وجوب قضاء الصوم ممّن فاته بشروط - لو شكّ في كون البلوغ قبل الفجر أو بعده 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5311


ــ[146]ــ


فصل

في أحكام القضاء

 
   يجب قضاء الصوم ممّن فاته بشروط، وهي : البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، فلا يجب على البالغ ما فاته أيّام صباه(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هذا الحكم من القطعيّات بل الضروريّات الغنيّة عن تجشّم الاستدلال ، بداهة أنّ القضاء لو كان واجباً على الصبيان بعد بلوغهم لاستقرّ عليه عمل المتشرّعة وكان من الواضحات الأوليّة ولأمر به الأولياء والأئمّة (عليهم السلام) صبيانهم ، مع أ نّه لم يرد أىّ أمر به حتّى على سبيل الاستحباب .

   على أ نّه لا مقتضي له حتّى مع الغضّ عن ذلك ، فانه سبحانه قسّم المكلّفين في قوله تعالى: (يَا أَ يُّهَا ا لَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ) إلخ، إلى ثلاثة أقسام:

   قسم يجب عليه الأداء، وهو الصحيح الحاضر الذي وضع عليه قلم التكليف طبعاً .

   وقسم يجب عليه القضاء ، وهو المريض أو المسافر .

   وقسم ثالث يجب عليهم الفداء ، وهم الذين لا يطيقون الصوم .

   ومعلوم أنّ الصغير خارج عن هذه العناوين ، فإنّ القلم مرفوع عنه يحتلم .

   ثمّ قد ثبت بالأدلّة القاطعة إلحاق جمع بالمريض والمسافر في وجوب القضاء،

ــ[147]ــ

   نعم ، يجب قضاء اليوم الذي بلغ فيه قبل طلوع فجره (1) أو بلغ مقارناً لطلوعه إذا فاته صومه .

   وأمّا لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النهار فلا يجب قضاؤه وإن كان أحوط((1)) (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كمن ترك الصوم عامداً أو ناسياً أو جاهلا عن عذر أو غير عذر بحيث كان المقتضي ثابتاً في حقّه ، غير أ نّه لم يصم لمانع إمّا مع الإثمّ أو بدونه .

   وأمّا الصغير فلم ينهض أىّ دليل على وجوب قضائه بعدما بلغ ، ومقتضى الأصل البراءة عنه .

   (1) بلا إشكال فيه ولا خلاف، لاندراجه بذلك تحت قوله سبحانه : (يَا أَ يُّهَا ا لَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) إلخ ، فإذا كان بالغاً مأموراً بالصوم ولم يصم وجب عليه القضاء بطبيعة الحال ، سواء أكان البلوغ مقارناً للطلوع أم سابقاً عليه ، لوحدة المناط .

   (2) مورد هذا الاحتياط ما لو أفطر أثناء النهار ، إمّا قبل البلوغ أو بعده ، وأمّا إذا لم يفطر بل صام استحباباً فبلغ في النهار وأتمّ صومه فمثله لا يحتمل في حقّه القضاء بتاتاً ، لأنّه إن كان مكلّفاً بالأداء فقد امتثله حسب الفرض ، وإلاّ فلا قضاء عليه حتّى واقعاً ، فمورد الاحتياط غير هذه الصورة جزماً .

   هذا ، والظاهر عدم وجوب القضاء سواء تناول المفطر قبل البلوغ أم بعده ، لعدم صدق الفوت بعد أن كان الصوم واجباً وحدانيّاً ارتباطيّاً محدوداً ما بين الطلوع إلى الغروب ، وهذا لم يكن مكلّفاً به ولو باعتبار فقد شرط البلوغ في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا وجه للاحتياط إذا صام اليوم الذي بلغ فيه .

ــ[148]ــ

   ولو شكّ في كون البلوغ قبل الفجر أو بعده (1) فمع الجهل بتأريخهما لم يجب القضاء ، وكذا مع الجهل بتأريخ البلوغ.

