حكم المسافر قبل وبعد الزوال - حكم القادم قبل وبعد الزوال 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5345


   [ 2506 ] مسألة 1 : إذا كان حاضراً فخرج إلى السفر (3) : فإن كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار ((1)) ، وإن كان بعده وجب عليه البقاء على صومه .

 ــــــــــــــــــــــ
   (3) قد عرفت استثناء المسافر كالمريض بنصّ الكتاب العزيز ، وحينئذ فإن

ـــــــــــــــ

(1) هذا إذا كان ناوياً للسفر من الليل ، وإلاّ فالأحوط إتمام الصوم ثمّ القضاء .

ــ[15]ــ

   وإذا كان مسافراً وحضر بلده أو بلداً يعزم على الإقامة فيه عشرة أيّام : فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه الصوم ، وإن كان بعده أو تناول فلا ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان مسافراً في تمام الوقت أو حاضراً كذلك فلا إشكال في تعيّن الإفطار على الأوّل ، كالصوم على الثاني .

   وأمّا لو تبعّض فكان حاضراً في بعضه ومسافراً في بعضه الآخر ، فقد يكون حاضراً يعرضه للسفر ، واُخرى ينعكس فيصبح المسافر حاضراً إمّا بدخول بلده أو محلّ إقامته .

   فإن كان الأوّل : فقد تقدّم البحث عنه مستقصىً في الفصل السابق ، وعرفت أنّ السفر إن كان بعد الزوال بقي على صومه مطلقاً ، وإن كان قبله يفصّل بين تبييت النيّة وعدمه ، وعرفت أنّ الأحوط مع عدم التبييت الجمع بين الأداء والقضاء ، فراجع ولا نعيد (1) .

   وإن كان الثاني : فالمعروف والمشهور من دون خلاف ظاهر ـ عدا ما يُنسَب إلى إطلاق كلامي ابن زهرة والشيخ (2) ـ التفصـيل بين القدوم بعد الزوال فلا صوم له مطلقاً ، وبين القدوم قبله فلا صوم له أيضاً إن كان قد أفطر وإلاّ جدّد النيّة وبقي على صومه .

   هذا، ومقتضى إطلاق ما نُسِب إلى ابن زهرة من استحباب الإمساك للمسافر إذا قدم أهله عدم وجوب الصوم حتّى إذا كان القدوم قبل الزوال ولم يكن مفطراً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 21 : 484 .

(2) الجواهر 17 : 6 ـ 8 .

ــ[16]ــ

   كما أنّ عكسه يُنسَب إلى إطلاق كلام الشيخ من أ نّه متى ما دخل بلده ولم يفعل ما ينقض الصوم أتمّ صومه ولا قضاء عليه ، الشامل لما إذا كان الدخول بعد الزوال .

   ولكن الإطلاق على تقدير كونه مراداً لهما قولٌ شاذّ لا يُعبأ به ، ولا يمكن المساعده عليه بوجه ، لمنافاته مع النصوص الكثيرة الواردة على طبق مقالة المشهور :

   منها : موثّقة أبي بصير : قال : سألته عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان «فقال : إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به»(1) .

   فإنّها ـ بعد ملاحظه ظهور: «فعليه» إلخ، في الوجوب ـ كالصريحة في المدّعى . نعم ، لم يفرض فيها عدم الإفطار قبل ذلك ، ولكن يمكن اسـتفادته من نفس الموثّقة ، نظراً إلى التعبير بـ «صيام ذلك اليوم» ، لوضوح عدم تحقّق الصيام المزبور إلاّ مع عدم سبق الإفطار ، وإلاّ لقال : عليه صيام بقيّة النهار ، فإسناد الصوم إلى تمام اليوم كشفٌ عن فرض عدم سبق الإفطار كما لا يخفى .

   ومع الغضّ عن ذلك فغايته استفادة التقييد من الروايات الاُخر .

   ومنها : ما رواه الشيخ بإسناده عن سماعة ، قال : سألته عن الرجل كيف يصنع إذا أراد السفر ؟ إلى أن قال : «إن قدم بعد زوال الشمس أفطر ولا يأكل ظاهراً، وإن قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم إن شاء»(2) .

   ولكنّها ضعيفة السند وإن عُبّر عنها بالموثّقة في بعض الكلمات ، فإنّ علي بن السندي الواقع في الطريق لم يوثّق . نعم ، وثّقه نصر بن الصباح(3) ، ولكنّه بنفسه لم يُوثَّق ، فلا أثر لتوثيقه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 10 : 191 /  أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 6 ، 7 .

(3) لاحظ رجال الكشي : 598 / 1119 .

ــ[17]ــ

   ودعوى أنّ المراد به هو علي الميثمي الثقة ، غير ثابتة ، لاختلاف الطبقة حسبما أشرنا إليه في المعجم(1) .

   نعم ، مع الغضّ عن السند فالدلالة ظاهرة ولا مجال للمناقشة فيها بظهور المشيئة في التخيير فتعارض موثّقة أبي بصير المتقدّمة .

   إذ الظهور المزبور إنّما يسلّم لو كان التعبير هكذا : فله صيام ذلك اليوم إن شاء ، بدل قوله : «فعليه» إلخ .

