التاسع : إدخال الماء في الفم للتبرّد فسبقه ودخل الجوف 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 11:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6267


   التاسع: إدخال الماء في الفم للتبرّد  بمضمضة أو غيرها فسبقه ودخل الجوف ، فإنّه يقضي ولا كفّارة عليه . وكذا لو أدخله عبثاً فسبقه . وأمّا لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه أيضاً وإن كان أحوط .

   ولا يلحق بالماء غيره على الأقوى وإن كان عبثاً ، كما لا يلحق بالإدخال في الفم الإدخال في الأنف للاستنشاق أو غيره وإن كان أحوط في الأمرين(2) .

ــــــــــــــــــــــــ
   (2) أمّا إذا نسي فابتلع فلا شيء عليه كما تقدّم ، فإنّه رزقٌ رزقه الله بعد أن لم يكن قاصداً للإفطار بوجه .

   وأمّا فيما لو قصد المضمضة ـ مثلا ـ فدخل بغير اختياره ، فعدم الكفارة حينئذ واضح ، لأ نّها مترتّبة على العمد والقصد ، ولا عمد حسب الفرض .

   وأمّا القضاء فمقتضى القاعدة عدمها أيضاً ، لأنّها مترتّبة على بطلان الصوم ، ولا بطلان إلاّ مع الاختيار في الإفطار ولو لعذر ، والمفروض عدمه في المقام ،

ــ[440]ــ

فالقاعدة تقتضي عدم القضاء كعدم الكفّارة .

   وعلى طبق هذه القاعدة وردت موثّقة عمّار: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم «قال : ليس عليه شيء إذا لم يتعمّد ذلك» ، قلت : فإن تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء ؟ «قال (عليه السلام) : ليس عليه شيء» ،قلت : فإن تمضمض الثالثة ؟ قال : «فقال (عليه السلام) : قد أساء ، ليس عليه شيء ولا قضاء»(1) .

   وقوله (عليه السلام) : «قد أساء» محمول على الكراهة ، حذراً من أن يجعل نفسه في معرض الدخول في الحلق .

   ومقتضى الإطلاق في هذه الموثّقة عدم الفرق بين ما إذا تمضمض في وضوء أو عبثاً ، ولكن لا بدّ من تقييده بالوضوء ، جمعاً بينها وبين موثّقة سماعة المصرّحة بالقضاء فيما إذا كان عبثاً، قال: سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه «قال : عليه قضاؤه ، وإن كان في وضوء فلا بأس به»(2) .

   فتُحمَل تلك الموثّقة على التمضمض للوضوء .

   فإن قلت : كيف تُحمَل عليه مع التعبير فيها بـ : «أساء» الظاهر في الكراهة كما ذكر ، مع أنّ استحباب المضمضة ثلاثاً حال الوضوء لا يفرق فيه بين الصائم وغيره ؟

   قلت : لا يبعد الالتزام بالكراهة في المرّة الثالثة للصائم المتوضّئ فيما لو سبقه الماء في المرّتين الأوليين ، عملا بظاهر هذه الموثّقة بعد التقييد المزبور ، فإنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 72 /  أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 23 ح 5 .

(2) الوسائل 10 : 71 /  أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 23 ح 4 .

 
 

ــ[441]ــ

الروايات الواردة في استحباب المضمضة في الوضوء لم يرد شيء منها في خصوص الصائم ولا مايعمّه وغيره ، بل قد يظهر من بعض الأخبار عدم الاستحباب مطلقاً للصائم ، وإن كانت الرواية غير نقيّة السند ، وربّما يستفاد من بعضها أنّ المضمضة مستحبة في نفسها لا لأجل المقدّميّة للوضوء .

   وكيفما كان ، فدعوى الكراهة في المرّة الثالثة حال الصوم للمتوضّئ مع فرض السبق في المرّتين الاُوليين غير بعيدة بمقتضى هذه الموثّقة كما عرفت .

   فتحصّل : أ نّه لو تمضمض عبثاً فدخل الماء جوفـه يحكم بالقضاء ، عملا بموثّقة سماعة التي بها يخرج عن مقتضى القاعدة وعن إطلاق موثّق عمار ، ولكن لا بدّ من الاقتصـار على مورد الموثّقـة من التمضمض بالماء ، فلا يتعـدّى إلى التمضمض بالمائع المضاف أو إلى الاستنشاق ، جموداً في الحكم المخالف لمقتضى القاعدة على مورد النصّ ، إلاّ أن يحصل الجزم بعدم الخصوصيّة .

   ولا يبعد دعواه بالنسبة إلى المضمضة وأ نّه لا خصوصيّة لها ، بل من جهة أنّها مصداق للعبث بالماء في مقابل الوضوء الذي هو بداعي امتثال الأمر الإلهي الوجوبي أو الاستحبابي ، ولأجله قوبل بين الأمرين في الموثّقة .

   وعليه ، فلا يبعد دعوى شمول الحكم لما إذا أدخل الماء في فمه لغرض آخر غير المضمضة ، كتطهير أسنانه الجعليّة ، فدخل الحلق بغير اختياره ، فيتعدّى إلى هذه الصورة أيضاً بمقتضى الفهم العرفي ويحكم بالقضاء .

