ــ[449]ــ
ويستحبّ تأخير الإفطار حتّى يصلّي العشاءين لتكتب صلاته صلاة الصائم(1)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بناءً على ما هو الصحيح من عدم الفرق في تنجيزه بين الدفعي والتدريجي ، فلامناص في مثله من الاحتياط بعد فقد المؤمّن الشرعي .
وأمّا من لم يحصل له مثل هذا العلم الإجمالي ، أو فرض الكلام في آخر الشهر من غير التفات إلى ما قبله ، أو في صوم آخر من نذر ونحوه ، فلا وجه في مثله لتحصيل المقدّمة العلميّة بعد جريان الاستصحاب حسبما عرفت ، فلا يجب الإمساك في جزء من الليل لا شرعاً كما هو ظاهر ، ولا عقلا بعد فرض وجود المؤمّن .
(1) فقد دلّ على استحباب االتأخير صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سُئل عن الإفطار أقبل الصلاة أو بعدها ؟ قال : «فقال : إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم ، وإن كان غير ذلك فليصلّ ثمّ ليفطر»(1) .
وعلى أ نّه تُكتَب الصلاة صلاة الصائم موثّقة زرارة وفضيل ـ وهي موثّقة باعتبار علي بن الحسن بن فضّال ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) : «في رمضان تصلّي ثمّ تفطر إلاّ أنّ تكون مع قوم ينتظرون الإفطار ، فإن كنت تفطر معهم فلا تخالف عليهم فافطر ثمّ صلّ ، وإلاّ فابدأ بالصلاة» قلت : ولِمَ ذلك ؟ «قال : لأ نّه قد حضرك فرضان : الإفطار والصلاة ، فابدأ بأفضلهما ، وأفضلهما الصلاة ـ ثمّ قال : ـ تصلّي وأنت صائم فتُكتب صلاتك تلك فتختم بالصوم أحبّ إليّ»(2) .
والمشار إليه في قوله (عليه السلام) : «تلك» هي الصلاة وأنت صائم المذكورة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 149 / أبواب آداب الصائم ب 7 ح 1 .
(2) الوسائل 10 : 150 / أبواب آداب الصائم ب 7 ح 2 .
ــ[450]ــ
إلاّ أن يكون هناك من ينتظره للإفطار(1)، أو تنازعه نفسه على وجه يسلبه الخضوع والإقبال(2) ولو كان لأجل القهوة والتُتُن والترياك ، فإنّ الأفضل حينئذ الإفطار ثمّ الصلاة مع المحافظة على وقت الفضيلة بقدر الإمكان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل ذلك ، فإنّ الأمر بالصوم وإن كان ساقطاً بانتهاء أمده المتحقّق بدخول الليل ، إلاّ أ نّه مقابل للإفطار كما تقدّم سابقاً ، فما لم يفطر فهو صائم وإن لم يكن صومه فعلا مأموراً به ، وبهذا الاعتبار صحّ أن يقال : إن صلاته تُكتَب صلاة الصائم .
ومنه يظهر الوجه في إطلاق الفرض على الإفطار في قوله (عليه السلام) : «لأ نّه قد حضرك فرضان» إلخ ، فإن وجوب الإفطار معناه : انتهاء أمد الصوم وعدم جواز قصده في الليل ، فلأجله وجب عليه الإفطار .
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق الموثّقة الحاكمة بالبدأة بالصلاة وأنّها أفضل من الإفطار شمولُ الحكم للعشاءين معاً ، لاشتراكهما في الوقت بمقتضى قوله (عليه السلام) في بعض النصوص : «وإذا غاب القرص فقد وجب الصلاتان إلاّ أنّ هذه قبل هذه» كما تقدّمت في مبحث الأوقـات من كتاب الصلاة ، فنفس المناط الذي اقتضى تقـديم المغرب يقتـضي تقديم العشاء أيضاً ، لتساويهما في الوقـت ، والإطلاق المزبور غير قاصر الشمول لهما حسبما عرفت ، وإن لم يرد تنصيص بذلك .
(1) كما صرّح به في صحيحة الحلبي وموثّقة زرارة وفضيل المتقدّمتين وغيرهما .
(2) كما دلّت عليه مرسلة المفيد في المقنعة : «قال : وإن كنت ممّن تنازعك نفسـك للإفطار وتشغلك شهوتك عن الصلاة فابدأ بالإفطار ، ليذهب عنك
|