ــ[44]ــ
بمدّ من طعام ، والأحوط مدّان (1) .
والأفضل كونهما من حنطة (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويؤيّده التعبير بـ «أحبّ» في رواية الكرخي المتقدّمة(1) ، بناءً على ظهوره في الاستحباب ، وإن كانت ضعيفة السند كما تقدّم في ص 39 ، فلاحظ .
(1) الجهة الثالثة : في تحديد الفدية وأنّها مدّ أو مدّان ، فإنّ الروايات في ذلك مختلفة ، ففي بعضها التحديد بمدّ عن كلّ يوم ، كما في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)(2) .
وفي بعضها الآخر التحديد بمدّين ، كما في صحيحته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام)(3) .
هذا ، ولو كان المروي عنه فيهما شخصاً واحداً لكان لتطرّق احتمال الاشتباه من أحد الناقلين مجالٌ واسع، ولكنّهما شخصان ، فتلك عن الباقر (عليه السلام) ، وهذه عن الصادق (عليه السلام) ، فلابدّ إذن من الجمع ، وقد ذكر له الشيخ وجهين على ما حكاه عنه في الوسـائل ، أحدهما : الحمل على الاستحباب ، والثاني : اختصاص المدّين بالقادر ، والمدّ الواحد بالعاجز .
ولكن الثاني كما ترى ، فإنّه جمع تبرّعي عار عن كلّ شـاهد بعد اتّحاد الروايتين مضموناً بل وعبارةً أيضاً . فالمتعيّن إذن هو الأوّل .
(2) الجهة الرابعة : في جنس الفدية .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 212 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 10 .
(2) الوسائل 10 : 209 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 1 .
(3) الوسائل 10 : 210 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 2 .
ــ[45]ــ
والأقوى وجوب القضاء عليهما ((1)) لو تمكّنا بعد ذلك (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد ورد في غير واحد من الروايات تبعاً للآية المباركة عنوان الطـعام من غير اختصاص بجنس خاصّ ، غير أنّ الوارد في رواية الهاشمي المتقدّمة خصوص الحنطة «قال : تصدّق في كلّ يوم بمدّ حنطة»(2) ، وقد عرفت أنّها ضعيفة السند ، ولا بأس بالعمل بها والحمل على الأفضليّة مع بقاء الإطلاقات على حالها .
(1) الجهة الخامسة : في وجوب القضاء وعدمه لو فُرض عروض التمكّن .
فنقول : نُسبَ إلى المشهور وجوب القضاء ، استناداً إلى عموم قضاء الفوائت وإن لم ترد في المقام حتّى رواية ضعيفة تدلّ على الوجوب .
وخالف فيه جماعة آخرون ـ وهم كثيرون ـ فأنكروا وجوب القضاء وأ نّه ليس عليه إلاّ الفداء ، وهو الصحيح .
ويدلّنا عليه أوّلا : قصور المقتضي ، لعدم صدق الفوت ، فإنّه إنّما يتحقّق بأحد أمرين : إمّا فوت الفريضة المأمور بها ، أو فوت ملاكها الملزم ، وإن شئت فقل : إمّا فوت الواجب الفعلي ، أو الواجب الشأني المستكشف تحقّقه في ظرفه من الأمر بالقضـاء وإن لم يتعلّق به أمر فعلي في الوقت ، لمانع خارجي من حيض أو نفاس أو نوم أو نسيان ونحوها .
والأوّل مفروض الانتفاء في المقام ، إذ لا أمر بالصيام حسب الفرض ، وعلى تقدير القول بالوجوب التخييري ـ الراجع إلى تعلّق الأمر بالجامع بينه وبين
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في القوّة إشكال بل منع .
(2) الوسائل 10 : 211 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 4 .
ــ[46]ــ
الفداء ـ لم يفت منه أىّ شيء أيضاً بعد فرض الإتيان بالفرد الآخر .
والثاني لا سبيل إلى إحرازه من غير ناحية الأمر بالقضاء كما ورد في الموارد المزبورة ، وهو أيضاً مفروض الانتفاء ، لعدم ورود القضاء في المقام حتّى في رواية ضعيفة حسبما عرفت .
إذن فلم يتحقّق الفوت فيما نحن فيه لا بالنسبة إلى التكليف ، ولا بالإضافة إلى الملاك ، ومعه لا موضوع لوجوب القضاء بتاتاً .
وثانياً : إنّ الآية الكريمة في نفسها ظاهرة في نفي القضاء عنه ، لأنّها تضمّنت تقسيم المكلّفين إلى من يجب عليه الأداء وهو الصحيح الحاضر ، أو القضاء وهو المريض أو المسافر ، أو الفداء وهو من لا يطيق . ومن المعلوم أنّ التفصيل قاطع للشركة ، فالآية بمجرّدها كافية في الدلالة على نفي القضاء عن الشيخ والشيخة .
وثالثاً : إنّ صحيحة محمّد بن مسلم صريحة في ذلك ، قال (عليه السلام) فيها : « ... ويتصدّق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام ، ولا قضاء عليهما»(1) .
وحملها على ما إذا لم يتمكّناً من القضاء إلى السنة الآتية كما ترى .
ويؤيّده توصيف الفداء بالإجزاء في صحيحتي عبدالله بن سنان(2) والحلبي(3) ، الكاشف عن أ نّه يجزئ عن الصوم ولا حاجة معه إليه بوجه .
وعلى الجملة : فلم نر أىّ موجب للقضاء ، لقصور المقتضي ، وعلى تقدير تماميّته فظاهر الآية وصريح الصحيحة من غير معارض هو عدم الوجوب وإن كان الاحتياط ممّا لا ينبغي تركه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 209 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 1 .
(2) الوسائل 10 : 211 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 5 .
(3) الوسائل 10 : 212 / أبواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 9 .
|