الثالثة : لو لم تكن عنده لا بنت المخاض ولا ابن اللبون ، فهل هو مخيّر في شراء أ يّهما شاء ، أو أ نّه يتعيّن شراء بنت المخاض ؟
اختار الماتن وغيره : الأوّل ، نظراً إلى الإطلاق في دليل البدليّة .
واعترض عليه في الجواهر بأنّ دليل البدليّة ـ على تقدير كون الشرط حقيقيّاً لا صوريّاً ـ ناظرٌ إلى فرض وجود ابن اللبون كما هو المنساق من النصّ ، فلا بدليّة في فرض عدمهما ، بل اللاّزم حينئذ وجوب شراء بنت المخاض ، عملاً بإطلاق دليل الإلزام بها (1) .
واُجيب عنه : بأ نّه بعد شرائه يصدق أ نّه واجدٌ له ـ أي لابن لبون ـ وليس واجداً لبنت مخاض ، فيندرج حينئذ في النصّ ويشمله دليل البدليّة .
وردّه في الجواهر بأنّ الكلام في أنّ الواجب عليه قبل شرائه ماذا ، فإذا كان الواجب عليه آنذاك شراء بنت المخاض ـ لقصور دليل البدليّة كما سمعت ـ فبأيّ مسوّغ يجوز له تركه وشراء ابن اللبون ليدّعى البدلية حينئذ (2) ؟!
أقول : الظاهر صحّة ما أفاده في المتن من التخيير ، عملاً بالإطلاق في دليل البدليّة . ولا يُصغى إلى ما ذكره في الجواهر من اختصاصه بصورة وجود ابن اللبون ، إذ لا موجب للاختصاص بعد إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحتي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 15 : 117 .
(2) الجواهر 15 : 117 .
ــ[160]ــ
زرارة وأبي بصير : «فإن لم يكن عنده ابنة مخاض فابن لبون ذكر» (1) ، فإنّه يعمّ صورتي وجود ابن اللبون وعدمه .
نعم ، صحيحة اُخرى لزرارة مقيّدة بالوجود ، قال (عليه السلام) فيها : « ... ومن وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده وكان عنده ابن لبون ذكر فإنّه يقبل منه ابن لبون» (2) .
إلاّ أنّ من الواضح أ نّها ناظرة إلى مقام الامتثال والدفع والأداء خارجاً ، بقرينة قوله (عليه السلام) : «فإنّه يقبل منه» ، ولا شكّ في لزوم فرض الوجود حينئذ ، وإلاّ فأيّ شيء يقبل منه ، فالقيد مسوق لبيان تحقّق الموضوع ، ومثله لا مفهوم له أبداً ، فلا يدلّ بوجه على اختصاص البدليّة بما إذا كان واجداً لابن اللبون من الأوّل ، بل يعمّ ما لو شراه في مقام الأداء بعد أن كان فاقداً له سابقاً .
فتلحق هذه الصحيحة بالصحيحتين المتقدّمتين في الدلالة على الإطلاق ، ولا أقلّ من عدم الدلالة على التقييد .
فظهر أنّ الأقوى : التخيير في شراء أ يّهما شاء كما ذكره في المتن ، ويترتّب عليه أ نّه بناءً على جواز دفع القيمة بدلاً عن العين ـ على ما سيجيء في محلّه إن شاء الله تعالى (3) ـ يجوز له دفع القيمة عن أيّ منهما شاء ، فإنّ التخيير بين العينين يستدعي التخيير بين القيمتين ـ بعد البناء على جواز التقويم ـ بطبيعة الحال .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 108 و 109 / أبواب زكاة الأنعام ب 2 ح 1 ، 2 .
(2) الوسائل 9 : 127 / أبواب زكاة الأنعام ب 13 ح 1 .
(3) في ص 189 .
|