ــ[181]ــ
[ 2533 ] مسألة 12 : إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس ومات فيه لم يجب القضاء عنه (1) ، ولكن يستحبّ النيابة((1)) عنه في أدائه ، والأولى أن يكون بقصد إهداء الثواب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتّى اختياراً ، كما أنّ صوم يوم الشكّ بنيّة شعبان يحسب من رمضان ، سواء أكان الانكشاف قبل الزوال أم بعده أم بعد الغروب ، بمقتضى النصوص .
(1) سواء أكان الموت في شهر رمضان أم بعده مع استمرار العذر بحيث لم يتمكّن من القضاء ، ويدلّ عليه في المريض عدّة من الروايات :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم : عن رجل أدركه رمضان وهو مريض فتوفّي قبل أن يبرأ «قال : ليس عليه شيء ولكن يُقضى عن الذي يبرأ ثمّ يموت قبل أن يقضي»(2) .
وصحيحة منصور بن حازم : عن المريض في شهر رمضان فلا يصحّ حتّى يموت «قال : لا يقضى عنه» إلخ(3) .
وموثّقة سماعة : عن رجل دخل عليه شهر رمضان وهو مريض لا يقدر على الصيام فمات في شهر رمضان أو في شهر شوّال «قال : لا صيام عليه ولا يقضى عنه» إلخ(4) ، وغيرها .
وفي الحائض والنفساء ذيل روايتي منصور وسماعة المتقدّمتين وغيرهما .
فالحكم في الجملة ممّا لا إشكال فيه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لم يثبت الاستحباب .
(2) الوسائل 10 : 329 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 2 .
(3) ، (4) الوسائل 10 : 332 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 9 ، 10 .
ــ[182]ــ
إنّما الكلام في أنّ نفي القضاء هل هو لعدم الوجوب فلا مانع من استحباب النيابة عنه ، أو أ نّه أمر غير مشروع ؟
اختار الماتن الأوّل ، وأنّ الساقط إنّما هو الوجوب ، فيستحبّ القضاء عنه ، وإن كان الأولى أن يصوم عن نفسه ثمّ يهدي ثوابه إليه .
ولكن الظاهر من هذه الروايات سقوط القضاء رأساً وأنّ ذمّة الميّت غير مشغولة أصلا، وحاله حال المجنون والمغمى عليه ونحوهما ممّن لم يفت عنه شيء، لتفرّعه على التمكّن ولا تمكّن . فالسؤال والجواب ينظران إلى المشروعيّة ، وإلاّ فاحتمال الوجوب منفي قطعاً إلاّ بالنسبة إلى الولي وأنّه يقضي عن أبيه أو اُمّه على كلام سيأتي ، وأمّا سائر الناس ـ كما هو منصرف السؤال في هذه الأخبار ـ فلم يكن ثمّة احتمال الوجوب كي تتكفّل الروايات لنفيه ، فهي ظاهرة في نفي المشروعية جزماً .
وتدلّ عليه صريحاً صحيحة أبي بصير : عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوّال فأوصتني أن أقضي عنها «قال : هل برئت من مرضها ؟» قلت: لا ، ماتت فيه «قال : لا يُقضى عنها ، فإنّ الله لم يجعله عليها» قلت : فإنِّي أشتهي أن أقضي عنها وقد أو صتني بذلك «قال : كيف تقضي عنها شيئاً لم يجعله الله عليها ؟! فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم»(1) .
حيث علّل (عليه السلام) عدم القضاء بأنّ الله لم يجعله عليها، وهو كالصريح في عدم المشروعيّة .
إذن فالفتوى بالاستحباب كما صنعه في المتن مشكلة جدّاً .
ومن المعلوم أنّ أدلّة النيابة والقضاء عن الغير أجنبيّة عن محلّ الكلام ، إذ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 332 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 12 .
ــ[183]ــ
هو فرع اشتغال ذمّة الغير وصدق الفوت عنه ليستناب ويُقضى عنه ، وإلاّ فهل يمكن التمسّك بتلك الأدلّة لإثبات القضاء عن المجنون أو المغمى عليه ؟ ! فحال المريض والحائض والنفساء العاجزين عن القضاء إلى أن عرض الموت حال هذين في عدم التكليف عليهم رأساً ، فلم يفت عنهم شيء أصلا ، ومعه كيف يُقضى ويؤتى بالعمل النيابي بداعي سقوط ما في ذمّة الغير الذي هو معنى النيابة ، فإنّه إذا لم يكن في ذمّته شيء فكيف يقصد النيابة ؟ !
