ــ[20]ــ
وإن استحبّ له الإمساك بقيّة النهار (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن شاء صام»(1) .
فإنّ نفي الصيام عنه مستند إلى ما افترضه من كونه مسافراً حال الطلوع ، ولا صيام على المسافر كما هو ظاهر ، ومع ذلك فقد علّق الصوم على مشيئته بقوله (عليه السلام) : «وإن شاء صام» ، غير أ نّه لم تبيّن كيفيّته في هذه الرواية ، وقد اُشير إليها في الروايات الاُخر من اختيار الإمساك وهو في الطريق إلى أن يدخل بلده قبل الزوال فيجدّد النيّة ويصوم .
إذن فالروايات بمجموعها تدلّ على مقاله المشهور حسبما عرفت .
(1) أمّا بالنسـبة إلى مَن دخل قبل الزوال مفطراً فقد دلّت عليه جملة من الروايات ، التي منها موثّقة سماعة ، قال : سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس وقد أكل «قال : لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئاً ، ولا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل»(2) .
ومعتبرة يونس ، قال : قال في المسافر الذي يدخل أهله في شهر رمضان وقد أكل قبل دخوله «قال : يكفّ عن الأكل بقيّة يومه وعليه القضاء»(3) .
وأمّا بالنسبة إلى من دخل بعد الزوال فلم نجد عاجلا ما يدلّ على استحباب الإمساك ، بل لعلّ الوجه الاعتباري يقتضي التفصيل واختصاص الاستحباب بالأول ، نظراً إلى أنّ الداخل ما قبل الزوال بما أ نّه كان في معرض الوجوب لفعليّته عليه لو لم يفطر في الطريق فيستحبّ له التشبّه بالصائمين مواساةً بهم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 190 / أبواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 1
(2) الوسائل 10 : 191 / أبواب من يصح منه الصوم ب 7 ح 1 .
(3) الوسائل 10 : 192 / أبواب من يصح منه الصوم ب 7 ح 2 .
ــ[21]ــ
والظاهر أنّ المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده لاالخروج عن حدّ الترخّص(1)، وكذا في الرجوع المناط دخول البلد ، لكن لا يُترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال والخروج عن حدّ الترخّص بعده ، وكذا في العود إذا كان الوصول إلى حدّ الترخّص قبل الزوال والدخول في المنزل بعده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا الداخل بعد الزوال فحاله من حيث عدم وجوب الصوم عليه معلوم ، سواء أكل أم لا .
وكيفما كان، فلم نعثر على ما يدلّ على الاستحباب في الثاني. نعم، دلّت رواية سماعة المتقدّمة(1) ـ التي عرفت أنّها ضعيفة السند بعلي بن السندي ـ على عدم التجاهر بالأكل ظاهراً ، احتراماً لشهر رمضان ، ولكن هذا امر آخر غير استحباب الإمساك حتّى في بيته ، الذي هو محلّ الكلام كما لا يخفى .
(1) تقدّم في بحث صلاة المسافر أنّ مبدأ المسافة الشرعيّة الامتداديّة أو التلفيقيّة المحكوم فيها بوجوب التقصير هو أوّل زمان يتّصف فيه المسافر بهذا الوصف العنواني ـ أعني : كونه مسافراً ـ وهو زمان الخروج من البلد والشروع في الابتعاد عنه . فلا جرم كان البلد هو مبدأ احتساب المسافة المزبورة حسبما هو مقتضى ظواهر الأدلّة ، ولا تنافي بين ذلك وبين أن لا يكون هذا المسافر محـكوماً بالقصر إلاّ بعد بلوغه حدّ الترخّص ، فإنّ ذلك من التخصيص في الحكم لا التحديد في الموضوع ، فهو قبل بلوغ الحدّ مسافرٌ لا يجب عليه القصر ـ لا أ نّه ليس بمسافر ـ كما لا يجوز له الإفطار أيضاً ، للملازمة بين الأمرين حسبما مرّ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 16 .
|