ــ[20]ــ
الثالث : الحرّيّة ، فلا زكاة على العبد وإن قلنا بملكه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلا فرق إذن بين كثرة الزمان وقلّته ، بل ينقطع الحول على التقديرين حسبما عرفت .
(1) وقع الكلام بين الأعلام في أنّ العبد هل يملك وإن كان محجوراً وممنوعاً عن التصرّف إلاّ بإذن مولاه ، لكونه : كَلاًّ لا يقدر على شيء ؟
أو أ نّه لا يملك أصلاً وكلّ ما في يده من الأموال فهي لمولاه ؟
والصحيح هو الأوّل ، لاستفادته من الروايات الواردة في الأبواب المتفرّقة ـ التي منها المقام ـ في نصوص عديدة مضمونها أ نّه : لا زكاة في مال المملوك(1) .
فإنّ الظاهر منها : أنّ النفي لجهة مملوكيّة المالك ، كالصغر والجنون المانعين عن تعلّق الزكاة ، فعدم الوجوب مستندٌ إلى وجوب المانع ـ وهو المملوكيّة ـ لا عدم المقتضي ـ وهو المالكيّة ـ إذ هو خلاف الظاهر جدّاً من مثل تلك العبارة ، فإنّه قد فرض أنّ له مالاً ، وبعد فرض الموضوع نفي عنه الزكاة ، لا أ نّه من باب السالبة بانتفاء الموضوع ، وإلاّ لما اختصّ بالمملوك ، بل كلّ من لا مال له فلا زكاة عليه ، كما هو ظاهر جدّاً .
ومنها : ما ورد في باب الإرث من انتقال مال العبد إلى مولاه دون أقاربه(2) ، وأنّ الرقّ لا يرث ولا يورث(3) ، فلو لم يكن العبد مالكاً فما معنى انتقال ماله إلى مولاه وكونه وارثاً له ؟! بل هو مال المولى حقيقةً ، لا أ نّه يرثه وينتقل إليه ، ونحو ذلك من سائر الموارد .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 91 / أبواب من تجب عليه الزكاة ب 4 .
(2) الوسائل 26 : 61 / أبواب موانع الإرث ب 24 .
(3) الوسائل 26 : 43 / أبواب موانع الإرث ب 16 .
ــ[21]ــ
ويقع الكلام في المقام على كلٍّ من التقديرين :
أمّا على تقدير القول بعدم المالكية ، فعدم وجوب الزكاة حينئذ لا يحتاج إلى الدليل ، لأنّ موضوعه المال ، ولا مال للعبد حسب الفرض ، فالقضيّة سالبة بانتفاء الموضوع ، نظير أن نقول بعدم وجوب الزكاة على الجار الفقير ، وهذا ظاهر من غير حاجة إلى ورود رواية تدلّ عليه .
وهل تجب الزكاة ـ على هذا القول ـ على المولى لكونه المالك الواقعي حقيقةً وشرعاً وإن اُضيف المال إلى العبد مجازاً وصورةً ؟
أو لا تجب عليه أيضاً ؟
فيه وجهان بل قولان .
والأظهر : الوجوب ، إذ ليس في الروايات الواردة في المقام عدا التعرّض لنفي وجوب الزكاة على المملوك من حيث كونه مالاً للمملوك ، وأمّا المولى ـ الذي فرضـناه هو المالك الحقيقي ـ فليس في شيء من الروايات ما يقتضي عدم الوجوب بالإضافة إليه لدى تحقّق سائر الشرائط ، ومجرّد كون المال بيد العبد ومضافاً إليه بإضافة مجازيّة أو بملكيّة عرفيّة مسامحيّة لا يستدعي سقوط الزكاة عن المولى ، الذي هو المالك الشرعي كما عرفت ، فالمال ـ لدى التحقيق ـ أمانة بيد العبد ، كالمال الذي بيد الوكيل أو بيد أخيه ، ونحو ذلك ، فهو ملك للمولى كسائر أمواله التي هي بيد العبد أو غيره .
