ويجوز الإتيان به عن نفسه وعن غيره الميّت . وفي جوازه نيابةً عن الحىّ (2) قولان لا يبعد ذلك ، بل هو الأقوى((1)) .
ولا يضرّ اشتراط الصوم فيه فإنّه تبعي ، فهو كالصلاة في الطواف الذي يجوز فيه النيابة عن الحىّ .
ــــــــــــــــــــــــ (2) لا إشكال في جواز النيابة عن الميّت في الاعتكاف وغيره من سائر العبادات ، للنصوص الدالّة عليه ، كما مرّ التعرّض لها في بحث قضاء الصلوات عند التكلّم حول النيابة عن الأموات(4) .
ـــــــــــــــ
(1) فيه إشكال والأظهر عدم الجواز .
(4) تقدّم البحث حوله مستوفى في الجزء الخامس من كتاب الصلاة من مستند العروة الوثقى ص 235 .
ــ[339]ــ
وأمّا النيابة عن الحىّ : ففي جوازها في الاعتكاف قولان :
قوّى الجواز في المتن وإن تضمّن الصوم الذي لا يجوز الاسـتنابة فيه عن الحىّ في حدّ نفسه ، معلّلا بأنّ وجوبه هنا تبعي ، وإلاّ فحقيقة الاعتكاف هو نفس اللبث ، فلا مانع من الاسـتنابة فيه وإن استتبع الصوم ، فالصوم في الاعتكاف نظير الصلاة في الطواف في أنّ الوجوب في كلّ منهما تبعي ، ولا إشكال في جواز الاستنابة عن الحي في الثاني ، فكذا الأوّل .
ولا يخفى غرابة هذا الاستدلال ، بل لم نكن نترقب صدوره من مثله ، فإنّ النيابة عن الحىّ في الحجّ منصوص عليها في الوجوبي والندبي ، وفي بعض الأخبار جواز استنابة المتعدّدين عن شخص واحد ، فلا يقاس عليه غيره من سائر العبادات بعد وجود الفارق وهو النصّ .
وعليه ، فإن نهض الدليل على جواز الاستنابة عن الحىّ على سبيل العموم قلنا به في المقام أيضاً وإلاّ فلا ، ولا أثر للأصالة والتبعيّة في ذلك أبداً ، بعد وضوح كون الاستنابة في مثل ذلك على خلاف مقتضى القواعد ، فإنّ الخطابات المتعلّقة بالتكاليف الوجوبية أو الندبيّة متوجّهة نحو ذوات المكلّفين ، فيلزمهم التصدّي لامتثالها بأنفسهم ما داموا أحياء ، فلا معنى لأن يصوم زيد قضاءً عمّا وجب على عمرو الحىّ .
نعم ، هناك روايتان تقدّمتا في باب قضاء الصلوات ربّما يستدلّ بهما على جواز النيابة عن الحىّ ومشروعيّتها ما لم يقم دليل على الخلاف :
إحداهما : ما رواه ابن طاووس في كتاب غياث سلطان الورى عن الحسين ابن أبي الحسن العلوي الكوكبي في كتاب المنسك عن علي بن أبي حمزة البطائني ، قال : قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام) : أحجّ واُصلّى وأتصدّق عن الأحياء والأموات من قرابتي وأصحابي ؟ «قال : نعم . تصدّق عنه وصلّ عنه ولك أجر
ــ[340]ــ
بصلتك إيّاه»(1) .
ولكنّها ضعيفة السند بعلي بن أبي حمزة ، كما أنّ الكوكبي مجهول ، على أنّ طريق ابن طاووس إليه غير معلوم ، فهي في حكم المرسل .
الثانية : ما رواه في الكافي بإسناده عن محمّد بن مروان ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام): «ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيّين وميّتين ، يصلّى عنهما، ويتصدّق عنهما ، ويحجّ عنهما ، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك، فيزيد الله عزّوجلّ ببرّه وصلته خيراً كثيراً»(2).
وهي أيضاً ضعيفة السند ، فإنّ محمّد بن مروان مرّدد بين الثقة والضعيف . نعم ، مَن هو من أصحاب الهادي (عليه السلام) ثقة جزماً ، إلاّ أنّ هذا من أصحاب الصادق (عليه السلام) وهو مرّدد كما عرفت . وهذا وإن كان وارداً في إسناد كامل الزيارات إلاّ أ نّه لا ينفع بعد عدم الجزم بالاتّحاد واحتمال التعدّد الناشئ عن التردّد المزبور ، وإن كان لا يبعد الانصراف إلى الثقة وهو الذهلي المعروف ، الذي له كتاب كما نبّه عليه سيِّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) في المعجم 18: 232/ 11777 .
على أنّ في السند محمّد بن علي ، الذي هو الكوفي الصيرفي أبو سمينة بقرينة رواية أحمد بن محمّد بن خالد عنه كثيراً ، وهو ضعيف جدّاً .
وأمّا الحكم بن مسكين : فهو من رجال كامل الزيارات كما تقدّم .
هذا ، مضافاً إلى تطرّق الخدش في الدلالة ، فإنّها تتوقّف على أن يكون مرجع ضمير التثنية «والديه» ليعمّ الحىّ والميّت، وهو غير ظاهر، لجواز الرجوع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 278 / أبواب قضاء الصلوات ب 12 ح 9 .
(2) الوسائل 8 : 276 / أبواب قضاء الصلوات ب 12 ح 1 ، الكافي 2 : 127 / 7 .
|