   ثمّ إنّه يظهر من الموثّقة نفي القضاء في الغسل أيضاً كالوضوء فيما لو دخل الماء حلقه بغير اختياره عند المضمضة أو غيرها كما لعلّه يتّفق كثيراً ، لا لأجل أنّ المراد بالوضـوء في الموثّقـة مطلق الطهارة فإنّه بعيد جدّاً  كما لا يخفى ، بل لأجل أنّ وقوع الوضوء في مقابل العبث يكشف عن عدم الخصوصيّة له وأنّ العبرة بما لا عبث فيه الشامل للغسل ، فلا يكون لقوله : «وإن كان في وضوء

ــ[442]ــ

   [ 2498 ] مسألة 3 : لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه القضاء ، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة على الأقوى ((1)) (1) ، بل لمطلق الطهارة وإن كانت لغيرها من الغايات ، من غير فرق بين الوضوء والغسل ، وإن كان الأحوط القضاء فيما عدا ماكان لصلاة الفريضة ، خصوصاً فيما كان لغير الصلاة من الغايات .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلا بأس به» مفهومٌ ليدلّ على ثبوت البأس في غير الوضوء ، فغايته أن يكون الغسل مسكوتاً عنه فيبقى تحت مقتضى القاعدة من عدم القضاء كما عرفت .

   وعلى الجملة : فالرواية قاصرة الشمول للغسل ، فإنّ موردها العبث ولا يراد الحصر من الوضوء ، بل هو في مقابل العبث .

   فما ذكره الماتن من عدم البطلان في الغسل هو الصحيح على ما يشير إليه في المسألة الآتية ، فحال الغسل حال من يعثر فيرتمس في الماء ويدخل في جوفه بغير اختياره في أنّ مقتضى القاعدة فيه عدم القضاء ، لصدوره من غير اختيار .

   (1) كما هو المشهور ، حيث لم يفرّقوا في الوضوء بين ما كان لفريضة أو نافلة أو غاية أُخرى ، حتّى الكون على الطهارة بناءً على ثبوت استحبابه النفسي ، عملا بإطلاق الوضوء الوارد في موثّقة سماعة المتقدّمة .

   ولكن صحيحة الحلبي فرّقت بين وضوء الفريضة وغيرها ، فقد روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في الصائم يتوضّأ للصلاة فيدخل الماء حلقه «فقال : إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء ، وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء»(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال والاحتياط فيما كان لغير صلاة الفريضة لا يترك .

(2) الوسائل 10 : 70 /  أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 23 ح 1 .

ــ[443]ــ

   وهي صحيحة السند ، وقد عمل بها جماعة ، فليست مهجورة معرَضاً عنها حتى يقال بسـقوطها عن الحجّـيّة بالإعراض ، فعلى تقدير تسليم الكبرى فالصغرى غير متحقّقة في المقام .

   هذا ، مضافاً إلى منع الكبرى على مسلكنا ، ومقتضاها تقييد موثّقة سماعة وحملها على الوضوء للفريضة ، فبالنتيجة يفصل بين الوضوء وغيره ، وفي الوضوء بين ما كان للفريضة وغيرها ، وهذا هو الصحيح ، فتقيَّد موثّقة عمّار المتقدّمة بموثّقة سماعة ، وتقيَّد هي بصحيحة الحلبي ، وتكون النتيجة اختصاص الحكم بوضوء الفريضة، لكون كلّ من هذه الروايات أخصّ من سابقتها ، فيؤخذ بأخصّ الخاصّين ، ومورد هذه الصحيحة وإن لم يكن هو المضمضة ، لكنّها القدر المتيقّن منها، فإنّ ما يكون معرضاً بحسب المتعارف الخارجي للدخول في الحلق لدى الوضوء إنّما هو المضمضة ، فلا يمكن حمل الصحيحة على غيرها ، فلا يتوهّم أنّ النسـبة بينها وبين موثّقة عمّار عمومٌ من وجه ، لكونها خاصّاً من حيث الوضوء عامّاً من حيث المضمضة ، عكس الموثّقة ، فإنّ الأمر وإن كان كذلك صورةً ، ولكنّه بحسب الواقع عمومٌ مطلق ، لما عرفت من امتناع حملها على غير المضمضة .

   ثمّ ، إنّ موثّقة سـماعة وإن كان موردها المضـمضة ولذا قلنا : إنّه لا بأس بالاستنشاق بمقتضى القاعدة من غير مخصّص كما مرّ ، إلاّ أنّ هذه الصحيحة مطلقة تشمل المضمضة وغيرها من الاستنشاق ونحوه .

 وعليه ، فلا يبعد التعدّي إلى غير المضمضة ، فكما دخل حلقه بغير اختيار حال الوضوء للفريضة سواء كان بسبب المضمضة أم غيرها فلا بأس به ، وإن كان في غير وضوء الفريضة ففيه القضاء . فما صنعه الشهيد الأوّل من التعدّي إلى الاستنشاق(1) هو الصحيح، أخذاً بإطلاق الصحيحة، ولو نوقش في الصحيحة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الدروس 1 : 274 .

ــ[444]ــ

   [ 2499 ] مسألة 4 : يكره المبالغة في المضـمضة مطلقاً ، وينبغي له أن لا يبلع ريقه حتّى يبزُق ثلاث مرّات .

   [ 2500 ] مسألة 5 : لا يجوز التمضمض مطلقاً مع العلم بأ نّه يسبقه الماء إلى الحلق أو ينسى فيبلعه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net