ــ[195]ــ
[ 2535 ] مسألة 14 : إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل كان متعمّداً في الترك (1) ولم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر ، وجب عليه الجمع بين الكفّارة والقضاء بعد الشهر .
وكذا إن فاته لعذر ولم يستمرّ ذلك العذر بل ارتفع في أثناء السنة ولم يأت به إلى رمضان آخر متعمّداً وعازماً على الترك أو متسامحاً واتّفق العذر عند الضيق ، فإنّه يجب حينئذ أيضاً الجمع .
وأمّا إن كان عازماً على القضاء بعد ارتفاع العذر فاتّفق العذر عند الضيق فلا يبعد كفاية القضاء((1)) ، لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أيضاً .
ولا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تعرّض (قدس سره) في هذه المسألة لحكم من لم يستمرّ به العذر ، بل ارتفع أثناء السنة ولم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر ، وقسّمه إلى ثلاثة أقسام :
إذ تارةً : يكون عازماً على الترك إمّا عصياناً ، أو لبنائه على التوسعة في أمر القضاء وعدم المضايقة .
واُخرى : يكون متسامحاً لا عازماً على الفعل ولا على الترك واتّفق العذر عند الضيق .
وثالثةً: يكون عازماً على القضاء بعد ارتفاع العذر، فاتّفق العذر عند الضيق .
أمّا في القسمين الأولين : فلا إشكال في وجوب الجمع بين القضاء والكفّارة ، لصحيحة محمّد بن مسلم : « ... إن كان برئ ثمّ توانى قبل أن يدركه الرمضان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يخلو من إشكال ، بل لا يبعد وجوب الفدية أيضاً .
ــ[196]ــ
الآخر صام الذي أدركه وتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على مسكين وعليه قضاؤه» إلخ(1) .
وصحيحة زرارة : « ... فإن كان صحّ فيما بينهما ولم يصم حتّى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعاً ويتصدّق عن الأوّل»(2) ، المؤيّدتين برواية أبي بصير(3) .
وأمّا في القسم الثالث : فلم يستبعد في المتن الاكتفاء بالقضاء ، فكأنّه استفاد من الأدلّة أنّ الموضوع للفداء والموجب له هو التسامح وعدم المبالاة بالقضاء والتهاون فيه ، كما صرّح بالأخير في رواية أبي بصير : « ... فإن تهاون فيه وقد صحّ فعليه الصدقة والصيام جميعاً» إلخ(4) ، لا مجرّد الترك . ومن الواضح عدم صدق ذلك مع العزم على القضاء .
وفيه أوّلا : أنّ رواية أبي بصير ضعيفة السند بالراوي عنه ، وهو قائده علي ابن أبي حمزة البـطائني ، فقد ضعّفه الشيخ صريحاً وأنّه كذّاب أكل من مال موسى (عليه السلام) الشيء الكثير، ووضع أحاديث في عدم موته (عليه السلام) ليتمكّن من التصرّف في أمواله (عليه السلام)(5) .
وثانياً : بقصور الدلالة ، فإنّ التهاون بمعنى التأخير في مقابل الاستعجال المجامع مع العزم على الفعل فاتّفق العذر ، فلا يدلّ بوجه على عدم المبالاة فضلا عن العزم على الترك .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 10 : 335 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 1 ، 2 .
(3) الوسائل 10 : 337 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 6 .
(4) الوسائل 10 : 337 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 6 .
(5) كتاب الغيبة : 70 .
ــ[197]ــ
على أنّ صحيحة ابن مسلم ظاهرة في الإطلاق ، لقوله (عليه السلام) : «إن كان برئ ثمّ توانى» إلخ ، فإنّ التواني ظاهر في التأخير في قبال المبادرة ، وهذا كما يجـتمع مع العزم على الترك أو التردّد يجـتمع مع العزم على الفعل أيضاً بالضرورة ، فمفاد الصحيحة أ نّه إن كان قد استمرّ به المرض ليس عليه حينئذ إلاّ الفداء ، وإلاّ بأن برئ وأخّر فالقضاء أيضاً بأىّ داع كان التأخير ولو لأجل سعة الوقت مع عزمه على الفعل .
