ــ[115]ــ
[ 2626 ] مسألة 14 : لو مضت سنتان أو أزيد على ما لم يتمكّن من التصرّف فيه ـ بأن كان مدفوناً ولم يعرف مكانه ، أو غائباً ، أو نحو ذلك ـ ثمّ تمكّن منه ، استحبّ زكاته لسنة ، بل يقوى استحبابها بمضيّ سنة واحدة أيضاً (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو من أجل أن حكومة الوقت لا تسمح بالخروج عن المنطقة في تلك الآونة ـ وجب عليه الخروج في هذا الوقت فيما إذا كانت الاستطاعة باقية في تمام المدّة ولم يلزم العسر والحرج المسقطين للتكليف .
وعلى الجملة : فالاعتبار في تعلّق الحجّ بمجرّد الاستطاعة المفسّرة بما عرفت .
وعليه ، فلا يعقل فرض المقارنة بين حلول الحول الموجب لتعلّق الزكاة وبين حدوث ما يوجب الحجّ ـ أعني : الاستطاعة ـ بل الثاني مقدّمٌ دائماً ، لسبق الملكيّة على حلول الحول على ما يملك بالضرورة .
ومنه تعرف عدم إمكان فرض تقديم حلول الحول ، فوجوب الحجّ مقدّمٌ على وجوب الزكاة في جميع تلك الأقسام .
نعم ، يمكن فرض المقارنة فيما لا يعتبر فيه الحول ، كالغـلاّت ، فلو حصلت الاستطاعة بنفس انعقاد الحبّة أو الاصفرار أو الاحمرار ـ الذي هو بنفسه زمان تعلّق الزكاة ـ فقد تقارن الوجوبان وحدثا في زمان واحد ، والواجب حينئذ تقديم الزكاة كما ذكره في المتن ، لأنّ الاستطاعة لا تحصل إلاّ بملكه لا بما هو شريكٌ فيه مع غيره ، فتعلّق الزكاة بالعين وشركة الفقراء فيها تمنع عن حدوث الاستطاعة ، فلا موضوع لها ، بخلاف الزكاة ، فإنّها تتعلّق بالعين من غير إناطة بشيء كما لا يخفى . فالمقارنة إنّما تتصوّر في هذا النوع من الجنس الزكوي ، دون غيره ممّا يعتبر فيه الحول ، كالنقدين والأنعام .
(1) يقع الكلام :
تارةً : في اختصاص الحكم بالمدفون والغائب ، فلا زكاة في غيرهما ممّا لم
ــ[116]ــ
يكن متمكّناً من التصرّف فيه لسرقة أو غصب أو جحد ثمّ تجدّدت القدرة لا وجوباً ولا استحباباً ، أو أنّ الحكم عامٌّ يشمل جميع ذلك .
واُخرى : في أنّ الاستحباب هل يختصّ بما إذا كان زمان العجز عن التصرّف سنتين أو أزيد ، أو أ نّه يعمّ ولو كان سنة واحدة ؟
وقد اختار الماتن (قدس سره) الإطلاق في كلٍّ من الجهتين ، وهو الصحيح ، لعموم المستند .
فإنّ بعض الروايات وإن كانت قاصرة سنداً ـ وهي ما رواه عبدالله بن بكير عن زرارة ، أو عمّن رواه ، حسب اختلاف النسخ (1) ـ لمكان احتمال الإرسال المسقط لها عن صلاحيّة الاستدلال كما تقدّم (2) .
والبعض الآخر قاصرة الدلالة على العموم ، لاختصاصها بخمس سنين ، وهي صحيحة رفاعة بن موسى : عن الرجل يغيب عنه ماله خمس سنين ثمّ يأتيه فلا يرد رأس المال ، كم يزكّيه ؟ «قال : سنة واحدة» (3) .
ولكن العمدة صحيحة سدير الصيرفي ـ وهي وافية بالمقصود ـ : في رجل كان له مال فانطلق به فدفنه في موضع ، فلمّا حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه فاحتفر الموضع الذي ظنّ أنّ المال فيه مدفونٌ فلم يصبه ، فمكث بعد ذلك ثلاث سنين ، ثمّ إنّه احتفر الموضع الذي من جوانبه كلّه فوقع على المال بعينه ، كيف يزكّيه ؟ «قال : يزكّيه لسنة واحدة ، لأ نّه كان غائباً عنه وإن كان احتبسه» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 95 / أبواب من تجب عليه الزكاة ب 5 ح 7 .
(2) في ص 83 .
(3) الوسائل 9 : 94 / أبواب من تجب عليه الزكاة ب 5 ح 4 .
(4) الوسائل 9 : 93 / أبواب من تجب عليه الزكاة ب 5 ح 1 .
|