وجوب القضاء على المرتدّ ما فاته أيّام ردّته - وجوب القضاء على من فاته الصوم لسُكر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4094


ــ[160]ــ

   [ 2522 ] مسألة 1: يجب على المرتدّ قضاء ما فاته أيّام ردّته، سواء كان عن ملّة أو فطرة(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من لم يكن مكلّفاً به من الأوّل كما لو بلغ الصبي أثناء النهار ـ فلا دليل على وجوب الإمساك بالإضافة إليه .

   وبالجملة : فعلى المسلك المشهور ينبغي القول بوجوب الإمساك بقيّة النهار حتّى لو كان إسلامه قبل الغروب بساعة أو أقلّ ، لكونه مكلّفاً بالصوم من الأوّل وقد تركه باختياره حسبما عرفت .

   (1) بلا خلاف فيه ، واستدلّ له في الجواهر(1) بعموم : «من فاتته فريضة فليقضها» . ولكنّه مرسل لم يُذكَر إلاّ في بعض الكتب الفقهيّة ، والظاهر أ نّه لا أساس له .

   نعم ، ورد في باب الصلاة أنّه : «يقضي ما فاته كما فاته» إلخ(2) . ولكنّه أجنبي عن محلّ الكلام ، ولم نعثر على رواية معتبرة تتضمّن الأمر بقضاء ما فات بصورة عامّة بحيث تشمل الصوم الفائت مطلقاً ليتمسّك بها في المقام .

   إذن فعمدة المستند في وجوب القضاء على المرتدّ شمول أدلّة التكاليف له كغيره من المسلمين ، فكما أنّهم مأمورون بالصلاة والصيام وغيرهما من سائر الأحكام وبالقضاء لدى فواتها ، فكذا المرتدّ بعد قدرته على امتثالها بأن يتوب ويرجع إلى ما كان عليه .

   والنزاع المعروف ـ في أنّ الكفّار مكلّفون بالفروع كالاُصول أو لا ـ غير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 17 : 15 .

(2) الوسائل 8 : 268 /  أبواب قضاء الصلوات ب 6 ح 1 .

 
 

ــ[161]ــ

جار في المرتدّ يقيناً ، إذ لا موجب ولا وجه كما لا قائل بسقوط التكليف بالارتداد ، بل هو مكلّف فعلا كما كان مكلّفاً بالفروع سابقاً بمقتضى إطلاقات الأدلّة ، حتّى الفطري منه ، بناءً على ما هو الصحيح من قبول توبته واقعاً وإن لم تُقبل ظاهراً ، بمعنى : أنّ آثار الارتداد من القتل وبينونة الزوجة وتقسيم التركة بين الورثة لن ترتفع بالتوبة ، وأمّا فيما بينه وبين ربّه فلا مانع من قبول توبته وغفران زلله مع عظيم جرمه وذنبه ، فإنّ عفو ربّه أعظم ورحمته أشمل وأتمّ ، فيكون وقتئذ مشمولا للأحكام الإسلاميّة كما كان مأموراً بها سابقاً بعد أن كان قادراً عليها بالقدرة على مقدّمتها وهي التوبة حسبما عرفت .

   وأمّا المرتدّ الملّي فالأمر فيه أوضح، لقبول توبته ظاهراً وواقعاً، فإنّه يستتاب ثلاثة أيّام ، فإن تاب كان كسائر المسلمين وإلاّ قُتل .

   إذن فالمرتدّ ـ بقسميه ـ وغيره سيّان تجاه الأحكام الشرعيّة التي منها القضاء إمّا وحده أو مع الكفّارة حسب اختلاف الموارد ، بمقتضى إطلاق الأدلّة ، فإنّها غير قاصرة الشمول له .

   وما في الحدائق من زعم القصور ، بدعوى أ نّه فرد نادر ينصرف عنه الإطلاق(1) .

   كما ترى ، بداهة أنّ الفرد النادر لا يختصّ به المطلق ، فلا يمكن تنزيله عليه ، لا أ نّه لا يشمله ، إذ لا مانع من شمول المطلق حصصاً وأصنافاً يكون بعضها نادر التحقّق .

