ــ[137]ــ
أحدها : الحبوب (1) ممّا يكال أو يوزن ، كالاُرز ، والحمّص ، والماش ، والعدس ، ونحوها .
وكذا الثمار، كالتفّاح، والمشمش، ونحوهما(2)، دون الخضر والبقول، كالقَتّ والباذنجان، والخيار، والبطّيخ، ونحوها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«صدِّقوا الزكاة في كلّ شيء كيل» (1) .
فإنّ تصديق الإمام (عليه السلام) لتلك الروايات المتعارضة المرويّة عن الصادق (عليه السلام) ليس له وجه صحيح عدا إرادة الاستحباب فيما عدا التسع ، وإلاّ فلا يمكن في مثله الحمل على التقيّة بالضرورة ، إذ لا معنى للتقيّة في تصديق الخبرين المتعارضين .
وعلى الجملة : فالروايات في أنفسها ـ لولا دليل التصديق ـ متعارضة غير قابلة للحمل على الاستحباب ، لعدم كونه من الجمع العرفي في مثلها ، إلاّ أ نّه بعد ملاحظة التصديق الصادر من الإمام (عليه السلام) الذي تضمّنته هذه الصحيحة يحكم بأنّ المراد الجدّي هو الاستحباب ، وإلاّ لم يكن وجهٌ للتصديق أبداً ، فتدبّر جدّاً .
إذن فما ذهب إليه المشهور من الحكم بالاستحباب في سائر الحبوب ـ ما عدا الحنطة والشعير ـ ممّا يكال أو يوزن هو الصحيح .
(1) كما ظهر وجهه ممّا مرّ آنفاً .
(2) على المشهور ، بل بلا خلاف أجده كما في الجواهر(2) إلاّ من شيخه في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوردها في الوسائل 9 : قطعة منها في ص 55 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 8 ح 6 ، وقطعة اُخرى في ص 61 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 9 ح 1 .
(2) الجواهر 15 : 69 .
ــ[138]ــ
كشف الغطاء (1) ، استناداً إلى صحيحة محمّد بن مسلم : في البستان يكون فيه الثمار ما لو بيع كان مالاً ، هل فيه الصدقة ؟ «قال : لا» (2) .
وفيه ما لا يخفى ، إذ مقتضى الجمع بين هذه الصحيحة النافية وبين دليل الإثبات ـ لو كان ـ هو الحمل على الاستحباب ، بأن يكون المراد من النفي نفي الوجوب غير المنافي لثبوت الاستحباب الذي يراه المشهور ، كما هو مطّرد في كثير من الأبواب .
والصحيح ما اختاره (قدس سره) من إنكار الاستحباب ، لا لما علّله في الجواهر من إبداء المانع(3) ـ أعني : صحيحة ابن مسلم ـ لما عرفت ما فيه ، بل لقصور المقتضي ، وعدم ورود دليل يقتضي تعلّق الزكاة في الثمار كي يحمل على الاستحباب .
أمّا النصوص المتضمّنة لثبوت الزكاة في الحبوب وما يكال ويقفز ، فقصور شمولها للثمار ظاهر ، لعدم كونها من الحبوب ولا من المكيل ، إذ لم يتعارَف بيع الثمار بالكيل لا في القرى ولا البلدان أبداً ، وإنّما هي تباع وزناً أو عدداً أو بالخرص والتخمين والمشاهدة ، ولم يعهَد بيعها كيلاً .
وأمّا النصوص المتضمّنة لثبوتها في كلّ شيء أنبتت الأرض فكذلك ، فإنّ هذا العنوان وإن كان صادقاً على الثمار ـ ولا يصغى إلى ما ادّعاه المحقّق الهمداني (قدس سره) من الانصراف(4) ، إذ لا وجه له كما لا يخفى ـ إلاّ أنّ تلك النصوص بأنفسها تضمّنت استثناء الخضر، كما في صحيح زرارة : «قال : وجعل رسول الله
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كشف الغطاء : 347 .
(2) الوسائل 9 : 67 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 11 ح 3 .
(3) الجواهر 15 : 71 .
(4) مصباح الفقيه 13 : 107 ـ 111 .
|