ــ[436]ــ
[ 2585 ] مسألة 26 : لا فرق في وجوب كون الاعتكاف في المسجد الجامع بين الرجل والمرأة(1) ، فليس لها الاعتكاف في المكان الذي أعدّته للصلاة في بيتها ، بل ولا في مسجد القبيلة ونحوها .
[ 2586 ] مسألة 27 : الأقوى صحّة اعتكاف الصبي المميّز (2) ، فلا يشترط فيه البلوغ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لخلوّ الروايات عن التقييد بالرجل، فالحكم فيها ثابت لطبيعىّ المعتكف ، وأنّه لا اعتكاف إلاّ في مسجد جامع ، فإنّ نفي الطبيعة يستدعي بمقتضى الإطلاق عدم الفرق بين الرجل والمرأة ، بل قد صرّح في صحيحة داود ابن سرحان بشمول الحكم للمرأة ، قال (عليه السلام) في ذيلها : «والمرأة مثل ذلك»(1) ، فإنّها صحيحة السند بطريق الصدوق وإن كانت ضعيفة بالطريق الآخر من أجل سهل بن زياد .
وكيفما كان ، فلا حاجة إلى الاستدلال بالصحيحة بعد إطلاق النصوص كما عرفت ، فلا يقاس الاعتكاف بالصلاة التي ورد بلحاظها أنّ مسجد المرأة بيتها كما أشار إليه في المتن .
(2) قد تكرّر البحث في مطاوي هذا الشرح حول عبادات الصبي وقلنا : إنّ المشهور هي المشروعيّة وأنّ غير واحد استدلّ لها بأنّها مقتضى الجمع بين أدلّة العبادات وبين حديث رفع القلم عن الصبي ، نظراً إلى أنّ نتيجة ذلك نفي الإلزام فيبقى أصل المحبوبيّة على حالها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 541 / أبواب الاعتكاف ب 3 ح 10 ، الكافي 4 : 176 / 2 ، الفقيه 2 : 120 / 521 .
ــ[437]ــ
وقلنا : إنّ الجمع العرفي لا يقتضي ذلك ، لتوقّفه على أن يكون المجعول في موارد الأحكام حكمين ، ومدلول الأمر منحلاًّ إلى أمرين : المحبوبيّة والإلزام ، ليبقى الأوّل بعد نفي الثاني ، نظير البحث المعروف من أ نّه إذا نُسخ الوجوب بقي الجواز ، وليس الأمر كذلك ، بل مدلول الأمر حكم واحد بسيط ، وليس المدلول في مثل قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ )(1) إلخ ، إلاّ كتابة واحدة لا كتابتين ، إذ لا ينحلّ الوجوب إلى جنس وفصل كما هو المحرّر في محلّة ، فإذا ارتفع فقد ارتفع الحكم من أصله .
بل مقتضى الجمع العرفي بين حديث الرفع والمرفوع تخصيص تلك القوانين بالبالغين وانتفاء الحكم عن الصبي رأساً .
ولكنّا استفدنا المشروعيّة ممّا ورد من قوله (عليه السلام) : «مروا صبيانكم بالصلاة والصيام»(2) ، نظراً إلى أنّ الأمر بالشيء أمرٌ بذلك الشيء ، بل في بعضها الأمر بالضرب إذا بلغ السـبع . وقد ورد النصّ في خصوص الحجّ بإحجاج الصبي ، فيستكشف من ذلك كلّه الاستحباب والمشروعيّة .
ولكن هذا كلّه خاصّ بالأحكام الإلزاميّة مثل الصلاة والصيام ونحوهما .
وأمّا في الأحكام الاستحبابيّة ـ ومنها الاعتكاف المبحوث عنه في المقام ، وكصلاة الليل ، ونحو ذلك ـ فيكفي في إثبات المشروعيدة نفس الإطلاقات الأوّلية من غير حاجة إلى التماس دليل آخر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 183 .
(2) لاحظ الوسائل 4 : 19 / أبواب أعداد الفرائض ب 3 ح 5 ، الوسائل 10 : 234 / أبواب من يصح منه الصوم ب 29 ح 3 .
ــ[438]ــ
والوجه فيه ما ذكرناه في الاُصول في مبحث البراءة من أنّ حديث الرفع لا يشمل المستحبّات ، لأنّ المرفوع في مقام الامتنان إمّا المؤاخذة أو حكم إلزامي يكون قابلا للوضع ليُرفع ، وليس هو إلاّ وجوب الاحتياط ، لوضوح أنّ المكلّف لا يتمكّن من امتثال الواقع المجهول ، فوضعه بإيجاب الاحتياط كما أنّ رفعه برفعه . ومن المعلوم أنّ شيئاً منهما لا يجري في المستحبّات ، أمّافظاهر ، وكذا الثاني ، لأنّ استحباب الاحتياط ثابت جزماً ، وليس في رفعه أىّ امتنان ، ولأجل ذلك ذكرنا أنّ البراءة غير جارية في المستحبّات(1) .
وهذا البيان الذي ذكرناه في حديث رفع التكليف جار في حديث رفع القلم عن الصبي بعينه ، لعدم الفرق بينهما إلاّ من حيث إنّ الرفع هناك ظاهري وهنا واقعي ، وهذا لا يكاد يؤثّر فرقاً فيما نحن بصدده بوجه .
فتحصّل : أنّ حديث الرفع غير جار في المقام وأمثاله من سائر المستحبّات من أصله ليُتكلّم في تحقيق المرفوع ، وأ نّه الإلزام أو أصل المشروعيّة ليُتصدّى لإقامة الدليل على إثباتها .
بل إطلاقات الأدلّة من الأوّل شاملة للصبي من غير مزاحم ، فتستحبّ له قراءة القرآن والزيارة وصلاة اللّيل وغيرها ، ومنها الاعتكاف بنفس الإطلاقات من غير حاجة إلى التمسّك بمثل قوله (عليه السلام) : «مروا صبيانكم بالصلاة والصيام» ، وإنّما نحتاج إلى ذلك في الأحكام الإلزاميّة فقط حسبما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 2 : 270 .
|