فمجرّد الوجوب لا يوجب البطلان .
ــ[256]ــ
تكليف بالمتناقضين ، إذ الأوّل متقوّم بالإمساك عن القيء فكيف يؤمَر بالقيء وبالامساك عنه ؟! وهذا ظاهر .
إنّما الكلام في أ نّه هل يمكن ذلك على نحو الترتّب كما في سائر موارد المتضادّين مثل الصلاة والإزالة ونحوهما ؟ حيث ذكرنا في محلّه أنّ الأمر الترتّبي أمرٌ معقول ، ومجرّد امكانه كاف في الوقوع من غير حاجة الى التماس دليل عليه بالخصوص، بل يكفي فيه إطلاقات الأدلّة ، فهل يمكن في المقام الأمر بالقيء أو لا ؟
لعلّ المشهور عدم الإمكان كما ذكره الماتن فإنّ الإفطار والإمساك ضدّان لا ثالث لهما، إذ لا واسطة بين القيء وبين الإمساك عن القيء ، فكلّ منهما مفروض الوجود لدى ترك الآخر بطبيعة الحال ، ومعه كيف يمكن الأمر بأحدهما لدى ترك الآخر؟! وهل هذا إلاّ من تحصيل الحاصل ، نظير الأمر بالسكون وبالحركة على تقدير ترك السكون ، فإنّ ترك السكون هو الحركة ، فمعناه : تحرّك عند الحركة ، وهو كما ترى . فلا مناص من الالتزام ببطلان الصوم في المقام سواء تقيّأ أم لم يتقيّأ .
ولكن الصحيح ـ كما مرّ سابقاً ـ إمكان الترتّب في أمثال المقام ، لكونهما من الضدّين اللّذين لهما ثالث ، فإنّ المأمور به بالخطاب الترتّبي هو الإمساك التعبدّي لا طبيعي الإمساك ، فالواجب هي الحصّة الخاصّة منه ، ولأجله كان لهما ثالث وهو الإمساك لا بقصد القربة . وعليه ، فلا مانع من أن يؤمَر أولا بالقيء ، وعلى تقدير عصيانه يؤمَر بالإمساك عنه عن قربة ، نظير أن يقال : قف وإلاّ تحرّك نحو الجانب الشرقي ، فإنّ تحصيل الحاصل الممتنع هو الأمر بالحركة مطلقاً لا مقيّداً بقيد خاصّ كالتقييد بالعـباديّة في المقام . وعليه ، فلا يكون الصوم باطلا في المقام إلاّ بالتقيّؤ خارجاً لا بمجرّد الأمر به .
|