   أمّا التعبير بـ «على» فهو ظاهر في الوجوب ، وحيث إنّه لا يجتمع مع المشيئة فلابدّ إذن من حملها على المشيئة السابقة على دخول البلد ، يعني : هو مخيّر ما دام في الطريق وقبل أن يدخل بين أن يفطر فلا يجب عليه الصوم ، وبين أن لا يفطر ويدخل البلد ممسكاً فيجب عليه الصوم ، فالمشيئة إنّما هي باعتبار المقدّمة وأنّ له اختيار الصوم باختيار مقدّمته وهو الإمساك قبل الحضور ، كما له اختيار الإفطار حينئذ لا باعتبار نفس الصوم ، لما عرفت من منافاة المشيئة فيه مع الظهور في الوجوب المستفاد من كلمة «عليه» ، وقد صرّح بالتخيير المزبور في بعض الروايات الاُخر كما ستعرف .

   ومنها : ما رواه الكليني بسنده عن يونس ـ في حديث ـ  : قال في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال ولم يكن أكل : فعليه أن يتمّ صومه ولا قضاء عليه ، يعني : إذا كانت جنابته عن احتلام(2) .

   وقد تضمّنت قيدين لوجوب الصيام : الدخول قبل الزوال ، وعدم الأكل الظاهر في انتفاء الوجوب ـ طبعاً ـ بانتفاء أحد القيدين ، فلا أمر بالإتمام لو دخل بعد الزوال ، أو دخل قبله وقد أكل ، فهي من حيث الدلالة واضحة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المعجم 13 : 50 ـ 54 .

(2) الوسائل 10 : 190 /  أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 5 ، الكافي 4 : 132 / 9 .

ــ[18]ــ

   وأمّا من حيث السند فهي ـ على ما في الوسائل الطبعة الحديثة من ذكر لفظة «قال» مرّة واحدة(1) ـ مقطوعة، أي غير منسوبة إلى الإمام (عليه السلام) ، وإنّما هي فتوى يونس نفسـه ، ولها نظائر في الكافي ولا سيما عن يونس كما لا يخفى .

   ولكن الموجود في الكافي تكرار اللفظة فرواها هكذا : عن يونس في حديث قال: قال . . . إلخ ، فهي إذن مضمرة لا مقطوعة ، ويجرى عليها حينئذ حكم سائر المضمرات المعتبرة ، نظراً إلى أنّ يونس لا يروي عن غير الإمام (عليه السلام) بحيث ينقلها الكافي وكذا الشيخ في كتابيه(2) .

   على أنّ الصدوق رواها بعينها عن يونس عن موسى بن جعفر (عليه السلام)(3) ، فلا إشكال في السند أيضاً ، ومناقشة ابن الوليد في روايات محمّد بن عيسى عن يونس مردودة لدى من تأخّر عنه كما مرّ غير مرّة .

   وأمّا قوله : وهو جنب ، فلا إطلاق له يشمل البقاء على الجنابة متعمّداً لكي يكون مفطراً قبل الدخول ويتنافى مع مقالة المشهور، بل هو محمول على الجنابة الاحتلاميّة ، للتصريح بذلك في الذيل بقوله : يعني . . . إلخ ، سواء أكان ذلك من كلام الإمام (عليه السلام) أم الراوي ، أمّا على الأوّل فواضح ، وكذا على الثاني ـ الذي احتمله الشيخ ـ لأنّ الراوي وهو يونس يرويها عن الإمام (عليه السلام) هكذا ، وأ نّه (عليه السلام) إنّما قال ذلك في فرض الاحتلام لا التعمّد ، فيصدق ـ طبعاً ـ في حكايته .

   ثمّ إنّه قد يستظهر من جملة اُخرى من النصوص خلاف ذلك فيُدّعى ظهورها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يخفى تكرار لفظة «قال» في الوسائل المحقّق جديداً .

(2) التهذيب 4 : 254 / 752 ، الاستبصار 2 : 113 / 369 .

(3) الفقيه 2 : 93 / 415 .

ــ[19]ــ

في التخيير بين الصوم وعدمه ، الذي لا قائل به .

   ولكن الظاهر عدم الدلالة على ذلك ، بل هي ناظرة إلى ما أشرنا إليه من التخيير في المقدّمة وقبل دخول البلد لا بعد ما دخل، فلا تكون منافية للنصوص المتقدّمة الظاهرة في الوجوب حينئذ .

   منها : صحيحة رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يقبل في شهر رمضان من سفر حتّى يرى أ نّه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار «قال : إذا طلع الفجر وهو خارج ولم يدخل فهو بالخيار ، إن شاء صام وإن شاء أفطر»(1) .

   فإنّها ظاهرة في اختصاص الخيار بما قبل الدخول .

   ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع النهار «قال : إذا طلع الفجر وهو خارج ولم يدخل أهله فهو بالخيار ، إن شاء صام وإن شاء أفطر»(2) .

   فإنّ الخيار فيها مقيّد بطلوع الفجر وهو خارج ولم يدخل أهله ، فلا خيار فيما لو طلع الفجر وهو داخل ، أو طلع وكان خارجاً إلاّ أ نّه دخل أهله بعد ذلك ، أي عند ارتفاع النهار وقبل الزوال . فهي أيضاً واضحة الدلالة على أنّ الخيار إنّما هو في ظرف عدم الدخول لا بعده .

   ومثلها صحيحته الاُخرى ـ وإن لم تكن بهذا الظهور ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ  : «قال : فإذا دخل أرضاً قبل طلوع الفجر وهو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم ، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 189 / أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 2 .

(2) الوسائل 10 : 190 /  أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 3




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net