ــ[453]ــ
[ 2593 ] مسألة 34 : إذا وجب عليه الخروج لأداء دين واجب الأداء عليه ، أو لإتيان واجب آخر متوقّف على الخروج ولم يخرج ، أثِم ، ولكن لا يبطل اعتكافه على الأقوى (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنجّزة في باب التزاحم، فمع الجهل يصحّ سواء أقلنا بالترتّب أم لا، لأنّ المزاحمة لا تكون إلاّ مع العلم ، وبدونه لا مزاحمة ، فلا يزاحم الواقع بوجوده مطلقاً ، بل بوجوده المنجّز .
وأمّا في باب التعارض ـ كما في المقام ـ فالفعل بنفسه حرام واقعاً ، ومعه كيف يقع مصداقاً للواجب سواء أعلم به المكلف أم لا ؟ !
ولا فرق في ذلك بين الواجب التعبّدي والتوصلّى ، لوحدة المناط ، فلو أنفق على الزوجة بمال مغصوب وهو لا يعلم ، لا يكفي ، لامتناع كون الإطعام الحرام مصداقاً للإنفاق الواجب فيبقى مشغول الذمّة لا محالة .
وملخّص كلامنا : أ نّه كلّما كان شيء مصداقاً للحرام الواقعي وكانت الحرمة فعليّة وإن لم تكن منجّزة وكان الاحتياط ممكناً فهذا لا يعقل أن يكون مصداقاً للواجب ، لما بينهما من التضادّ في صقع الواقع ، علم به المكلّف أم لم يعلم ، فلا يكاد يمكن اجتماعهما في مورد واحد ، ومعه لا مناص من الحكم بالبطلان .
فبناءً على ما ذكره (قدس سره) من بطلان الاعتكاف مع الجلوس على المغصوب لا يفرق فيه بين صورتي العلم والجهل .
نعم ، لا يبطل مع النسيان أو الاضطرار أو الإكراه وكلّما يكون رافعاً للتكليف الواقعي حسبما عرفت .
(1) فإنّ مثل هذا المكث الملازم لترك الواجب لا يضرّ باعتكافه ، إذ لا مانع من الأمر به على نحو الترتّب بأن يؤمَر أوّلا بمزاحمه الأهمّ وهو الخروج ، وعلى
ــ[454]ــ
تقدير الترك يؤمَر بالمكث بنيّة الاعتكاف وجوباً أو استحباباً ، بناءً على ما هو الصحيح من إمكان الترتّب .
ولا فرق في ذلك بين القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ أم لا ، إذ على القول بالافتضاء يكون النهي تبعيّاً من باب أنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة للضدّ الآخر ، فيكون فعله منهيّاً عنه ، ومن الواضح عدم المنافاة بين النهي التبعي وبين الأمر به على تقدير ترك ذي المقدّمة ، فيجري الترتّب في المقام حتّى على القول بالاقتضاء فضلا عن القول بالعدم كما هو الصحيح .
على أ نّه يمكن تصحيح الاعتكاف حتّى على القول بإنكار الترتّب والاكتفاء في البطلان بالنهي ، بل بمجرّد عدم الأمر باعتبار أ نّه عبادة يعتبر في صحّته الأمر ولا يمكن الأمر بالضدّين معاً ولو مترتّباً .
والوجه في ذلك : أ نّه لا شك في الصحّة على تقدير الخروج ، فهذا المقدار من المكث خارج عن الاعتكاف ومستثنى منه بمقتضى الأمر المتعلّق بالخروج، فطبعاً تبقى بقيّة الأجزاء تحت الأمر ، وليس في البين عدا احتمال أن يكون الخروج دخيلا في صحّة الاعتكاف ، ولكنّه احتمالٌ بعيد ، بل لعلّه مقطوع العدم ، إذ لا شكّ في عدم كونه شرطاً للاعتكاف ولا جزءاً منه ، فإذا صحّ الاعتكاف على تقدير الخروج صحّ على تقدير عدمه أيضاً وإن كان عاصياً .
وبعبارة اُخرى : بعد أن لم يكن عدم المكث بمقدار الخروج قادحاً ـ بشهادة الصحّة لو خرج ـ فيبقى احتمال كون الخروج شرطاً في الصحّة ، وهو ساقط جزماً كما عرفت ، غايته أ نّه ترك واجباً أو ارتكب محرّماً ، ولا يضرّ ذلك بالصحّة بالضرورة ، فلو بقي حتّى انتفى موضوع الخروج من إنقاذ غريق أو إطفاء حريق ـ مثلا ـ لم يكن أىّ موجب للبطلان ، بل لا موجب حتّى إذا كان المكث حراماً بنفسه ، كما لو أجنب في المسجد ووجب الخروج للغسل فعصى ولم يخرج ، ولم يكن ذلك موجباً لتفويت مقدار من المكث الواجب على تفصيل
|