ــ[177]ــ
[ 2530 ] مسألة 9 : لو كان عليه قضاء من رمضانين فصاعداً يجوز قضاء اللاحق قبل السابق(1)، بل إذا تضيّق اللاحق بأن صار قريباً من رمضان آخر كان الأحوط((1))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، قد يمتاز أحدهما عن الآخر بأمر خارجي وأثر جعلي ، كما لو جعل لأحد الدينين رهناً أو لأحد القضاءين نذراً ، فنذر من فاته يومان من شهر رمضان أن لا يؤخّر قضاء اليوم الثاني عن شهر شوّال ـ مثلا ـ ففي مثله لا مناص من تعلّق القصد بما له الأثر في حصول ذلك الأثر وترتّبه خارجاً من فكّ الرهن أو الوفاء بالنذر ، إذ لو أدّى الدين أو قضى الصوم من غير قصد تلك الخصوصيّة فهو طبعاً يقع عمّا هو أخفّ مؤنةً ، وهو الطبيعي المنطبق قهراً على العاري عن تلك الخصوصيّة ، فلا يحصل به الفكّ ولا البرّ بالنذر .
والحاصل : أ نّه لا امتياز في نفس الطبيعة في أمثال المقـام ، وإنّما هو لأمر خارجي قد يكون وقد لا يكون ، فلا يلزم قصد الخصوصيّة في سقوط الطبيعة نفسها وإن احتيج لها لتلك الجهة الخارجيّة .
وهذا سار في كلّ طبيعة وجبت على المكلّف لسببين من غير لحاظ قيد في البين من الواجبات التعبّديّة وغيرها ، فإنّه يكفي في الامتثال تعلّق القصد بنفس الطبيعة من غير لزوم رعاية الترتيب ولا قصد ما اشتغلت به الذمّة أوّلا ، لخروج كلّ ذلك عن حريم المأمور به ، كما ذكرنا ذلك فيمن اتّفق له موجبان أو أكثر لسجدتي السهو وما شاكل ذلك .
(1) لعين المناط المتقدّم في المسألة السابقة ، فلاحظ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سيجيء من الماتن (قدس سره) أ نّه لا دليل على حرمة التأخير ، وهو الصحيح .
ــ[178]ــ
تقديم اللاحق(1) ، ولو أطلق في نيّته انصرف إلى السابق(2) ، وكذا في الأيّام (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رعايةً للقول بالتضييق ووجوب البدار إلى القضاء قبل مجيء الرمضان الثاني .
(2) هذا صحيح ، لكن لا من جهة الانصراف على حدّ انصراف اللفظ إلى معناه، ضرورة عدم خصوصيّة لأحد الرمضانين بما هما كذلك كي تنصرف النيّة إليه ـ حسبما تقدّم ـ بل لأجل أنّ الثاني يمتاز بخصوصيّة خارجيّة زائدة على نفس الطبيعة وهي التضييق ـ على القول به ـ أو الكفّارة ، وما لم يقصد يكون الساقط هو الطبيعي الجامع المنطبق ـ طبعاً ـ على الفاقد لتلك الخصوصيّة الذي هو الأخفّ مؤنةً وهو الرمضان الأول ، إذ يصدق حقيقةً عند مجيء الرمضان الآتي أ نّه لم يقصد قضاء شهر رمضان من هذه السنة فتثبت عليه الكفّارة .
نظير ما تقدّم من استدانة درهم ثمّ استدانة درهم آخر وله رهن ، حيث عرفت أ نّه ما لم يقصد الثاني في مقام الوفاء لا يترتّب عليه فكّ الرهن ، وإنّما تفرغ الذمّة عن طبيعي الدرهم المدين المنطبق ـ طبعاً ـ على العاري عن خصوصيّة الرهن ، إذ الساقط في كلا الموردين إنّما هو الكلّي بما هو كلّي لا بما فيه من الخصوصيّة ، بل هي تبقى على حالها . وهذا هو منشأ الانصراف في أمثال المقام .
(3) أي فتنصرف النيّة فيها أيضاً إلى السابق ، وهو وجيه لو تضمّن اللاّحق خصوصيّة بها تمتاز عن السابق ـ على حذو ما مرّ ـ وإلاّ فلا معنى للانصراف بعد أن لم يكن بينهما تمييز حتّى واقعاً ، وإنّما هما فردان من طبيعة واحدة كما تقدّم .
ــ[179]ــ
[ 2531 ] مسألة 10 : لا ترتيب بين صوم القضاء وغيره من أقسام الصوم الواجب كالكفّارة والنذر ونحوهما (1) . نعم ، لا يجوز التطوّع بشيء لمن عليه صوم واجب (2) كما مرّ . ـــــــــــــــــــــــــ
(1) لعدم الدليل عليه وإن نُسب إلى ابن أبي عقيل المنع من صوم النذر أو الكفّارة لمن عليه قضاء عن شهر رمضان(1) ، فإنّه غير ظاهر الوجه ، والمتّبع إطلاقات الأدلّة المطابقة لأصالة البراءة بعد فقد الدليل على شرطيّة الترتيب حسبما عرفت .
(2) إمّا مطلقاً أو خصوص قضاء شهر رمضان على الخلاف المتقدّم الذي مرّ البحث حوله في المسألة الثالثة من فصل شرائط صحّة الصوم ، فلاحظ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رسالتان مجموعتان من فتاوى العلمين : (فتاوى ابن أبي عقيل) : 82 ، ونسبه في الحدائق 13 : 318 ـ 319 .
|