ــ[210]ــ
لعذر من مرض أو سفر أو نحوهما ، لا ما تركه عمداً أو أتى به وكان باطلا من جهة التقصير في أخذ المسائل (1) ، وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه((1)) وإن كان من جهة الترك عمداً .
نعم ، يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض أن يكون قد تمكّن في حال حياته من القضاء وأهمل ، وإلاّ فلا يجب ، لسقوط القضاء حينئذ كما عرفت سابقاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الترجيح ، لا ريب أنّ الترجيح مع نصوص القضاء ، لمخالفتها للعامّة ، فما ذكره ابن أبي عقيل لا يمكن المساعدة عليه بوجه .
(1) الجهة الثانية : بعد الفراغ عن أصل الوجوب ، فهل يختصّ الحكم بمن فات عنه الصوم لعذر من مرض أو سفر أو حيض أو نفاس ـ على تقدير شمول الحكم للاُمّ ـ ونحو ذلك ، أو يعمّ مطلق الترك ولو عامداً أو لكون صومه باطلا لجهل ولو عن تقصير ؟
المشهور ما ذكره في المتن من الاختصاص ووجهه غير ظاهر ، فإنّ جملة من الروايات وإن وردت في المعذور من مرض أو سفر ـ كموثّقة أبي بصير(2) ومرسلة ابن بكير(3) ـ إلاّ أنّ ذلك موردٌ لها لا أنّ الحكم مقيَّد به ، ولا ريب أنّ المورديّة لا تستدعي التخصيص ، على أنّ الثانية مرسلة .
إذن فليس في البين ما يمنع عن التمسّك بإطلاق بعض النصوص ، مثل صحيحة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يترك .
(2) الوسائل 10: 332 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 11 .
(3) الوسائل 10 : 333 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 13 .
ــ[211]ــ
حفص بن البختري عن أبي عبدالله (عليه السلام): في الرجل يموت وعليه صلاة أو صـيام «قال : يقضي عنه أولى الناس بميراثه»(1) ، فإنّها تدلّ بمقتضى ترك الاستفصال على الإطلاق وشمول الحكم للمعذور وغيره، ونحوها مكاتبة الصفّار(2).
ودعوى أنّ الإطلاق منصرف إلى الغالب ومنزّل عليه ، حيث إنّ الغالب في الترك أن يكون لعذر .
غير مسموعة ، لمنع الغلبة أوّلا ، فإنّ الترك متعمّداً ولا أقلّ في أوائل الشـباب أيضاً كثيرٌ وإن كان غيره أكثر ، ولو سُلّم فليسـت بحيث توجب الانصراف وتمنع عن الإطلاق كما لا يخفى .
فلم يبق إلاّ مجرّد الاستبعاد وأنّه كيف يجب على الولد قضاء ما تركه أبوه عامداً ؟ ! ولكنّه لا يصلح مدركاً حكم شرعي بعد مساعدة الدليل ، ومن الجائز أن يكون ذلك أداءً لبعض حقوق الوالد أو الوالدين العظيمة .
نعم ، إنّما يجب القضاء فيما إذا كان القضاء واجباً على الميّت نفسـه بأن كان متمكّناً ولم يقض وإلاّ فلا، لأ نّه متفرّع عليه ومتلقّى منه ، كما دلّت عليه صحيحة محمّد بن مسلم: عن رجل أدركه رمضان وهو مريض فتوفّي قبل أن يبرأ «قال: ليس عليه شيء ، ولكن يُقضى عن الذي يبرأ ثمّ يموت قبل أن يقضي»(3) .
وأصرح منها صحيحة أبي بصير : عن امرأة مرضت في شهر رمضان ... إلى أن قال (عليه السلام) : «كيف تقضي عنها شيئاً لم يجعله الله عليها ؟! »(4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 330 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 5 .
(2) الوسائل 10 : 330 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 3 .
(3) الوسائل 10 : 329 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 2 .
(4) الوسائل 10 : 332 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 12 .
ــ[212]ــ
ولا فرق في الميّت بين الأب والاُمّ (1) على الأقوى ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجهة الثالثة : هل يختصّ الحكم بما فات عن الوالد أو يعمّ الوالدين ؟
ذهب جماعة منهم الماتن إلى التعميم .
ويستدلّ لهم بروايتين :
إحداهما صحيحة أبي حمزة : عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سـافرت فماتت قبل خروج شهر رمضـان ، هل يُقضى عنها ؟ «قال : أمّا الطمث والمرض فلا ، وأمّا السفر فنعم»(1) .
والاُخرى موثّقة محمّد بن مسلم(2) التي هي بمضمونها، ولكن موردهما مطلق المرأة ، ولا نظر فيهما إلى الولي ، فهما في مقام بيان أصل المشروعيّة لا الوجوب ، نظير ما تضمّنته صحيحة أبي بصير .
وأمّا بقيّة الروايات فكلّها مشتملة على لفظ الرجل ، فلا وجه للتعدّي إلى المرأة ، لعدم الدليل عليه بوجه .
وأمّا الاستدلال له بقاعدة الاشتراك إلاّ ما خرج بالدليل مثل ستر البدن في الصلاة ونحوه ، فغريب جدّاً ، ضرورة أنّ مورد القاعدة ما لو كان الرجل مورداً للحكم ومتعلّقاً له ، مثل : أن يسأل عن رجل يتكلّم في صـلاته فيقول (عليه السلام) : يعيد ، ونحو ذلك ممّا تتضمّن حكماً لموضوع تكليفاً أو وضعاً إلزاماً أو ترخيصاً ، وكان الرجل متعلّقاً للخطاب ومورداً للحكم ، فإنّه يتعدّى إلى المرأة ـ ما لم يثبت الاختصاص ـ بقانون الاشتراك بين الرجال والنساء وتساويهما في الأحكام التي هي عامّة لجميع المسلمين .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 330 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 4 .
(2) الوسائل 10 : 334 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 16 .
|