ــ[228]ــ
وأمّا إذا كان عن غيره بإجارة أو تبرّع فالأقوى جوازه وإن كان الأحوط الترك ، كما أنّ الأقوى الجواز في سائر أقسام الصوم الواجب الموسّع وإن كان الأحوط الترك فيها أيضاً .
وأمّا الإفطار قبل الزوال فلا مانع منه حتّى في قضاء شهر رمضان عن نفسه ، إلاّ مع التعيّن بالنذر أو الإجارة أو نحوهما ، أو التضيّق بمجيء رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه كما هو المشهور (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى أىّ حال ، فهي غير منافية للنصوص المتقدّمة وفيها غنىً وكفاية .
وتؤيّدها النصوص الدالّة على وجوب الكفّارة حينئذ كما تقدّم سابقاً ، فإنّها وإن كانت أعمّ من الحرمة ـ كما في جملة من كفّارات الإحرام الثابتة حتّى مع كون الفعل محلّلا ـ إلاّ أنّها لا تخلو عن الإشعار والتأييد كما لا يخفى .
ومن جميع هذه النصوص يظهر جواز الإفطار قبل الزوال .
(1) هل يختصّ الحكم المزبور ـ أعني : عدم جواز الإفطار بعد الزوال في قضاء شهر رمضان ـ بما إذا كان القضاء عن نفسه ، أو يعمّ ما إذا كان عن غيره أيضاً إمّا بتبرّع أو باستئجار ونحوه ؟ وهل يختصّ بقضاء شهر رمضان ، أو يعمّ مطلق الواجب الموسّع من كفّارة أو نذر ونحوهما ؟
أمّا التبرّع فلا سبيل لاحتمال شمول الحكم له ، ضرورة أنّ وصف التبرّع يستدعي كون المتبرّع بالخيار حدوثاً وبقاءً ، فإنّ انقلاب الندب إلى الفرض بقاء وإن كان ممكناً ـ كما في الحجّ والاعتكاف ـ إلاّ أ نّه لا ريب في كونه على خلاف الأصل وموقـوفاً على قيام الدليل المعلوم فقده في المقام ، فالنصوص المتقدّمة غير شاملة لذلك قطعاً ، فله الإفطار طول النهار حيثما شاء .
ــ[229]ــ
وأمّا في القضاء الواجب عن الغير ـ كما في الأجير أو الولي ـ فالظاهر عدم شمول الحكم له أيضاً ، لانصراف النصوص المتقدّمة عن مثل ذلك ، فإنّ المنسبق منها ما كان القضاء عن نفسه لا عن الغير كما لا يخفى ، فلا إطلاق لها يشمل ذلك ، كما أنّها قاصرة الشمول لسائر أقسام الصوم الواجب الموسّع من نذر أو كفّارة ونحوهما، لاختصاص موردها بقضاء شهر رمضان، فمقتضى أصالة البراءة هو الجواز في كلا الموردين .
نعم، قد يقال بالشمول استناداً إلى رواية سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله : «الصائم بالخيار إلى زوال الشمس ، قال : إنّ ذلك في الفريضة ، فأمّا النافلة فله أن يفطر أىّ وقت شاء إلى غروب الشمس»(1) .
ورواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت ، وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس ، فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر»(2) .
فإنّ الفريضة في الاُولى مطلق تعمّ كلّ صوم واجب ، سواء أكان قضاء شهر رمضان أم غيره ، وسواء أكان القضاء عن نفسه أم عن غيره ، كما أنّ قضاء الفريضة في الثانية يعمّ ما كان عن نفسه أو عن غيره وإن لم يشمل سائر أقسام الصوم .
ولكنّهما غير صالحتين للاستدلال ، لضعف السند ، أمّا الاُولى فبمحمّد ابن سـنان ، وأمّا الثانية فبعبدالله بن الحسين الراوي عن عبدالله بن سنان والذي يروي عنه النوفلي أو البرقي ، فإنّ المسمّى بهذا الاسم الواقع في هذه الطبقة مجهول .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 17 / أبواب وجوب الصوم ب 4 ح 8 .
(2) الوسائل 10 : 18 / أبواب وجوب الصوم ب 4 ح 9 .
ــ[230]ــ
فتحصّل : أنّ الأظهر اختصاص الحكم بقضاء شهر رمضان عن نفسـه كما خصّه به في المتن ، دون ما كان عن غيره ، ودون سائر أقسام الصوم ، فيجوز فيها الإفطار بعد الزوال كقبله ، إلاّ أن يكون هناك مانع آخر ، كما في صوم النذر المعـيّن ، أو الأجير في يوم معيّن ، أو التضـييق بمجيء رمضان آخر بناءً على القول بالمضايقة ـ لا مجرّد ترتّب الكفّارة ـ ونحو ذلك ممّا لا يسوغ له التأخير ، فإنّه لا يجوز له الإفطار حينئذ حتّى قبل الزوال فضلا عمّا بعده ، للزوم تفويت الواجب اختياراً من غير مسوّغ كما هو ظاهر ، ولكن هذا أمر عارضي اتّفاقي ، وإلاّ فوجوب الصوم من حيث هو لا يستدعي المنع عن الإفطار لا قبل الزوال ولا بعده فيما عدا ما عرفت حسبما ذكر ، والله سبحانه أعلم .
|