وجوب مراعاة أقرب الطرق عند الخروج عن المسجد لحاجة والمكث بمقدارها 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4703


ــ[455]ــ

   [ 2594 ] مسألة 35 : إذا خرج عن المسجد لضرورة فالأحوط مراعاة أقرب الطرق (1) ، ويجب عدم المكث إلاّ بمقدار الحاجة والضرورة ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تقدّم سابقاً (1) ، فإنّ غايته ترك الواجب أو ارتكاب الحرام دون البطلان حسبما عرفت .

   (1) بل هو الأقوى كما عليه المشهور ظاهراً .

   وعن الجـواهر ونجاة العباد : أ نّه عبّر بـ  : «ينبغي»(2) الظاهر في عدم الوجوب .

   ولا وجه له ، إذ ليس معنى الخروج الذي سوّغته الضرورة مجرّد وضع القدم خارج المسجد ليتمسّك بإطلاقه ، بل معناه الكون في الخارج ، وإنّما عبّر بالخروج لعدم تحقّقه إلاّ به .

   وعليه ، فإذا كان أحد الطريقين يستوعب من الكون المزبور بمقدار عشر دقائق، والآخر ثلاثين دقيقة، فطبعاً يكون مقدار عشرين دقيقة خارج المسجد من غير حاجة تقتضيه ، فلا يجوز ، لاختصاص الجواز بالخروج بمقدار الحاجة التي تتأدّى بعشر دقائق حسب الفرض ، والزائد عليها ليس إلاّ باشتهاء نفسه للتنزّه ونحوه .

   وعلى الجملة : فلا يجوز اختيار أبعد الطريقين فيما إذا كان التفاوت فاحشاً .

   نعم ، في التفاوت اليسير الذي لا يلتفت إليه العرف ـ كمتر مثلا ـ بحيث يكون الاختلاف بمقدار الثواني لا بأس باختيار الأبعد كما هو ظاهر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 442 .

(2) لاحظ الجواهر 17 : 180 .

ــ[456]ــ

ويجب أيضاً أن لا يجلس تحت الظلال مع الإمكان (1) ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وممّا ذكرناه تعرف عدم جواز المكث خارج المسجد أزيد من مقدار الحاجة، فلا بدّ من الرجوع بعد قضائها ، لأنّ هذا هو مقتضى تخصيص الخروج بمقدار الحاجة ، وقد صرّح في بعض النصوص بقوله : «حتى يرجع إلى مجلسه»(1) .

   ثمّ إنّ الخروج للحاجة الذي دلّت النصوص على جوازه منزّل على المتعارف بعد عدم التعرّض لكيفيّة خاصّة ، فلا يعتبر الاستعجال في المشي كالركض ، كما لا يجوز الإهمال والتواني .

   (1) للنهي عنه صريحاً في صحيحة داود بن سرحان : «ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك»(2) .

   وأمّا التقييد بالإمكان فلأجل قصور المقتضي عن أزيد من ذلك، إذ المذكور في صدر الصحيحة: وماذا أفرض على نفسي . ومن البديهي أنّ الإنسان لا يفرض على نفسه إلاّ الأمر الاختياري الذي هو تحت قدرته وإمكانه ، فغير الممكن غير داخل في الفرض من أوّل الأمر .

   ثمّ إنّ صاحب الوسائل عنون الباب الثامن بقوله : باب أنّ المعتكف إذا خرج لحاجة لم يجز له الجلوس ولا المشي تحت الظلال... إلخ. ثمّ قال : وتقدّم ما يدلّ على عدم جواز الجلوس والمرور(3). ولم يذكر في هذا الباب ولا فيما تقدّم عليه ما يدلّ على المنع عن المشي ، وإنّما تقدّم المنع عن الجلوس فقط كصحيحة ابن سرحان المتقدّمة آنفاً ، وأمّا المشي تحت الظلال فلم نجد رواية تدلّ على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 549 /  أبواب الاعتكاف ب 7 ح 1 و 2 .

