استحباب اخراج زكاة مال التجارة للمجنون دون غيره - هل الاغماء والسكر ينافيان وجوب الزكاة إذا عرضا حال التعلّق ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4279


   [ 2614 ] مسألة 2 : يستحبّ للولي الشرعي إخراج زكاة مال التجارة للمجنون دون غيره ، من النقدين كان أو من غيرهما (2) .

ــــــــــــــــــــــ
   (2) فقد وردت عدّة روايات تضمّنت الأمر بالزكاة في مال التجارة للمجنون كالصبي، التي عمدتها صحيحة عبدالرّحمن بن الحجّاج ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : امرأة من أهلنا مختلطة ، أعليها زكاة ؟ «فقال : إن كان عمل به فعليها زكاة ، وإن لم يعمل به فلا» (1) ، ونحوها غيرها ممّا تضمّن التفصيل بين العمل وغيره .

   هذا ، وقد ألحق بعضهم المجنون بالصبي في استحباب الزكاة في الغلاّت ، وقد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 90 /  أبواب من تجب عليه الزكاة ب 3 ح 1 .

ــ[63]ــ

   [ 2615 ] مسألة 3 : الأظهر وجوب الزكاة على المغمى عليه في أثناء الحول، وكذا السكران(1)، فالإغماء والسكر لا يقطعان الحول فيما يعتبر فيه ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عرفت عدم ثبوت الحكم في الصبي فضلاً عن أن يتعدّى منه إلى المقام ، لمعارضة دليل الإخراج مع ما دلّ على العدم كما تقدّم (1) .

   ولو سُلِّم الحكم هناك فالتعدّي يحتاج إلى الدليل ، ولا دليل ، فكيف يمكن الحكم بالاسـتحباب بعد أن لم يكن المجنون مكلّفاً بشيء وليس لأحد أن يتصرّف في ماله ـ كغيره من القاصرين ـ من غير مجوّز شرعي ؟!

   ثمّ إنّ ظاهر صحيحة ابن الحجّاج المتقدّمة : وجوب الزكاة في ماله ، كما تقدّم نظـيره في مال الصبي(2) ، ولكن يُرفَع اليد عن هذا الظهور في كلا المـوردين ، ويُحمَل على الاستحباب ، بعين الوجه الذي تقدّم في الصبي ، فإنّ الكلام هنا هو الكلام هناك بمناط واحد ، كما أ نّه يثبت الاستحباب للمجنون بعدما أفاق لو لم يؤدّ وليّـه ، كما كان ثابتاً للصـبي بعد بلوغه في الفرض المزبور ، لعين الوجه المذكور ثَمّة ، فلاحظ وتذكّر .

   (1) فلا ينافي الإغماء والسكر تعلّق الزكاة . وهذا هو المعروف والمشهور بين الفقهاء .

   ونُسِب إلى بعضهم إلحاق المغمى عليه بالمجنون ، فلا تجب الزكاة عليهما ، وأمّا النائم فالظاهر أ نّه لا خلاف في وجوب الزكاة عليه وأنّ النوم لا يلحق بالجنون كما في سائر التكاليف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 55 .

(2) في ص 56 .

ــ[64]ــ

ولا ينافيان الوجوب إذا عرضا حال التعلّق في الغلاّت .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبيان ذلك : أ نّه قد يكون شيءٌ شرطاً للتكليف ابتـداءً من أجل تقييد الموضوع به ، وأنّ غيره غير مخاطب بالحكم أصلاً ، وهذا كما في البلوغ والعقل ، حيث إنّ الصبي والمجنون قد وُضِع عنهما قلم التكليف من أوّل الأمر بمقتضى حديث الرفع الوارد فيهما ، فلا يشملهما الخطاب من أصله بتاتاً ، وهذا واضح .

   واُخرى : لا يكون كذلك، وإنّما يثبت فيه التكليف لأجل العجز وعدم القدرة، كما في النائم ، وكذلك المغمى عليه والسكران ، بل الغافل والناسي ، فكان غافلاً حين تعلّق التكليف وناسياً أنّ له كذا مقداراً من الغلّة أو الذهب أو الفضّة مثلاً ، ففي هذه الموارد لا تكليف قطعاً ، لأ نّه مشروطٌ بالقدرة عقلاً ، المفقودة في هذه الفروض .

   وحينئذ فإن بنينا على ما بنى عليه غير واحد من الأعلام ـ من أنّ القدرة في أمثال المقام شرطٌ للتكليف عقلاً من غير دخل لها في الملاك ، وأنّ ملاك التكليف موجودٌ فعلاً وإن لم يكن التكليف بنفسه متوجّهاً إلى المخاطب ، نظراً إلى أنّ المانع مانعٌ عنه لا عن ملاكه ، فهو ثابتٌ في حقّه ، ولأجله لا يكون التكليف فعليّاً بعد ارتفاعه ـ فعلى هذا المبنى تثبت الزكاة في هذه الموارد بطبيعة الحال .

   وعلى هذا المبنى رتّب شيخنا الاُستاذ (قدس سره) عدم جريان الترتّب فيما كانت القدرة شرطاً شرعاً ، لاختصاص جريانه بما كانت شرطاً عقلاً (1) ، نظراً إلى أنّ القدرة على الأوّل حالها حال سائر الشرائط المأخوذة في الموضوع ، التي ينتفي بانتفائها الحكم بملاكه ، كما في موارد الوضوء والغسل ، حيث إنّ تقييد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 2 : 73 ـ 78 .

ــ[65]ــ

التيمّم بقوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا) (1) يعطينا بمقتضى المقابلة اشتراطهما بالقدرة شرعاً ، فلا ملاك مع العجز ، ولذا لا يجري فيه الترتّب .

   بخلافها على الثاني ، حيث إنّ الساقط حينئذ ليس إلاّ التكليف ، باعتبار أنّ العقل لا يجوّز تكليف العاجز ، وإلاّ فالملاك باق على إطلاقه .

   وكيفما كان ، فلا ريب في ثبوت الزكاة في المقام على هذا المبنى .

   ولكن المبنى في نفسه غير تامّ كما تعرّضنا له في الاُصول ، إذ لا طريق لنا إلى استكشاف الملاكات من غير ناحية الأحكام أنفسها ، فإنّ عدم ثبوت التكليف في موارد دخل القدرة عقلاً كما يمكن أن يكون لأجل الاقتران بالمانع وهو العجز ، كذلك يمكن أن يكون لأجل عدم المقتضي ، لدخل القدرة في الملاك في صقع الواقع وإن لم نعلم به ، فلا يمكن كشف الملاك إلاّ بدليل خارجي ، مثل الحكم بالقضاء فيما فات من الصلاة في حال النوم . وأمّا على نحو الكبرى الكلّيّة ـ  بحيث يُستكشَف الملاك في كلّ مورد كان التكليف مشروطاً بالقدرة عقلاً  ـ فكلاّ ، بل دون إثباته خرط القتاد كما لا يخفى .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net