ــ[38]ــ
لكن يجب عليهما في صورة المشقّة (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد وصفها في المدارك بالصحّة(1) ، وتبعه غيره ، وليس كذلك كما نبّه عليه في الحدائق(2) ، فإنّ عبدالملك المذكور مهمل في كتب الرجال ، والذي وثّقه النجاشي إنّما هو عبدالملك بن عتبة النخعي ، لا عبدالملك بن عتبة الهاشمي ، قال (قدس سره) : والكتاب المنسوب إلى الهاشمي ـ والناسب هو الشيخ ـ ليس له وإنّما هو للنخعي(3) .
وقد اشتبه الأمر بينهما على صاحب المدارك مع تضلّعه وسعة اطّلاعه .
وكيفما كان ، ففي ما عداها من الروايات غنىً وكفاية .
وعلى الجملة : فهذه الروايات المعتضدة بظهور الآية والمقترنة بتسالم الأصحاب ـ كما سمعت دعواه من الجواهر ـ تكفينا في الدلالة على ابتناء الفداء على الإلزام وعدم كفاية الصيام ، وإن كان التعبير بالترخيص في كلمات بعض الأصحاب ومنهم الماتن ـ كما تقدّم ـ يشعر بخلافه ، إذ لا عبرة به تجاه الدليل القائم على خلافه حسبما عرفت .
(1) بعدما عرفت من بطلان القول بالتخيير وعدم الاجتزاء بالصيام فاستقصاء الكلام في المقام يستدعي التكلّم في جهات :
الاُولى : في وجوب الفداء ، وهو في الجملة ممّا لا إشكال فيه ، وقد قامت عليه الشهرة العظيمة ، بل ادّعي الإجماع عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المدارك 6 : 294 .
(2) الحدائق 13 : 417 .
(3) رجال النجاشي : 239 / 635 .
ــ[39]ــ
ولكن نُسب إلى أبي الصلاح القول بالاستحباب(1) ، فكما لايجب عليهما الصوم لا تجب الفدية أيضاً .
وهذا ـ كما ترى ـ مخالف لظاهر الأمر الوارد في الكتاب والسنّة حسبما تقدّم .
نعم ، ربّما يستدلّ له بما رواه الشيخ بإسناده عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء لضعفه ولا يمكنه الركوع والسجود «فقال : ليومئ برأسه إيماءً» إلى أن قال : قلت : فالصيام ؟ «قال : إذا كان في ذلك الحدّ فقد وضع الله عنه ، فإن كانت له مقدرة فصدقة مدّ من طعام بدل كلّ يوم أحبّ إلىّ ، وإن لم يكن له يسار ذلك فلا شيء عليه»(2) .
نظراً إلى أنّ ظاهر التعبير بـ «أحبّ» هو الاستحباب ، وقد استدلّ بها في الجواهر أيضاً لسقوط الصيام عنه(3) .
وكيفما كان ، فالاستدلال المزبور لا بأس به لو لا أنّ السند ضعيف ، فإنّ الكرخي ـ المعبّر عنه تارةً بإبراهيم الكرخي ، واُخرى بإبراهيم بن أبي زياد ، وثالثةً بإبراهيم بن أبي زياد الكرخي ـ مجهول لم يرد فيه أىّ توثيق أو مدح ، فكيف يمكن التعويل عليه في الخروج عن ظواهر النصوص ؟!
على أ نّه لا يبعد القول بعدم التنافي بين قوله : «أحبّ» وبين الوجوب ، لأنّ ظهوره في الاستحباب ليس بتلك المرتبة ، لجواز أن يراد أنّ إطاعة الله أحبّ إليه من معصيته ، لا أنّ تركه جائز ، يعني : بعد أن لم يتمكّن من الصوم الواجب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي في الفقه : 182 .
(2) الوسائل 10 : 212 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 10 ، التهذيب 3 : 307 / 951 .
(3) الجواهر 17 : 146 .
|