ــ[76]ــ
على المختار من عدم منع الخيار من التصرّف ، فلو اشترى نصاباً من الغنم أو الإبل ـ مثلاً ـ وكان للبائع الخيار ، جرى في الحول من حين العقد لا من حين انقضائه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سره) (1) ـ لا إشكال في عدم الزكاة ما دام الخيار باقياً، لانتفاء الملك حسب الفرض، ولا زكاة إلاّ في ملك .
لكن المبنى فاسد كما تعرّض له الشيخ الأعظم في المكاسب (2) ، فإنّ الخيار حقٌّ متعلّقٌ بالعقد يوجب تزلزله وجواز فسخه وإرجاع العين التي انتقلت إلى الطرف الآخر بمجرّد العقد ، كما هو الحال في العقود الجائزة بالذات كالهبة ، فكما أنّ الموهوب له يملك بمجرّد الهبة غاية الأمر أنّ الواهب يجوز له الرجوع ما لم يطرأ ما يقتضي اللزوم من قصد القربة أو كونه ذي رحم ونحو ذلك . فكذا في المقام . نعم ، يفترقان في أنّ الجواز هنا حقّي ، وفي الهبة حكمي لا يكاد يسقط بالإسقاط .
ثمّ إنّه بناءً على حصول الملك ، فهل لمن عليه الخيار أن يتصرّف في المال تصرّفاً مالكيّاً من بيع أو هبة أو وقف ونحو ذلك ، أم لا ؟ فيه كلام .
والصحيح ـ كما اختاره في المتن ـ أ نّه لا مانع من ذلك ما لم يشترط خلافه كما تعرّضنا له في بحث المكاسب ، فإنّ الخيار متعلّق بالعقد ، ولذا فسّروه بملك فسخ العقد ، ولا تعلّق له بالعين لتكون متعلّقاً لحقّ ذي الخيار ، غاية الأمر أ نّه بعد الفسخ إن كانت العين موجودة استردّها الفاسخ ، وإلاّ انتقل إلى البدل من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ الجواهر 15 : 39 .
(2) المكاسب (الخيارات) : 214 ـ 215 .
ــ[77]ــ
مثل أو قيمة .
وعلى هذا ، فلا مانع من تعلّق الزكاة من هذه الناحية أيضاً ، فإنّه ملكٌ طلق يجوز التصرّف فيه ، فتعلّق الخيار بالعقد الواقع على المال الزكوي لا يمنع عن تعلّق الزكاة بوجه .
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ بعض أقسام الخيار له نحو تعلّق بالعين ، وهو الخيار المشروط بردّ الثمن ، فيشترط عند البيع أ نّه متى جاء بالثمن كان له الفسخ ، ويقال له : بيع الخيار ، الذي هو متعارف حتى في العصر الحاضر ، فإنّ مثل هذا البيع مشروطٌ بحسب الارتكاز بالتحفّظ على العين وعدم التصرّف فيها ، ليتمكّن ذو الخيار من استردادها خلال تلك المدّة المضروبة والأجل المعيّن لو اختار الفسخ وردّ الثمن ، فليس له التصرّف الاعتباري من بيع أو نحوه ، بل يلزمه الإبقاء إلى زمان الانقضاء .
فحينئذ يمكن أن يقال : إنّ الملك قاصر ، لكون العين متعلّقاً لحقّ الغير ، كما كان كذلك في حقّ الرهانة ، ولا زكاة في الملكيّة القاصرة كما تقدّم (1) .
ويندفع بما أسلفناك في منذور الصدقة (2) من أنّ الحكم التكليفي المحض لا يستوجب قصراً في الملك ولا نقصاً في الوضع والسيطرة على العين ، بل غايته العصيان لو خالف لا البطلان ، فلو باع المنذور صحّ البيع وإن كان آثماً ، لعدم كون العين المنذورة متعلّقاً لحقّ الفقير ولا لحقّ الله ليمنع عن التصرّف .
وإنّما يتحقّق القصر في مثل الوقف ، حيث لا سلطنة للموقوف عليه على
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 33 ـ 34 .
(2) في ص 42 .
ــ[78]ــ
الرقبة ليتمكّن من بيعها ، وملكيّته لها محدودة بالانتفاع بها من الأوّل ، ولذا لو مات لايورث، بل يتلقّاها البطن اللاحق من نفس الواقف لا بإرث من السابق.
وكذلك الحال في العين المرهونة ، فإنّها وثيقة وتحت سيطرة المرتهن ، وله منع الراهن عن التصرّف فيها ، بل لا يسوغ تصرّفه إلاّ بإذنه ، وهذا يستتبع بطبيعة الحال حقّاً للمرتهن متعلّقاً بشخص العين ، المستلزم لقصر الملك ونقصه .
وهذا بخلاف المقام ، ضرورة أنّ الشرط الارتكازي المزبور المتعلّق بالمحافظة على العين لا يتضمّن إلاّ الحكم التكليفي بوجوب الإبقاء ، وإلاّ فالعين تحت يد المشتري وفي قبضته وتصرّفه ، فإنّها ملكه وليس لذي الخيار منعه ولا أخذه منه بغير إذنه ، ولو مات المشتري انتقل إلى وارثه . فجميع أحكام الملك الطلق متحقّق ، غايته أ نّه محكومٌ شرعاً بأن لا يخرجه من ملكه بناقل من بيع أو هبة ونحو ذلك، وهذا كما عرفت حكم تكليفي لا يترتّب على مخالفته سوى العصيان ، وإلاّ فالبيع صحيحٌ صادر من أهله في محلّه ، فلو فسخ ذو الخيار بعد أن ردّ الثمن : فإن كانت العين موجودة استردّها ، وإن كانت تالفة بتلف حقيقي أو اعتباري انتقل إلى البدل من المثل أو القيمة ، كما هو الشأن في سائر موارد الخيار .
وبالجملة : فلم يثبت حقّ في المقام متعلّق بالعين ليمنع عن التصرّف كي لا تثبت الزكاة . وعليه ، فلو اشترى كمّيّة من الشياه بالغة حدّ النصاب في بيع مشروط بردّ الثمن وحال عليها الحول ، وجبت الزكاة فيها ، ولا يكون الخيار المزبور مانعاً عنها ، فإنّه كما عرفت ملك فسخ العقد ، فهو متعلّق بالعقد ولا يوجب حقّاً في العين بوجه .
|