ــ[247]ــ
والعهد (1) ، وكفّارة جزّ المرأة شعرها((1)) في المصاب ، فإنّ كلّ هذه مخيّرة بين الخصال الثلاث على الأقوى ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي صحيحة إلى جميل ، وأمّا من بعده ـ أعني : عبد الملك ابن عمرو ـ فلم يرد فيه أىّ توثيق ، عدا ما رواه هو بنفسه عن الصادق (عليه السلام) أ نّه دعا له ولدابّته(2) ، وهذا ـ كما ترى ـ غير صالح للتوثيق ، فإنّه (عليه السلام) يدعو لجميع المؤمنين والمؤمنات ، على أ نّه لا يمكن إثبات التوثيق بما يرويه هو بنفسه كما هو ظاهر .
وممّا ذكرنا يظهر ضعف التفصيل بين الصوم وغيره الذي جُعِل وجهاً للجمع بين الأخبار كما مرّ ، فإنّ رواية جميل وإن تضمّنت كفّارة رمضان لكن موردها ليس هو الصوم وإن حملوها عليه ، مضافاً إلى ضعفها كما عرفت .
نعم ، مورد صحيحة ابن مهزيار ذلك ، وكأنّهم فهموا من العتق المذكور فيها أنّ المراد به ما هو عدل في كفّارة شهر رمضان ، ولأجله رأوا أنّ مقتضى الجمع بين الأخبار هو التفصيل المزبور ، لكنّك عرفت إجمال الصحيحة من هذه الجهة ، إذ كما أنّ العتق عدل لما ذكر كذلك هو عدل في كفّارة اليمين ، فلم يظهر لهذا التفصيل أىّ مستند يعوّل عليه .
(1) لروايات ثلاث :
إحداها : ما رواه الشيخ بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل عاهد الله في غير معصية ، ما عليه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط ، ولا يبعد عدم وجوبها .
(2) رجال الكشي : 389 / 730 ، معجم رجال الحديث 12 : 30 / 7320 .
ــ[248]ــ
إن لم يف بعهده ؟ «قال : يعتق رقبة ، أو يتصدّق بصدقة ، أو يصوم شهرين متتابعين»(1) .
أمّا من حيث السند : فالظاهر أنّها معتبرة ، فإنّ المراد بمحمّد بن أحمد المذكور في أوّل السند هو محمّد بن أحمد بن يحيى كما صرّح به في الاستبصار وتبعه في الوسائل ، وإن لم يقيّده به في التهذيب .
وأمّا العمركي فهو من الثقات الأجلاّء .
نعم ، محمّد بن أحمد العلوي ، أو الكوكبي ، أو الهاشمي ، لم يوثّق في كتب الرجال صريحاً ، ولكن النجاشي عند ترجمة العمركي والثناء عليه قال : روى عنه شيوخ أصحابنا ، منهم : عبدالله بن جعفر الحميري(2) . وظاهر هذا التعبير أنّهم من الأكابر والأجلاّء الممدوحين نظراء عبدالله بن جعفر . ثمّ إنّه (قدس سره) ذكر طريقه إلى كتاب العمركي ، وقد اشتمل الطريق على العلوي المزبور ، فيظهر منه بعد ضمّ الكبرى إلى الصغرى أ نّه من شيوخ الأصحاب .
وعليه ، فتكون روايته معتبرة ، ولا أقلّ من أنّها حسنة .
ويؤيّده أنّ ابن الوليد لم يستثنه ممّن يروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى ، فكان فيه نوع إشعار بل شهادة على التوثيق ، وإن كان هذا محلّ تأمّل ، بل منع ذكرناه في محلّه .
هذا ، مع أنّ الرجل مذكور في إسناد تفسير علي بن إبراهيم ، وقد بنينا على وثاقة من وقع في هذا الإسناد كالواقع في إسناد كامل الزيارات إلاّ ما خرج بالدليل ، فلا ينبغي التأمّل في اعتبار الرواية .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 22 : 395 / أبواب الكفّارات ب 24 ح 1 ، التهذيب 8 : 309 / 1148 ، الاستبصار 4 : 55 / 189 .