(2) الوسائل 10 : 550 /  أبواب الاعتكاف ب 7 ح 3 .

(3) الوسائل 10 : 551 و 552 .

ــ[457]ــ

بل الأحوط ((1)) أن لا يمشي تحته أيضاً ، بل الأحوط عدم الجلوس مطلقاً (1)  إلاّ مع الضرورة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المنع عنه للمعتكف ، وإنّما ورد ذلك في خصوص باب الإحرام ، ولا ندري من أيّة رواية استفاد الحكم في المقام ، وهو أعرف بما قال .

   فالظاهر أنّ المشي المزبور لا بأس به وإن كان تركه أحوط .

   (1) منشأ الاحتياط وجود روايتين يمكن أن يقال : إنّهما تدلاّن على عدم جواز الجلوس مطلقاً :

   إحداهما : صحيحة داود بن سرحان ـ في حديث ـ «قال: ولاينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع إلاّ لحاجة لا بدّ منها ، ثمّ لا يجلس حتّى يرجع» إلخ(2) .

   الثانية : صحيحة الحـلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «قال : لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلاّ لحاجة لا بدّ منها ، ثمّ لا يجلس حتّى يرجع» إلخ(3) .

   حيث تضمّنتا المنع عن الجلوس مطلقاً .

   ولكن العطف بكلمة «ثمّ» في قوله : «ثمّ لا يجلس» يستوجب ظهور الكلام في إرادة المنع بعد قضاء الحاجـة ، وأ نّه لا يجوز التأخير زائداً على مقدار الاحتياج ، فلا تدلّ على المنع مطلقاً ، أي حتّى قبل القضاء . وعليه ، فتكون أجنبيّة عن محلّ الكلام كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا بأس بتركه فيه وفيما بعده .

(2) ، (3) الوسائل 10 : 549 /  أبواب الاعتكاف ب 7 ح 1 ، 2 .

ــ[458]ــ

   نعم ، في ذيل صحيحة الحلبي هكذا : «ولا يخرج في شيء إلاّ لجنازة أو يعود مريضاً ، ولا يجلس حتّى يرجع» إلخ ، من غير أن يذكر هنا كلمة «ثمّ» . وظاهر هذه الفقرة هو المنع مطلقاً قبل القضاء وبعدها تحت الظلال وغيرها . وحملها على الجلوس بعد العيادة أو الجنازة بلا موجب .

   ولكن لا بدّ من رفع اليد عن هذا الإطلاق :

   إمّا لأجل أ نّه خلاف المتعارف جدّاً ، فإنّ التشييع بلا جلوس وإن أمكن ولكن العـيادة بدونه غير ممكنة عادةً ، للافتـقار إلى المكث عند المريض والاستفسار عن صحّته وانتظار يقظته لو كان نائماً ، ونحو ذلك ممّا يستلزم الجلوس بطبيعة الحال ، فلا مناص من حمل النهي على إرادة الجلوس بعد قضاء الحاجة ، فيخرج عن محلّ الكلام كما عرفت .

   وإمّا لأجل التقييد بالظلال في صحيحة ابن سرحان المتقدّمة ، فإنّ القيد وإن لم يكن له مفهوم بالمعنى المصطلح إلاّ أ نّه يدلّ على عدم تعلّق الحكم بالطبيعي على إطلاقه ، وإلاّ لكان القيد لغواً وبلا فائدة كما نبّهنا عليه في الاُصول(1) ، فلو كان الجلوس مطلقاً ـ في المقام ـ ممنوعاً فما هو وجه الخصوصيّة في التقييد بالظلال ؟ ! فلا جرم يحمل المطلق على المقيّد ، لا لقانون الحمل عليه لعدم جريانه في النواهي كما لا يخفى ، بل لأجل المفهوم بالمعنى الذي عرفت . إذن لا دليل على ممنوعيّة الجلوس على سبيل الإطلاق ، بل المتيقّن هو الجلوس تحت الظلال حسبما عرفت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 5 : 377 ـ 380 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net