والحاصل : أ نّه ليس في شيء من هذه الروايات ما يدلّ على عدم الوجوب على المولى ، ومقتضى الإطـلاقات هو الوجوب بعد أن كان ملكاً له وتحت سلطانه وتصرّفه .
وأمّا صحيحة عبدالله بن سنان ـ الدالّة على عدم الوجوب على العبد والمولى معاً ـ قال : قلت له : مملوك في يده مال ، أعليه زكاة ؟ «قال : لا» قال : قلت :
ــ[22]ــ
فعلى سيّده ؟ «فقال : لا ، لأ نّه لم يصل إلى السيّد وليس هو للمملوك» (1) .
فهي أجنبيّة عمّا نحن فيه ، فإنّ محلّ الكلام : ما إذا كان المال للمملوك إمّا حقيقةً أو مجازاً ـ على القولين ـ ومورد الرواية : أنّ هناك مالاً بيد العبد من غير أن يفرض أ نّه مال العبد ومضافٌ إليه ، ومن الجائز أ نّه مالٌ للمولى كان بيد العبد للتجارة ، فاتّجر وربح ولم يطّلع عليه المولى ، فحينئذ لا تجب الزكاة : لا على العبد ، لعدم كونه ملكاً له ، ولا على المولى ، لأ نّه لم يصل إليه ، كما علّل بذلك في الصحيحة ، لما سيجيء من أنّ من شرائط وجوب الزكاة : كون المال تحت السلطنة والتصرّف (2) ، فلا زكاة فيما لا سلطنة عليه ، كالمال الغائب أو المدفون في مكان وهو لا يدري ، أو من انتقل إليه مالٌ بإرث وهو لا يعلم ، أو بتجارة من وكيله أو أمينه وهو جاهل بذلك . ففي جميع هذه الموارد بما أنّ المال لم يصل إليه مالكه ولم يكن تحت تصرّفه وسلطانه لا زكاة عليه .
وبالجملة : فالظاهر أنّ الصحيحة ناظرة إلى مثل هذا المال ، وليس موردها مال العبد ، بل مال بيد العبد كما عرفت .
إذن فلا توجب الصحيحة تخصيص العمومات المقتضية لوجوب الزكاة على المولى بوجه .
فعلى هذا القول ـ أعني عدم مالكيّة العبد وإن كان ضعيفاً عندنا ـ وجبت الزكاة على مولاه ، لإطلاق جميع أدلّتها ممّا وردت في النقدين وفي الأنعام والغلاّت كما هو ظاهر .
وأمّا على القول بمالكيّة العبد ـ كما هو الصحيح على ما مرّ (3) ـ فالمعروف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 92 / أبواب من تجب عليه الزكاة ب 4 ح 4 .
(2) اُنظر ص 33 .
(3) في ص 20 .
ــ[23]ــ
والمشهور : عدم وجوب الزكاة عليه أيضـاً ، فإنّ المقـتضي وإن كان حينـئذ موجوداً ـ وهو المالكيّة ـ فلا محذور من هذه الجهة ، إلاّ أ نّه مقرونٌ بالمانع ـ وهو المملوكيّة ـ فلا تجب على العبد ، كما لا تجب على الصغير والمجنون ، وذلك للأخبار المعتبرة المستفيضة المتضمّنة أ نّه : لا زكاة في مال المملوك ولو كان ألف ألف (1) .
وقيل بالوجوب ، وقد اعترف في الجواهر بعدم معروفيّة القائل به صريحاً ، غير أ نّه يستظهر ذلك من ابن حمزة في الوسيلة (2) ، حيث إنّه لم يذكر الحرّيّة هنا من الشرائط ، بضميمة ما يظهر منه في باب العتق من أنّ العبد يملك ، فيستظهر من ضمّ هاتين المقدّمتين أ نّه يرى وجوب الزكاة على العبد .
وكيفما كان ، فقد نسـب المحقّق الهمداني هذا القول إلى العلاّمة في المنتهى والمحـقّق في النافع وإلى إيضاح النافع ، وأ نّهم ذهبوا إلى الوجوب على القول بالملكيّة (3) .