   وأمّا مع الجهل بتأريخ الطلوع بأن علم أ نّه بلغ قبل ساعة ـ مثلا ـ ولم يعلم أ نّه كان قد طلع الفجر أم لا فالأحوط القضاء ، ولكن في وجوبه إشكال((1)) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جزء منه ، فإذا لم يكن مكلّفاً بالصوم ولم يشمله الخطاب في قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) إلخ ، فلم يفت عنه أىّ شيء ، ومعه لا موضوع لوجوب القضاء لو كان قد تناول المفطر .

   كما لا دليل على وجوب الإمساك بعد بلوغه لو لم يكن متناولا .

   وعلى تقدير الالتزام بوجوب الإمساك فلا دليل على وجوب قضائه ، فإنّ الثابت بحسب الأدلّة إنّما هو قضاء الصوم لا قضاء الإمساك الواجب عليه خلال بضع ساعات وإن لم يكن صوماً ، فالاحتياط المزبور وإن كان حسناً هنا إلاّ أ نّه غير لازم المراعاة حسبما عرفت .

   (1) قد يفرض الشكّ في تأريخ كلّ من البلوغ والطلوع، واُخرى يكون أحدهما معلوم التأريخ .

   أمّا في صورة الجهل بالتأريخين فلا مجال لشيء من الاستصحابين ، إمّا لعدم المقتضي لجريانهما كما هو خيرة صاحب الكفاية (قدس سره)(2) ، أو لوجود المانع وهو التعارض الموجب للتساقط . وعلى التقديرين فلم يحرز تكليفه بالصوم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) والأظهر عدمه .

(2) كفاية الاُصول : 419 .

ــ[149]ــ

ليجب القضاء لو أفطر ، ومقتضى الأصل البراءة عنه .

   وأوضح حالا ما لو كان تأريخ الفجر معلوماً ، لجريان استصحاب عدم البلوغ إلى ما بعد الطلوع المنتج لعدم الوجوب من غير معارض .

   وأمّا لو انعكس الأمر فكان تأريخ البلوغ معلوماً دون الطلوع . فبناءً على ما هو الحقّ من عدم الفرق في تعارض الاستصحابين في الحادثين المتعاقبين بين الجهل بالتأريخـين ، أو العلم بأحدهما ، نظراً إلى أنّ المعلوم وإن لم يجر فيه الاستصحاب بالنظر إلى عمود الزمان لعدم الشكّ فيه ، إلاّ أ نّه بالقياس إلى الزمان الواقعي للحادث الآخر فهو طبعاً مشكوك التقدّم عليه والتأخّر عنه . فلا مانع من جريان الاستصحاب بهذه العناية ، ولا أساس للتفصيل بين المعلوم والمجهول كما فصّلنا البحث حوله مستقصىً في الاُصول(1) .

   فعلى هذا المبنى جرى عليه حكم مجهولي التأريخ وقد تقدّم .

   وأمّا على المبنى الآخر والالتزام بعدم الجريان في المعلوم بتاتاً فاستصحاب عدم طلوع الفجر إلى ما بعد البلوغ وإن كان سليماً وقتئذ عن المعارض ، إلاّلا أثر له ، إذ لا يثبت به كونه بالغاً حال الفجر ليجب عليه الصوم ويجب قضاؤه لو فاته، فإنّه من أو ضح أنحاء الاُصول المثبتة التي لاتقول بحجّيّتها ، فالاستصحاب المزبور غير جار في نفسه، ومعه كانت أصالة البراءة عن وجوب القضاء محكّمة .

   والحاصل : أنّ الأثر مترتّب على البلوغ حال الفجر لا على عدم الفجر حال البلوغ ، ولا يكاد يثبت الأوّل بالاستصحاب الجاري في الثاني إلاّ على القول بالأصل المثبت .

   فتحصّل : أنّ في شيء من فروض الشكّ لا يجب القضاء ، وإنّما يجب فيما إذا أحرز البلوغ قبل الفجر أو عنده وقد أفطر أو لم ينو الصوم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 203 ـ 206 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net