   وعليه ، فكلّ من وجب عليه الصوم ـ ومنه المرتدّ بمقتضى الإطلاق ـ تجب عليه الكفّارة والقضاء لو أفطر متعمّداً ، أو القضاء فقط كما في موارد اُخر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 13 : 297 .

ــ[162]ــ

   بل يجب القضاء على المرتدّ وإن لم يرتكب شيئاً من المفطرات ، لعدم كونه ناوياً للصوم الذي هو أمر عبادي يعتبر قصده على الوجه الشرعي ، حيث عرفت سابقاً أنّ الإخلال بالنيّة أيضاً من موجبات القضاء ، فإنّه وإن لم يتضمّن إخلالا بذات الصوم ولكنّه إخلال بالصوم المأمور به كما ورد النصّ في بعض موارده ، التي منها : «من صام يوم الشك بنيّة رمضان»(1) .

   وكيفما كان ، فلا تحتاج المسألة إلى مزيد بيّنة وبرهان بعد أن كان المرتدّ وغيره سيّان في المشموليّة للأحكام ، من غير دليل مخرج ، عدا توهّم شمول النصوص النافية للقضاء عن الكافر متى أسلم للمقام ، الذي لا ريب في فساده بعد وضوح انصرافها إلى الكافر الأصلّى الذي يحدث فيه الإسلام ، لا مثل المقام الذي مورده الرجوع إلى الإسلام لا حدوثه فيه، فإنّه غير مشمول لتلك الأخبار كما لا يخفى .

   وما في الحدائق أيضاً من عدم تمكّن المرتدّ من القضاء ، لكونه محكوماً بالقتل إمّا ابتداءً كالفطري، أو بعد الاستنابة ثلاثة أيّام كالملّي، فكيف يمكن تكليفه به(2) ؟!

   مردودٌ بما لا يخفى ، لوضوح أنّ المحكوميّة أعمّ من الوقوع ، فربّما لا يتحقّق القتل خارجاً، لعدم السلطة عليه كما في زماننا فيبقى سنين ، أو يُفرض الكلام في المرأة التي لا تُقتل بالارتداد بل تُحبس وتُضرب ويضيَّق عليها حتّى ترجع إلى الإسلام .

   وعليه ، فحال المرتدّ حال غيره ممّن اشتغلت ذمّته بالقضاء في وجوب تفريغها عنه مع التمكّن، فإن بقي حيّاً وجب، وإن قُتل سقط عنه، لا لعدم المقتضي ، بل لوجود المانع وهو العجز ، إذ لا تكليف بعد القتل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ الوسائل 10 : 25 /  أبواب وجوب الصوم ونيته ب 6 ح 1 .

(2) الحدائق 13 : 298 .

ــ[163]ــ

   [ 2523 ] مسألة 2 : يجب القضاء على من فاته لسُكر (1) ، من غير فرق بين ما كان للتداوي أو على وجه الحرام .
ــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) يظهر الحال هنا ممّا تقدّم في الإغماء .

   فإنّا إذا بنينا على أنّ السكر كالإغماء لا ينافي الصوم وأنّ حاله حال النوم فلا إشكال في الصحّة فيما إذا كان مسبوقاً بالنيّة ، ومعه لم يفت عنه شيء كي يجب قضاؤه كما هو واضح .

   وأمّا إذا بنينا على المنافاة وأنّ السكر مانع كالجنون ـ كما هو الأظهر ـ فلا جرم يبطل صومه ولا أثر لسبق النيّة ، سواء أكان معذوراً فيه كما لو شربه قبل الفجر خطأً أو للتداوي أم كان آثماً ، فإذا بطل وجب قضاؤه كما في غيره من سائر الموانع على ما يستفاد من عدّة من الأخبار من أنّ من كان مأموراً بالصوم ولم يصم أو أتى به على غير وجهه وجب عليه القضاء ، ولم ينهض دليل في المقام على أنّ السكران لا يقضي ، كما ثبت مثله في المجنون والمغمى عليه حسبما تقدّم .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net