ــ[251]ــ
ومنها : ما يجب فيه الصوم مرتّباً على غيره مخيّراً بينه وبين غيره ، وهي كفّارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه((1)) (1) ، فإنّها بدنة أو بقرة ومع العجز فشاة أو صيام ثلاثة أيّام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَوْ صَدَقَة أَوْ نُسُك)(2) المفسّر في جملة من النصوص بما أثبته في المتن، التي عمدتها صحيحة زرارة(3)، المؤيّدة برواية حريز(4) ، حيث إنّها وإن كانت صحيحة بطريق الشيخ ولكنّها مرسلة في طريق الكليني (قدس سره) وحيث لا يحتمل تعدّد الرواية سيّما بعد وحدة الراوي عن حريز ـ وهو حمّاد ـ فلا جرم يتعارض الطريقان ، ومن ثمّ لا تصلح إلاّ للتأييد .
(1) كما دلّت عليه موثّقة إسحاق بن عمّار ـ المتضمّنة للتفصيل بين ما لو أحرمت بإذنه أو بدون الإذن وأنّه لا شيء عليه على الثاني ، وعلى الأوّل يفصّل بين الموسر والمعسر ، أي القادر والعاجز حسبما ذكره في المتن ـ قال : قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام) : أخـبرني عن رجل محلّ وقع على أمة له مُحـرِمة ـ إلى أن قال (عليه السلام) : ـ إن كان موسراً وكان عالماً أ نّه لا ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالإحرام فعليه بدنة ، وإن شاء بقرة ، وإن شاء شاة ، وإن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شيء عليه ، موسراً كان أو معسراً ، وإن كان أمرها وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام»(5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل كفّارته إن كان موسراً بدنة أو بقرة أو شاة ، وإن كان معسراً فشاة أو صيام .
(2) البقرة 2 : 196 .
(3) الوسائل 13 : 167 / أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ب 14 ح 3 .
(4) الوسائل 13 : 165 / أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ب 14 ح 1 ، التهذيب 5 : 333 / 1147، الاستبصار 2 : 195 / 656، الكافي 4 : 358 / 2 .
(5) الوسائل 13 : 120 / أبواب كفارات الاستمتاع ب 8 ح 2 .
ــ[252]ــ
[ 2549 ] مسألة 1 : يجب التتابع في صوم شهرين (1) من كفّارة الجمع أو كفّارة التخيير ، ويكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأوّل ويوم من الشهر الثاني ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تضمّنت الموثّقة التخيير بين اُمور ثلاثة : بدنة ، أو بقرة ، أو شاة ، وقد اقتصر في المتن على الاُوليين ، ولا وجه له بعد اشتمال النصّ على الثالث وكونه مفتىً به عند الأصحاب .
ثمّ إنّ الصيام المذكور في النصّ مطلق غير محدود بحدّ ، فهو قابل للانطباق حتى على اليوم الواحد ، إلاّ أنّ المستفاد من الروايات التي منها صحيحة زرارة الواردة في الحلق المشار إليها آنفاً أنّ بدل التصدّق بالشاة إنّما هو صيام ثلاثة أيّام كما فهمه الأصحاب ، فاحتمال الاكتفاء باليوم الواحد ـ كما في الجواهر(1) ـ ضعيف لا يُعبأ به .
(1) لا إشكال في وجوب التتابع فيما وجب في كفّارته صوم شهرين ، سواء أكانت كفّارة مخيّرة كشهر رمضان ، أم مرتّبة كالظهار ، أو كفّارة جمع كالقتل العمدي ، للتقييد به في أدلّتها من الكتاب والسنّة حسبما مرّت الإشارة إليها .
وإنّما الكلام فيما يتحقّق به التتابع . لا ريب أنّ مقتضى الأدلّة الأوليّة لزوم مراعاته في تمام أجزاء الشهرين بأن يكون كلّ يوم عقيب اليوم الآخر بلا فصل إلى آخر الستين ، كما هو المفهوم من لفظ التتابع عرفاً ، فإذا قيل : صام زيد شهرين أو سنتين أو اُسبوعين متتابعين ، أو تعلّق الأمر بذلك ، فهو ظاهر في حصوله بين تمام الأجزاء .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 20 : 370 .
ــ[253]ــ
إلاّ أنّ هناك نصوصاً عمدتها صحيحة الحلبي قد دلّت صريحاً على كفاية صيام شهر واحد وبعض من الشهر الثاني ولو يوماً واحداً ، فإذا فعل ذلك ساغ له التفريق بين بقية الشهر الثاني حتّى عامداً ، وبذلك يحصل التتابع المأمور به بين الشهرين ، فكان المراد التتابع بين عنوان الشهرين لا بين تمام أجزائهما . فهي إذن بمفهومها المطابقي تكون حاكمة على الأدلّة الأوليّة وشارحة للمراد منها .
روى الكليني بسنده الصحيح عن الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : عن قطع صوم كفّارة اليمين وكفّارة الظهار وكفّارة القتل «فقال : إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين ، والتتابع أن يصوم شهراً ويصوم من الآخر شيئاً أو أيّاماً» إلخ(1) .
ومحلّ الاستشهاد من الصحيح هو هذا المقدار الذي أثبتناه ، وأمّا ما تضمّنه بعد ذلك من التعرّض لحكم من أفطر عن عذر أو غير عذر فهو حكم آخر نتعرّض له عند تعرّض الماتن له فيما بعد .
وعلى الجملة : فلا إشكال في المسألة بعد أن أفتى المشهور على طبق الصحيحة ، بل الظاهر أ نّه ممّا لا خلاف فيه .
وأمّا ما نسب إلى الشيخين والسيّدين من حصول الكفّارة بذلك مع كونه آثماً في التفريق لو كان عامداً(2) .
فغريبٌ جدّاً ، إذ لم يظهر له أىّ مستند .
فإنّا إذا بنينا على اعتبار صحيحة الحلبي وعملنا بمفادها ولأجله حكمنا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 373 / أبواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح 9 ، الكافي 4 : 138 / 2 .
(2) المقنع : 359، النهاية : 166، الغنية 2 : 141 ـ 143 . لاحظ رسائل الشريف المرتضى (جمل العلم والعمل) 3 : 57 ـ 58 .
|