وهذا ـ على تقدير صدق النسبة ـ لم يظهر له وجه صحيح أبداً ، بعد تظافر الأخبار ـ كما عرفت ـ بأ نّه ليس في مال المملوك شيء ، فإنّ ظاهر الأخبار عدم تعلّق الزكاة وإن ملك العبد باعتبار إضافة المال إليه ، لا نفي الملكيّة حتى يلتزم بالوجوب على تقدير القول بالملك .
ومقتضى الإطلاق في هذه النصوص : عدم الفرق بين ما إذا كان العبد مأذوناً في التصرّف من قبل المولى أم لا ، بل ربّما يظهر من بعضها ـ زيادةً على الإطلاق ـ نوع ظهور في المأذونيّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 91 / أبواب من تجب عليه الزكاة ب 4 .
(2) جواهر الكلام 15 : 31 ـ 32 .
(3) مصباح الفقيه 13 : 37 .
ــ[24]ــ
وهي موثّقـة إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقلّ أو أكثر فيقول: حلّلني من ضربي إيّاك ومن كلّ ما كان منّي إليك وممّا[ أخفتك ](1) وأرهبتك ، فيحلّله ويجعله في حلٍّ رغبةً فيما أعطاه، ثمّ إنّ المولى بعدُ أصاب الدراهم التي كان أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد ، فأخذها المولى ، أحلالٌ هي له ؟ قال : «فقال : لا تحلّ له ، لأ نّه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيامة» قال : فقلت له : فعلى العبد أن يزكّيها إذا حال عليه الحول ؟ «قال : لا ، إلاّ أن يعمل له فيها ولا يعطى العبد من الزكاة شيئاً» (2) .
دلّت على عدم جواز الرجوع في هبته ، لأ نّها كانت بإزاء التحليل ، فكانت في حكم الهبة المعوّضة التي لا رجوع فيها ، ومعلومٌ أنّ ما يقع بإزاء التحليل ليس مجرّد الملكيّة ، إذ لا أثر لها ولا ينتفع منها العبد ليحلّل مولاه ، بل ما كانت مقرونة بالمأذونيّة والتسلّط على التصرّف كما لا يخفى .
ولكن المحقّق الأردبيلي والفاضل القطيفي فصّلا في المسألة بين صورتي الإذن وعدمه ، وحملا الروايات على صورة عدم الإذن ، فتجب الزكاة في فرض الإذن وعدم الحجر (3) .
ولا شكّ أنّ هذا التفصيل مناف لإطلاق النصوص ، بل ظهور موثّق إسحاق كما عرفت .
فبالنظر إلى الروايات لم يُعرَف وجهٌ لذلك أبداً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في المطبوع : افضتك ، وما أثبتناه من الفقيه 3 : 146 / 644 ، والتهذيب 8 : 225 / 808 .
(2) الوسائل 9 : 92 / أبواب من تجب عليه الزكاة ب 4 ح 6 .
(3) حكاه عنهما الهمداني في مصباح الفقيه 13 : 38 .
ــ[25]ــ
فلا بدّ وأن يكون منشأ التفصيل : محجوريّة العبد عن التصرّف ، التي ترتفع بالإذن ، وسيجيء إن شاء الله اعتبار التمكّن من التصرّف في وجوب الزكاة (1) ، فالعبد المأذون مالكٌ متمكّنٌ من التصرّف في ماله ، فتجب عليه الزكاة كسائر الملاّك ، دون غير المأذون الذي لا سلطنة له على ماله .
فالتفصيل المزبور مبنيٌّ على ذلك مع الغضّ عن الأخبار .
ومع ذلك لا يتمّ ، والوجه فيه : أنّ المنع عن التصرّف المانع عن تعلّق الزكاة إنّما هو فيما إذا كان المنع من جهة قصور في المال لا قصور في ناحـية المالك المتصرّف .
