ــ[102]ــ
وإن كان مؤقّتاً بما قبل الحول (1) ووفى بالنذر فكذلك لا تجب الزكاة إذا لم يبق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعليه ، فلا مزاحمة ولا منافاة بين الحكمين ـ أعني : وجوب الزكاة ووجوب الوفاء بالنذر ـ فيمكنه دفع الزكاة أوّلاً من نقد أو عين اُخرى ليتمكّن من التصرّف في العين المنذورة ثمّ يتصدّق بها .
وهذا كما لو نذر التصدّق بمال مأذون في التصرّف فيه أو نذر الولي التصدّق بمال الصبي، فإنّه حيث له الولاية على التبديل ـ إمّا لكونه وليّاً أو للإذن الخاصّ من المالك ـ صحّ النذر وإن كان متعلّقاً بملك الغير ، فيتصدّق ويفي بنذره ويدفع بدله للمالك .
فما ذكره في المتن ـ من وجوب إخراج الزكاة أوّلاً ثمّ الوفاء بالنذر ـ غير ظاهر، لعدم التنافي بين الحكمين كما عرفت ، بل يجب الوفاء بالنذر وإخراج الزكاة ولو من القيمة كما نبّه عليه سيّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) في تعليقته الشريفة .
فتحصّل : أنّ في حكم النذر في هذا الفرض وجوهاً ثلاثة :
الصحّة مطلقاً .
البطلان مطلقاً .
التفصيل بين مقدار الزكاة وغيره ، فيبطل في الأوّل دون الثاني .
وقد عرفت أنّ الصحيح هو الأوّل ، ومع الغضّ عنه فالأخير ، ولا وجه للثاني .
(1) تقدّم الكلام في القسم الأوّل ، أعني : النذر المطلق .
وأمّا القسم الثاني ـ وهو المؤقّت بوقت خاصّ ـ فقد يكون الوقت قبل الحول ـ كما لو نذر أن يتصدّق به في شهر رجب والحول يتحقّق بحلول رمضان ـ
ــ[103]ــ
بعد ذلك مقدار النصاب، وكذلك إذا لم يف به وقلنا بوجوب القضاء ـ بل مطلقاً ـ لانقطاع الحول بالعصيان ((1)).
نعم ، إذا مضى عليه الحول من حين العصيان وجبت على القول بعدم وجوب القضاء . وكذا إن كان مؤقّتاً بما بعد الحول ، فإنّ تعلّق النذر به مانعٌ عن التصرّف فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واُخرى يكون بعده ، كما لو كان الوقت شهر شوّال في المثال .
أمّا الأوّل : فإن وفى فيه بالنذر فلا إشكال في سقوط الزكاة ، لانتفاء الموضوع بعد فرض عدم بقاء مقدار النصاب بعد الوفاء كما هو ظاهر .
وأمّا إذا لم يف به : فإن قلنا بوجوب القضاء ، كان حكمه حكم النذر المطلق الحاصل أثناء الحول ، لوحدة المناط ، وحينئذ : فإن بنينا ـ كما عليه المشهور ـ أ نّه يمنع عن تعلّق الزكاة ، نظراً إلى أنّ الحكم التكليفي بوجوب التصدّق والعجز التشريعي عن سائر التصرّفات بمثابة العجز التكويني ، قلنا به هنا أيضاً ، إذ الاعتبار في هذا المناط بمانعيّة الوجوب الفعلي ، سواء أكان بعنوان الأداء أم القضاء ، وحيث عرفت ثَمّة أنّ الأقوى عدم المانعيّة فكذا فيما نحن فيه .
وأمّا إذا لم نقل بوجوب القضاء ، فهل يكون النذر بنفسه حينئذ موجباً لانقطاع الحول ـ كما ذكره في المتن ـ فلا تجب الزكاة إلاّ بعد مضيّ الحول من حين العصيان ؟
الظاهر عدم القطع، حتى بناءً على أنّ العجز التشريعي مانعٌ عن تعلّق الزكاة،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العصيان لا يوجب انقطاع الحول ، فلو كان هنا قاطعٌ فلا محالة يكون هو النذر نفسه ، إلاّ أ نّك عرفت أ نّه ليس بقاطع ولا سيّما في الفرض المزبور .
ــ[104]ــ
لعدم الدليل عليه بوجه ، ضرورة أنّ الحكم التكليفي لو كان ثابتاً فعلاً أمكن أن يقال : إنّ العجز التشريعي ملحقٌ بالعجز التكويني عن التصرّف في المنع عن الزكاة ، وأمّا الحكم التكليفي العارض أثناء الحول الزائد بإنعدام الموضوع ـ لكونه مؤقّتاً بوقت قد مضى وسقط التكلف ـ فقاطعيّته للحول ومانعيّته عن تعلّق الزكاة لدى استجماع الشرائط مشكلة جدّاً ، لعرائها عن أيّ دليل ، فلو كان له مالٌ وجب صرفه أثناء الحول ساعة أو ساعتين في أداء الدين للمطالبة أو لنفقة واجبة ، فعصى ولم يصرف ، فالحكم بالقاطعيّة بمجرّد ذلك في غاية الإشكال كما لا يخفى .
هذا ، وأمّا ما في المتن ـ من قوله (قدس سره) : بل مطلقاً لانقطاع الحول بالعصيان ـ فلا تخلو العبارة عن قصور ومسامحة كما اُشير إليه في التعليقة (1) ، ضرورة أنّ العصيان لا يوجب انقطاع الحول جزماً ، فلو كان هناك قاطع فإنّما هو نفس الوجوب التكليفي الناشئ من قبل النذر ، وقد عرفت أنّ قطعه لا يخلو عن الإشكال في الفرض المزبور ، لانتفاء الوجوب فعلاً وزواله حسبما بيّناه .
وأمّا الثاني ـ أعني : ما إذا كان الوقت بعد الحول ـ : فحكمه حكم النذر المطلق في المنع عن تعلّق الزكاة على القول به ، فإنّ زمان الواجب وإن كان متأخّراً إلاّ أنّ العبرة في هذا المنع بنفس الوجوب الحاصل من حين تعلّق النذر الذي كان قبل حلول الحول ، لوجوب حفظه مقدّمةً لصرفه في ظرفه ، فتعلّق النذر مانعٌ عن التصرّف فيه ، فبناءً على أنّ هذا المنع التشريعي بمثابة العجز التكويني في المانعيّة عن تعلّق الزكاة كما تقدّم في النذر المطلق ، لم تجب الزكاة في المقام أيضاً ، لوحدة المناط ، لكن المبنى غير تامّ كما مرّ غير مرّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع ص 101 .
|