وربّما يُستدَلّ على وجوب الزكاة في هذه الموارد بـ : أنّ القدرة إنّما هي شرطٌ ـ بحكم العقل ـ في التكليف فقط دون الوضع ، لعدم المقتضي للتقييد بالنسـبة إليه . وعليه ، فما دلّ من الروايات على الوضع ـ مثل : إنّ في خَمس من الإبل شاة (2) ، أو : فيما سقته السماء العشر(3)، ونحو ذلك ـ عامٌ يشمل أموال المغمى عليه والسكران ونحوهما ، إذ لا يحكم العقل إلاّ باشتراط القدرة في التكليف دون الوضع .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 43 ، المائدة 5 : 6 .
(2) الوسائل 9 : 108 / أبواب زكاة الأنعام ب 2 .
(3) الوسائل 9 : 182 / أبواب زكاة الغلاّت ب 4 .
ــ[66]ــ
ولكنّه أيضاً لا يتمّ ، لما تقدّم (1) من عدم الإطلاق في أدلّة الوضع ، لأ نّها إنّما سيقت لبيان مقدار الزكاة بالنسبة إلى من وجبت عليه الزكاة ، وأمّا أ نّها على من تجب وعلى من لا تجب فهي إلى ذلك غير ناظرة ، والدلالة من هذه الناحية قاصرة ، فهي في مقام بيان تعيين المقدار لا في من تجب عليه الزكاة لينعقد لها الإطلاق .
إذن يبقى الإشكال في تعلّق الزكاة في هذه الموارد على حاله .
والذي ينبغي أن يقال : إنّ مورد الإشكال إنّما هي التكاليف المؤقّتة المحدودة بما بين الحدّين ـ كالصلاة المقيّدة بما بين الطلوعين ـ فلو عرضه الإغماء أو السكر أو النوم في تمام الوقت فحينئذ يتّجه الإشكال في تعلّق القضاء ، نظراً إلى أنّ التكليف لم يثبت في حقّه في الوقت ، لاشتراطه بالقدرة عقلاً ، المنتفية عند إحدى تلك العوارض .
فيجاب عنه باستكشاف الملاك ، أو بنحو آخر مقرّرٌ في محلّه .
وأمّا في المقام ، فلم يكن التكليف مؤقّتاً إلاّ من ناحية المبدأ فقط ، وهو بلوغ النصاب ، وأمّا بقاءً ومن حيث المنتهى فلا أمد له . والمفروض أنّ هذا التكليف مشروطٌ بالقدرة بحكم العقل ، فإذا كان عاجزاً أوّل زمان التعلّق ، لكونه نائماً أو مغمىً عليه أو سكراناً ونحو ذلك ، ثمّ ارتفع العذر وتجدّدت القدرة ، فاستيقظ ـ مثلاً ـ بعد ساعة ، فأيّ مانع من التمسّك حينئذ بإطلاق الأمر بوجوب الزكاة؟! فإنّ التكليف وإن لم يكن متعلّقاً بهذا الشخص في بدء حدوثه ـ لمكان العجز ـ إلاّ أ نّه لم يكن مقيّداً بهذا الوقت حسب الفرض ، بل هو باق ومستمرّ ، فلا مانع من شموله له بقاءً بعد أن حصلت له القدرة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وتقدّم الإشكال فيه [ في ص 15 ـ 17 ] .
ــ[67]ــ
[ 2616 ] مسألة 4 : كما لا تجب الزكاة على العبد كذا لا تجب على سيّده فيما ملكه (1) ، على المختار من كونه مالكاً . وأمّا على القول بعدم ملكه فيجب عليه مع التمكّن العرفي من التصرّف فيه . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا نظير سائر التكاليف ـ كوجوب إزالة النجاسة عن المسجد ، ووجوب أداء الدين ، ووجوب الصلاة على الميّت أو غسله ، ونحو ذلك ـ فإنّه لو كان عاجزاً عن امتثال هذه التكاليف في أوّل زمان تعلّقها ، كما إذا لم يجد ماءً لغسل الميّت ثمّ بعد ساعة أو ساعتين تجدّدت القدرة ، فلا مانع من توجيه التكليف إليه فعلاً وإن كان ساقطاً سابقاً لمكان العجز .
وعليه ، فالتمسّك بهذه الإطلاقات لا مانع منه بوجه .
نعم ، تظهر الثمرة فيما إذا استمرّ العذر ـ من الإغماء أو السكر ونحو ذلك ـ إلى أن مات أو إلى أن جنّ بحيث لم يكن التكليف فعليّاً في حقّه بتاتاً ، فإنّه يقع الإشكال في وجوب الزكاة حينئذ حتى لو كان العذر هو النوم ، إلاّ إذا كان هناك إجماعٌ محقّق كما لا يبعد ثبوته في النوم ، وإلاّ فهو محلٌّ للإشكال ، لأ نّه حين تعلّق الزكاة لم يكن مكلّفاً لمكان العجز ، وبعده ارتفع الموضوع ومات ولم يبق في قيد الحياة أو عرضه الجنون المانع عن تعلّق التكليف .
(1) كما تقدّم الكلام فيه مستقصىً (1) ، فلا نعيد . ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 21 ـ 23 .
|