فإنّ القصور تارةً : يكون في ناحية المال ، كما لو كان غائباً أو مدفوناً في مكان مجهول ، أو إرثاً لا يدري به الوارث ، أو مسروقاً أو مرهوناً فيما لو تعدّينا عن المنع العقلي إلى الشرعي . ففي جميع هذه الموارد تكون الممنوعيّة العقليّة أو الشرعيّة عن التصرّف مستندة إلى قصور ونقص في ذات المال ، وإلاّ فلا قصور في طرف المالك أبداً .
واُخرى : يكون في ناحية المالك ، كما لو كان سفيهاً ، أو محجوراً عليه ، أو عبداً ، أو صغيراً ، ونحو ذلك . والذي ثبتت مانعيّته عن تعلّق الزكاة إنّما هو الأوّل ، وإلاّ فلم يدلّ أيّ دليل على أنّ الحجر من ناحية المالك من حيث إنّه حجرٌ وإنّه ممنوعٌ عن التصرّف، لا من حيث عنوان آخر ملازم معه ـ كالصغر ـ مانع عن تعلّق الزكاة كما لا يخفى .
فلو فرضنا أ نّا لم نعمل بالروايات المتقدّمة كان مقتضى القاعدة ـ على القول بالملكيّة ـ وجوب الزكاة على العبد مطلقاً ، أي سواء كان مأذوناً أم لا ، لأنّ النقص إنّما هو من ناحية المالك ، لأ نّه عبدٌ كَلٌّ على مولاه كما في السفيه ، وقد
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اُنظر ص 33 .
ــ[26]ــ
علمت أنّ مثله لا يضرّ بوجوب الزكاة .
فهذا التفصيل لم يُعرَف له أيّ وجه صحيح .
ثمّ إنّا لو بنينا على تماميّة هذه الروايات ـ المتضمّنة : أ نّه لا زكاة في مال المملـوك ، وهي كثيرة جدّاً تامّة سنداً ودلالةً ـ فلا موجب لرفع اليد عن ظهورها في أنّ العبد مالكٌ حقيقةً وإن كان ممنوعاً عن التصرّف ، لكونه كَلاًّ على مولاه لا يقدر على شيء ، فهو ممنوعٌ عن التصرّف في ماله بغير إذن مولاه كما أ نّه ممنوعٌ عن التصرّف في نفسه بالتزويج ، فكما أ نّه لو تزوّج مع الإذن فهو زوجٌ حقيقةً فكذلك هو مالكٌ لماله حقيقةً وإن كان محجوراً من جهة أنّ الرقّيّة من أسباب الحجر .
وعليه ، فاشتراط الحرّيّة واستثناء العبد عن الملاّك الذين تجب عليهم الزكاة صحيحٌ وفي محلّه .
وأمّا لو فرضنا أنّ العبد لا يملك وأنّ ملكه لمولاه حقيقةً ، فاشتراط الحرّيّة حينئذ غير وجيه ، فإنّ الشرط موجودٌ إذ المالك حرّ ، غايته أنّ هذا الملك ـ الذي هو ملك للمولى حقيقةً ـ يضاف إلى العبد بإضافة مجازيّة وبنحو من العناية ، كما يقال : هذا الجُلّ للفرس ، أو هذا الفرش للغرفة الفلانيّة . فلو اُريد نفي الزكاة عن هذا المال لم يحسن التعبير عنه باشتراط الحرّيّة ، بل كان اللاّزم أن يُعبّر باشتراط عدم إضافة المال إلى العبد إضافةً مجازيّة ، لرجوع الشرط حينئذ إلى المال نفسه دون مالكه ، وأنّ هذه الإضافة ـ التي يتّصف بها المال ـ توجب سقوط الزكاة .
وبعبارة اُخرى : أموال المولى على قسمين :
قسم لا يرتبط بالعبد بوجه .
وقسم تحت يده ومضاف إليه عرفاً وملك له مجازاً .