نعم ، لا بأس بالصوم عن نفسه وإهداء الثواب إلى الميّت كما ذكره في المتن ، ويشير إليه ذيل الصحيحة المتقدّمة ، فلاحظ .
ثمّ إنّه يظهر من تخصيص عبارة المتن بالمريض والحائض والنفساء أنّ الحكم لا يعمّ المسافر فيُقضى عنه لو سافر في شهر رمضان ومات فيه أو بعده قبل أن يحضر بلده ، فيختصّ الاستثناء عمّا ذكره سابقاً من لزوم القضـاء عمّن فاته الصوم بالطوائف الثلاث فحسب ، فلا يلحق بهم المسافر .
ولكن قد يقال بالإلحاق ، لروايتين :
إحداهما : مرسلة ابن بكير : في رجل يموت في شهر رمضان ـ إلى أن قال : ـ «فإن مرض فلم يصم شهر رمضان ثمّ صحّ بعد ذلك ولم يقضه ، ثمّ مرض فمات ، فعلى وليّه أن يقضي عنه ، لأنّه قد صحّ فلم يقض ووجب عليه»(1) .
فإنّ تعليل القضاء بقوله : «لأنّه قد صح» . . . إلخ ، يكشف عن أنّ مورده من كان متمكّناً منه فلم يقض ، فيستفاد منه سقوطه عمّن لم يكن متمكّناً منه ، فيعمّ المسافر الذي مات قبل أن يتمكّن من القضاء .
وفيه ما لايخفى ، فإنّه حكم مختصّ بمورده وهو المريض ، فقسّمه إلى قسمين :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 333 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 13 .
ــ[184]ــ
قسم استمرّ به المرض فلا يُقضى عنه ، وقسم برئ منه وصحّ ولم يقض فمرض ومات فيُقضى عنه ، فلا وجه للتعدّي عن مورده إلى كلّ من تمكّن ولم يقض كالمسافر كما لا يخفى .
على أنّها ضعيفة السند بالإرسال ، فلا تصلح للاستدلال .
الثانية : صحيحة أبي بصير المتقدّمة ، فإنّ مقتضى عموم التعليل في قوله (عليه السلام) : «فإنّ الله لم يجعله عليها» أنّ كلّ من لم يجعل الله عليه ذلك ومنه المسافر لا يُقضى عنه .
ويندفع : بأنّه إنّما يتّجه لو كان مرجع الضمير في قوله (عليه السلام) : «لم يجعله» هو الصوم ، ولم يثبت ، بل لا يمكن المساعدة عليه ، للزوم تخصيص الأكثر ، فإنّ كثـيراً ممّن لم يجعل الله الصوم عليه يجب عليه أو عنه القضاء كالحائض والنفساء والمريض والمسافر إذا تمكّنوا من القضاء ، فالظاهر أنّ مرجع الضمير هو القضاء ، ويستقيم المعنى حينئذ ، وهو أنّ كلّ من لم يجعل الله عليه القضاء فلا يُقضى عنه، لأنّ القضاء عنه فرع ثبوت القضاء عليه ، والمريض لا قضاء عليه بمقتضى النصوص المتقدّمة ، وأمّا المسافر فلم يرد فيه مثل تلك النصوص ، بل مقتضى إطلاق الآية المباركة وجوب القضاء ، فإن تمكّن يأتي به مباشرةً ، وإلاّ فيُقضى عنه .
ولو تنازلنا وسلّمنا أنّ للروايتين إطلاقاً يعمّ المسافر فلابدّ من رفع اليد عنه، للروايات الدالّة على وجوب القضاء عن المسافر الذي مات في سفره ، وهي :
موثّقـة محمّد بن مسلم : في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج رمضان ، هل يُقضى عنها ؟ «فقال : أمّا الطمث والمرض فلا ، وأمّا السفر فنعم»(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 334 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 16 .
|