ولو فرضنا إجمال هذه الصحيحة فتكفينا صحيحة زرارة ، فإنّها صريحة في أنّ الموضوع للحكم المزبور ـ أعني : القضاء والفداء معاً ـ مجرّد عدم الصوم ، قال (عليه السلام) : «فإن كان صحّ فيما بينهما ولم يصم حتّى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعاً وتصدّق عن الأوّل»(1) .
ونحوها في صراحة الدلالة على الإطلاق وأنّ المناط في الحكم مجرّد عدم الصوم موثّقة سماعة : عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان آخر قبل ذلك لم يصمه «فقال : يتصدّق بدل كلّ يوم من الرمضان الذي كان عليه بمدّ من طعام ، وليصم هذا الذي أدركه ، فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه» إلخ(2) .
دلّت على وجوب الجمع بين القضـاء والفداء مطلقاً ، خرج عنها صورة واحدة وهي ما لو استمرّ المرض فإنّه لا يجب حينئذ إلاّ الفداء فقط بمقتضى النصوص المتقدّمة ، فيبقى الباقي تحت الإطلاق ، وأنّ مجرّد عدم الصوم لدى عدم الاسـتمرار موجب للقضاء والكفارة ، سواء أكان عازماً على الترك أم متردّداً أم عازماً على الفعل حسبما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 335 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 2 ، وقد تقدّمت قريباً .
(2) الوسائل 10 : 336 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 25 ح 5 .
ــ[198]ــ
فتحصّل ممّا ذكر في هذه المسألة وسابقتها (1) : أنّ تأخير القضاء إلى رمضان آخر إمّا يوجب الكفّارة فقط وهي الصورة الاُولى المذكورة في المسألة السابقة ، وإمّا يوجب القضاء فقط وهي بقيّة الصور المذكورة فيها ، وإمّا يوجب الجمع بينهما وهي الصور المذكورة في هذه المسألة .
نعم ، الأحوط الجمع في الصور المذكورة في السابقة أيضاً كما عرفت .
[2536] مسألة 15 : إذا استمرّ المرض إلى ثلاث سنين (2) ـ يعني : الرمضان الثالث ـ وجبت كفّارة للاُولى وكفّارة اُخرى للثانية ، ويجب عليه القضاء للثالثة إذا استمرّ إلى آخرها ثمّ برئ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل قد تحصّل ممّا ذكرناه فيهما أنّ تأخير القضاء إلى رمضان آخر يوجب الجمع بين القضاء والفداء ، ما عدا صورة واحدة وهي ما لو كان العذر استمرار المرض سواء أكان الفوت لأجل المرض أم السفر على الأظهر حسبما عرفت مستقصىً ، فلاحظ .
(2) المستفاد من ظواهر الأدلّة أنّ تأخير القضاء عن السنة الاُولى لا يوجب إلاّ كفارة واحدة ، سواء أصام في السنة الثانية أم أخّر القضاء سنين عديدة ، بمقتضى الإطلاق ، فلا تتكرّر الكفّارة بتكرّر السنين وإن نُسب ذلك إلى العلاّمة في بعض كتبه وإلى الشيخ في المبسوط(1) ، ولكن لا دليل عليه .
نعم ، لو استمرّ به المرض في السنة الثانية أيضاً فحيث إنّه حدث حينئذ موجب جديد الكفّارة وجبت عليه كفّارة اُخرى ، ولو استمرّ في الثالثة فكذلك ، وهكذا فيجري على كلّ سنة حكمها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التذكرة 6 : 173 ، المبسوط 1 : 186 .
ــ[199]ــ
وإذا استمرّ إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضاً ويقضي للرابعة إذا استمرّ إلى آخرها، أي الرمضان الرابع.
وأمّا إذا أخّر قضاء السنة الاُولى إلى سنين عديدة فلا تتكرّر الكفّارة بتكرّرها ، بل تكفيه كفارة واحدة .
|