ــ[27]ــ
من غير فرق بين القـنّ ، والمدبّر ، واُمّ الولد (1) والمكاتب المشروط ، والمطلق الذي لم يؤدّ شيئاً من مال الكتابة . وأمّا المبعّض فيجب عليه إذا بلغ ما يتوزّع على بعضه الحرّ النصاب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلو كانت النصوص ناظرة إلى نفي الزكاة عن هذا القسم من أموال المولى ، كان اللاّزم أن يقال : بأنّ ما يضاف إلى العبد من المال ـ ولو إضافة مجازيّة ـ لا زكاة فيه .
وهذا وإن احتمله بعضهم ـ كما ذكره المحقّق الهمداني (قدس سره) (1) ـ ولكن لا وجه له أبداً ، إذ لا موجب لرفع اليد عن هذه الأخبار الظاهرة في ملكيّة العبد ، ولا سيّما الموثّقة الدالّة على عدم جواز الرجوع فيما وهبه إليه عوض الاستحلال خوفاً من العقاب كما تقدّم (2) .
(1) لإطلاق الأدلّة الشامل لجميع هذه الأقسام ، فإنّ بعضها وإن كان في معرض التحرير ـ كالمدبّر واُمّ الولد والمكاتب المشروط أو المطلق الذي لم يؤدّ شيئاً من مال الكتابة ـ إلاّ أ نّه بالفعل عبدٌ محض فيشمله الإطلاق .
إنّما الكلام في المبعّض ، كالمكاتب المطلق الذي أدّى مقداراً من مال الكتابة فتحرّر بعضه وبقي البعض الآخر على الرقّيّة ، فهل تجب عليه الزكاة بمقدار حرّيّته أو تجب في جميع أمواله ؟
المعروف والمشهور ـ بل قيل : إنّه ممّا لا خلاف فيه ـ : أ نّه يوزّع المال ، فما يملكه بإزاء الجزء الحرّ تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب ، دون ما يقع بإزاء الجزء
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقيه 13 : 41 ـ 42 .
(2) في ص 24 .
ــ[28]ــ
الرقّ . وعلّله في الجواهر بوجود المقتضي ـ وهو بلوغ المال حدّ النصاب ـ وعدم المانع (1) ، إذ المانع هي المملوكيّة المنتفية بنسبة هذا المال .
وناقش فيه بعضهم بما يرجع إلى ما ذكره في الحدائق من أنّ الروايات المانعة عن تعلّق الزكاة في مال المملوك منصرفة إلى المملوك التامّ والعبد المحض (2) ، فالمبعّض ـ الذي هو فرد نادر ـ غير مشمول لتلك الأخبار ، وعليه فمقتضى القاعدة : وجوب الزكاة في تمام ما يملكه ، فلا يتوزّع ولا يختصّ بحصّة الجزء الحرّ ، لعدم دخول المبعّض في دليل الاستثناء بتاتاً .
ولكن الصحيح ما ذكره في الجواهر ، فإنّ مناسبة الحكم والموضوع تدلّنا على أنّ وجوب الزكاة إنّما هو من جهة الحرّيّة وعدم الرقّيّة ، وذلك يقتضي التقسيط والتوزيع في فرض التبعيض بطبيعة الحال كما لا يخفى .
ويؤكّده ما ورد في غير واحد من نصوص باب الحدود والقصاص من التوزيع فيما لو كان الجاني أو المجني عليه مبعّضاً ، فلو زنى المبعّض وُزِّع الجَلد عليه بنسبة الحرّ والعبد ، فلو كان نصفه حرّاً ونصفه عبداً يُجلَد بمقدار النصف من كلٍّ من الحدّين (3) .
ولو قتل أحدٌ مكاتباً قد تحرّر نصفه ـ مثلاً ـ يؤخذ منه نصف دية الحرّ ونصف دية العبد (4) .
إلى غير ذلك من سائر الأحكام المذكورة في الموارد المتفرّقة من البابين المزبورين ، التي هي كثيرة جدّاً ، ومذكورة في غير واحد من الأخبار ، بحيث
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جواهر الكلام 15 : 34 .
(2) الحدائق 12 : 29 .
(3) الوسائل 28 : 136 / أبواب حدّ الزنا ب 33 .
(4) الوسائل 29 : 213 / أبواب ديّات النفس ب 10 .
|