ــ[449]ــ
بل الأحوط الاجتناب عن الجلوس على أرض المسجد المفروش بتراب مغصوب أو آجر مغصوب على وجه لا يمكن إزالته (1) ، وإن توقّف على الخروج خرج على الأحوط ، وأمّا إذا كان لابساً لثوب مغصوب أو حاملا له فالظاهر عدم البطلان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكيفما كان ، فاستفادة ثبوت الحقّ للشاغل السابق بحيث يتوقّف التصرّف لغيره على الإذن أو رفع اليد مشكلة جدّاً ، ولا أقلّ من الإجمال ، والقدر المتيقّن عدم جواز المزاحمة حسبما عرفت .
وأولى من ذلك عدم بطلان الاعتكاف بالجلوس على الفراش المغصوب ، فإنّ الجلوس أمر والمكث أمر آخر وإن كانا متلازمين خارجاً ، فإنّ حرمة أحدهما لا تسري إلى الآخر بوجه ، فيبقى المكث الذي يتقوّم به الاعتكاف على ما كان عليه من الإباحة ، فحال الجلوس المزبور حال اللباس المغصوب الذي التزم هو (قدس سره) فيه بعدم البطلان ، لعدم سراية حرمة اللبس إلى المكث المعتبر في الاعتكاف ، فإنّهما من واد واحد ، فكما أنّ الفرش يحرم الجلوس عليه كذلك اللباس يحرم لبسه، وكلّ منهما مغاير مع المكث الذي يتقوّم به الاعتكاف ، فلا وجه لسراية الحرمة إليه ، كما لعلّه ظاهر جدّاً .
فلا وجه لما صنعه في المتن من التفرقة بينهما ، بل كلّ من الجلوس واللبس حرام مسـتقلّ ، وكلاهما أجنبي عن المكث الاعتكافي وإن تقارنا خارجاً ، فلا تسري الحرمة منهما إليه بوجه ، بل كلّ يبقى على حكمه حسبما عرفت .
(1) أمّا إذا أمكن الإزالة فحكمه حكم الفراش المغصوب ، وقد تقدّم .
ــ[450]ــ
وأمّا إذا لم يمكن ـ كما لو صبّ فيه من السمنت ونحو ذلك بحيث لا يقبل القلع ولا يمكن الردّ إلى المالك ، فكان في حكم التالف في أ نّه لا ينتفع به وإن قلع ورفع ـ فقد ذكرنا في بحث المكاسب(1) أنّ ما يعدّ من التالف يخرج بذلك عن الماليّة والملكيّة بطبيعة الحال ، إلاّ أ نّه متعلّق لحقّ المالك ، فلو تلفت دابّة زيد أو كُسر كوزه فقد سقطت عن الماليّة وارتفعت الملكيّة ، غاية الأمر أنّ هذه الأجزاء التالفة متعلّق لحقّ المالك ، ونتيجة ذلك أ نّه لا يجوز لأحد مزاحمته في الاستفادة منها للصرف في المزرعة ونحوها ، وأمّا عدم جواز التصرّف فيها بغير الإذن فكلاّ ، لأنّ ذلك من آثار الملكيّة المفروض انتفاؤها . وعلى ذلك بنينا حكم الشوارع المستحدثة التي تنشئها الحكومة من غير رضا ملاّكها إمّا مع العوض أو بدونه ، فإنّه لا مانع من التصرّف فيها من غير حاجة إلى الإذن ، لخروجها عن الملكيّة بعد كونها في حكم التالف .
نعم ، لا تجوز مزاحمته لو أراد أن يستفيد منها كما عرفت .
وعليه ، فلا مانع من الجلوس على أرض المسجد أو الحرم المفروش بآجر أو سمنت مغصوب ولا يغلق باب المسجد بذلك ، فلا يجب الخروج وإن كان أحوط كما ذكره في المتن ، فإنّ ذلك كلّه ليس إلاّ تصرّفاً في متعلّق حقّ الغير ولا دليل على حرمته ، وإنّما الحرام التصرّف في أموال الناس لا حقوقهم ، وإنّما الثابت عدم جواز المزاحمة مع الملاّك حسبما عرفت . ولا مزاحمة في أمثال المقام كما هو ظاهر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقاهة 2 : 480 ـ 484 .
|