(2) رجال النجاشي : 303 / 828 .
ــ[249]ــ
وأمّا من حيث الدلالة : فهي أيضاً ظاهرة ، فإنّ الصدقة وإن كانت مطلقة إلاّ أنّ المراد بها بقرينة ذكر العدلين ـ أعني : العتق وصيام الشهرين ـ هي الصدقة المعروفة ، أي إطعام الستّين كما فهمه الأصحاب ، ويؤيّده التصريح به في الرواية الآتية .
الثانية : رواية أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) «قال : من جعل عليه عهد الله وميثاقه في أمر لله طاعة فحنث فعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً»(1) .
ولكنّها ضعيفة السند بحفص بن عمر الذي هو بيّاع السابري على ما صرّح به في التهذيب ، فإنّه لم يوثّق وإن كان والده ـ وهو عمر بن محمّد بن يزيد ـ ثقة جليلا كما نصّ عليه النجاشي(2) .
نعم ، المذكور في الاستبصار : حفص عن عمر بيّاع السابري ، بدل : حفص ابن عمر ، وهو أيضاً مجهول .
وكيفما كان ، فلا تصلح الرواية إلاّ للتأييد .
الثالثة : ما رواه صاحب الوسائل في آخر كتاب النذر عن أحمد بن حمد بن عيسى في نوادره عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام): في رجل عاهد الله عند الحجر أن لا يقرب محرّماً أبداً، فلمّا رجع عاد إلى المحرّم ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يعتق ، أو يصوم ، أو يتصدّق على ستّين مسكيناً، وما ترك من الذنب أعظم ، ويستغفر الله ويتوب إليه»(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 22 : 395 / أبواب الكفّارات ب 24 ح 2 ، التهذيب 8 : 315 / 1170 ، الاستبصار 4 : 54 / 187 .
(2) رجال النجاشي : 283 / 751 .
(3) الوسائل 23 : 327 / كتاب النذر ب 25 ح 4 ، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى : 173 / 454 بتفاوت يسير .
ــ[250]ــ
وكفّارة حلق الرأس في الإحرام (1) ، وهي دم شاة أو صيام ثلاثة أيّام أو التصدّق على ستّة مساكين لكلّ واحد مدّان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد صرّح فيها بالتصدّق على ستّين مسكيناً ، فتكون شارحة للمراد من الصدقة في رواية علي بن جعفر المتقدّمة من غير حاجة إلى ضمّ القرينة الخارجيّة التي تقدّمت الإشارة إليها .
نعم ، الصوم المذكور هنا مجمل ، ولكن يفسّره التصريح بالستّين في تلك الرواية ، فكلّ من فقرتي الروايتين قرينة للمراد من تلك الفقرة من الرواية الاُخرى .
والرواية هذه صحيحة السـند ، فإنّ أحمد بن محمّد بن عيسى ثقة عظيم المنزلة جليل القدر، له كتب عديدة منها كتاب النوادر، وطريق صاحب الوسائل إليه صحيح فإنّه ينتهي إلى الشيخ ، وطريق الشيخ إليه طريق صحيح . وهو (قدس سره) من أصحاب الرضا والجواد والهادي (عليهم السلام) وإن لم نعثر على روايته عن الأول ، كما أنّ روايته عن الثاني قليلة جدّاً ، بل لم يرو عنه (عليه السلام) في نوادره ما عدا هذه الرواية ، كما أ نّه لم يرو عنه (عليه السلام) في غيره إلاّ رواية واحدة أيضاً ذكرها في التهذيب وفي الاستبصار(1) ، فمجموع ما رواه عن الجواد (عليه السلام) ليس إلاّ هاتين الروايتين .
وكيفما كان ، فالرواية معتبرة مؤكّدة لصحيحة ابن جعفر المتقدّمة .
(1) كما يشهد للتخيير المذكور في المتن قوله تعالى : (وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِن رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِن صِيَام
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 5 : 267 / 908 ، الاستبصار 2 : 298 / 1062 .
|