ــ[333]ــ
كتاب الاعتكاف
ــ[334]ــ
ــ[335]ــ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
كتاب الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد بقصـد العبادة (1) ، بل لا يبعد كفاية قصد التعبّد بنفس اللبث وإن لم يضمّ إليه قصد عبادة اُخرى خارجة عنه ، لكن الأحوط الأوّل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاعتكاف لغةً : هو الاحتباس والإقامة على شيء بالمكان ، كما حكاه في الحدائق عن اللغويين(1).
وشرعاً : هو اللبث في المسجد للعبادة ، كما صرّح به الفقهاء على اختلاف تعابيرهم .
إنّما الكلام في أنّ اللبث هل هو بنفسه عبادة بحيث يكفي قصد التعبّد بنفس اللبث ، أو أ نّه مقدّمة لعبادة اُخرى خارجة عنه من ذكر أو دعاء أو قراءة ونحوها ، فلا اعتكاف من دون قصدها ، فإنّ العبارة المتقدّمة عن الفقهاء قابلة للانطباق على كلّ من المعنيين كما لا يخفى ، وتظهر الثمرة فيما لو اعتكف مقتصراً على أقلّ الواجب ـ أعني: الفرائض اليوميّة ـ فإنّه يصحّ على الأوّل دون الثاني؟
والأقوى هو الأوّل ، ويدلّنا عليه أوّلا ظاهر الكتاب ، قال تعالى :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحدائق الناضرة 13 : 455 .
ــ[336]ــ
ويصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم(1) ، وأفضل أوقاته شهر رمضان(2)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَا لْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(1) .
فإنّ جعل الاعتكاف قسيماً للطواف وللركوع والسجود ـ أي الصلاة ـ وعدّه قبالا لهما فيه دلالة واضحة على أ نّه بنفسه عبادة مستقلّة وأنّه مشروع لنفسه من غير اعتبار ضمّ قصد عبادة اُخرى معه ، ومعه لا حاجة إلى التماس نصّ يدلّ عليه .
وثانياً : الاستشعار من بعض الأخبار ، وعمدتها صحيحة داود بن سرحان ، قال : كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إنّي اُريد أن أعتكف ، فماذا أقول ؟ وماذا أفرض على نفسي ؟ «فقال : لا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة لابدّ منها ، ولا تقعد تحت ظلال حتّى تعود إلى مجلسك»(2) .
فإنّ ظاهرها السؤال عن حقيقة الاعتكاف قولا وفعلا ، فلم يجبه (عليه السلام) بأكثر من العزم على اللبث ، وانّه متى خرج لحاجة ملحّة يعود فوراً بعد قضائها ، فلا يعتبر في حقيقته شيء آخر وراء ذلك .
(1) بلا خلاف ولا إشكال ، لإطلاق الروايات وعدم التقييد في شيء الضعاف منها بوقت خاصّ .
(2) للعناية بشأنه في هذا الشهر كما يفصح عنه موثّق السكوني عن الصادق (عليه السلام) : «قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : اعتكاف عشر في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 125 .
(2) الوسائل 10 : 550 / أبواب الاعتكاف ب 7 ح 3 .
ــ[337]ــ
وأفضله العشر الأواخر منه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهر رمضان تعدل حجّتين وعمرتين»(1) .
وهذه الرواية معتبرة، إذ ليس في السند من يُتأمّل من أجله ما عدا السكوني والنوفلي الراوي عنه .
أمّا الأوّل : فهو وإن كان عامّيّاً إلاّ أنّ الشيخ قد وثّقه في كتاب العدّة صريحاً(2) ، ولا تعتبر في الراوي العدالة ، بل تكفي الوثاقة .
وأمّا الثاني ـ أعني الحسين بن يزيد النوفلي ـ : فهو وإن لم يوثّق صريحاً في كتب الرجال لكنّه مذكور في إسناد كامل الزيارات .
(1) لمزيد الاهتمام بشأنه في هذا الوقت كما يظهر من صحيحة أبي العباس البقباق عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : اعتكف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في شهر رمضان في العشر الاُول منه ، ثمّ اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ، ثمّ اعتكف في الثالثـة في العشر الأواخر ، ثمّ لم يزل (صلّى الله عليه وآله) يعتكف في العشر الأواخر»(3) .
فإنّ مواظبة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وكذا حكاية الإمام (عليه السلام) ـ لوضوح كونه (عليه السلام) في مقام الحثّ والترغيب لا مجرّد نقل التأريخ ـ تكشف عن مزيد الفضل في هذا الوقت .
وهي معتبرة السند وإن ناقش الأردبيلي في طريق الصدوق إلى داود بن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 534 / أبواب الاعتكاف ب 1 ح 3 .
(2) العدة : 56 .
(3) الوسائل 10 : 534 / أبواب الاعتكاف ب 1 ح 4 .
ــ[338]ــ
وينقسم إلى واجب ومندوب (1) ، والواجب منه ما وجب بنذر أو عهد أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو إجارة أو نحو ذلك ، وإلاّ ففي أصل الشرع مستحبّ . ـــــــــــــــــــــــــ
الحصين باشتماله على الحكم بن مسكين وهو مهمل(2) ، فإنّه مذكور في إسناد كامل الزيارات .
(1) فإنّه في أصل الشرع مستحبّ ، للسيرة القطعيّة ، بل الضرورة ، وفي الجواهر: عليه إجماع المسلمين(3) ، وإنّما يجب بالعنوان الثانوي الطارئ عليه من نذر أو عهد أو شرط في ضمن عقد أو إجارة ونحوها . ـــــــــــــ
(2) انظر جامع الرواة 1 : 302 ـ 303 .
(3) الجواهر 17 : 160 .
|