وأمّا الإنكار العملي بالامتناع عن دفع الزكاة ، فلا ينبغي الإشكال في عدم كونه موجباً للكفر وإن اُطلق عليه هذا اللفظ في بعض النصوص وأنّ تارك الزكاة كافر (1) ، كما اُطلق على تارك سائر الواجبات أحياناً، مثل: الصلاة والصيام والحجّ ، كما يفصح عنها حديث المباني ، وقد عبّر الكتاب العزيز بالكفر عن تارك الحجّ فقال تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ) (2) .
فإنّ المراد بالكفر في هذه الموارد ليس هو المقابل للإسلام الظاهري الموضوع للأحكام الخاصّة من المناكح والمواريث وحقن الدماء ونحوها، إذ المدار في ترتيب هذه الأحكام على ظاهر الاسلام المتقوّم بإظهار الشهادتين ، وأضفنا عليهما الاعتراف بالمعاد أيضاً حسبما استفدناه من سائر الأدلّة ، فمن شهد بالوحدانيّة والرسالة الخاصّة وبالمعاد فقد خرج عن الكفر ودخل في حريم الإسلام .
بل المراد بالكفر فيها : ما يقابل الإيمان والإسلام الكامل .
أو يراد : أ نّه يؤدّي إلى الكفر ولو حال الموت ، كما يفصح عنه ما ورد من أ نّه يقال للممتنع عن الحجّ : مت يهوديّاً شئت أو نصرانيّاً (3) .
وعلى الجملة : فمجرّد الامتناع لا يستوجب الكفر الاصطلاحي يقيناً ، وإن ساغ قتله أحياناً ـ كسائر أرباب الكبائر ـ من باب النهي عن المنكر، عند وجود
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 34 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 4 ح 7 .
(2) آل عمران 3 : 97 .
(3) الوسائل 9 : 33 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 4 ح 5 .
|