ــ[113]ــ
[ 2514 ] مسألة 3 : لا يختصّ اعتبار حكم الحاكم((1)) بمقلّديه (1) ، بل هو نافذ بالنسبة إلى الحاكم الآخر أيضاً إذا لم يثبت عنده خلافه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكيفما كان ، فالحكم مطابق للقاعـدة من غير حاجة إلى ورود النصّ ، وتؤيّده مرسلة ابن سنان، قال: صام علي (عليه السلام) بالكوفة ثمانية وعشرين يوماً شهر رمضان ، فرأوا الهلال فأمر منادياً ينادي : اقضوا يوماً ، فإنّ الشهر تسعة وعشرون يوماً»(2) .
(1) قد عرفت الإشكال في نفوذ حكم الحاكم في أمر الهلال ، وعلى تقديره فلا يفرق فيه بين مقلّديه ومقلّدي غيره ، بل حتّى المجتهد الآخر وإن كان أعلم والناس كلّهم مقلّدوه ولا مقلّد لهذا المجتهد الحاكم أصلا ، بمقتضى إطلاق الدليل .
وعلى الجملة : الحاكم مرجع ينفذ حكمه ، إمّا في خصوص مورد التنازع والخصومة أو في مطلق الاُمور العامّة على الكلام المتقدّم ، وعلى التقديرين ينفذ حكمه على الكلّ ، عملا بإطلاق المستند ، إلاّ إذا ثبت خلافه فإنّه لا ينفذ حكمه حينئذ ، ضرورة أ نّه طريق ظاهري محض كسائر الطرق وإن كان يتقدّم على جميعها ما عدا إقرار المحكوم له ، ولا موضوعيّة له بحيث يغيّر الواقع ويستوجب تبدّلا فيه وإن نُسب ذلك إلى بعض العامّة ، فلو ادّعت المرأة الزوجيّة وأنكرها الزوج وترافعا عند الحاكم فحكم بالعدم بمقتضى الموازين الشرعيّة الثابتة لديه ، لا يجوز لمن يقطع بالزوجيّة تزويجها ، لما عرفت من أ نّه طريقٌ لا يغيّر الواقع عمّا عليه بوجه ، فلا جرم تختصّ طريقيّته لغير العالم بالخلاف .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ الكلام فيه [في هذا الفصل ـ الأمر السادس] .
(2) الوسائل 10 : 296 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 14 ح 1 .
ــ[114]ــ
ويدلّ على ذلك ـ أي على كونه حكماً ظاهرياً ـ قوله (عليه السلام) في صحيحة سعد وهشام بن الحكم ـ على رواية الشيخ ـ وسعد بن أبي خلف عن هشام بن الحكم ـ على رواية الكليـني ـ وهي صحيحة على التقديرين ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان ، وبعضكم ألحن بحجّته من بعض ، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له به قطعة من النار»(1) .
وهي صريحة في أنّ حكمه (صلّى الله عليه وآله) المستند إلى الموازين الشرعيّة لا ينفذ في حقّ من يعلم أ نّه قطع له من مال أخيه وأ نّه حينئذ قطعة من النار .
وبالجملة : فإذا ثبت خلاف الحكم كالمثال المتقدّم ، أو ثبت خلاف مستنده ، كما لو تخيّل الحاكم عدالة الشاهد أو تعدّده ونحن نعلم فسقه أو وحدته بحيث لو نبّهنا الحاكم لقبل وتراجع ، لم يكن الحكم نافذاً ، لما مرّ .
نعم ، لو كانت الشبهة حكميّة والمسألة خلافيّة ، كما لو كان الحاكم ممّن يرى قبول شهادة ابن الزنا أو كفاية الشياع الظنّي ، كان حكمه نافذاً حتّى بالنسبة إلى من يخالفه في هذا المبنى ، لأنّ حكمه مطابق للموازين الشرعيّة المقرّرة عنده ، وقد أدّى نظره إلى ذاك المبنى بمقتضى بذل وسعه واجتهاده المستند إلى القواعد الشرعيّة ولم يثبت خلافه لدينا ، لجواز كون الصحيح بحسب الواقع هو ما أدّى إليه نظره ، فلا مقتضي لردّ حكمه بعد إطلاق دليل النفوذ حسبما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 232 / أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب2 ح1 ، الكافي 7 : 414 / 1 ، التهذيب 6 : 229 / 552 .
|