هل يتعيّن دفع الزكاة من النصاب أو لا ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3666


ــ[182]ــ

ولا يتعيّن عليه أن يدفع الزكاة من النصاب ، بل له أن يدفع شاةً اُخرى (1) ، سواء كانت من ذلك البلد أو غيره ، وإن كانت أدون قيمةً من أفراد ما في النصاب ، وكذا الحال في الإبل والبقر .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   والمتيقّن ممّا لا يطلق عليه الجذع هو الذي لم يكمل الستّ ، فهذا المقدار ممّا يقطع بخروجه عن تحت الإطلاقات ، وأمّا الزائد على ذلك ممّا يُشَكّ في صدق المفهوم عليه فهو مشكوك الخروج ، ومعه كان المرجع أصالة الإطلاق .

   ومع الغضّ عن هذا أيضاً وتسليم عدم جواز الرجوع إلى الإطلاق ، أو عدم كونه في مقام البيان من هذه الجهة ـ كما ربّما يظهر من صاحب الجواهر في غير هذا المقـام (1) ـ فتكفينا أصالة البراءة عن التقييد الزائد على المقدار المعـلوم الشرعيّة والعقليّة ، أو الشرعيّة فقط ، على الخلاف المقرّر في محلّه ، فإنّ تقيد الشاة بعدم كونها دون السـتّ معلوم ، وأمّا الزائد على ذلك بأن يكون قد أكملت السنة ـ مثلاً ـ فهو كلفة زائدة يُشكّ في اعتبارها ، والمرجع في نفيها أصالة البراءة ، بناءً على ما هو المحقّق في محلّه من عدم الفرق في الرجوع إليها في الأقلّ والأكثر بين الاستقلالي والارتباطي .

   وملخّص الكلام : أنّ التقييد بالجذع غير ثابت ، فهو مشكوك فيه من أصله، فيُتمسّك في نفيه بأصالة الإطلاق . ومع التسليم فحدّ المفهوم مجمل يُقتَصر فيه على المتيقّن ، ويُتمسّك في الزائد بأصالة الإطلاق إن أمكن ، وإلاّ فبأصالة البراءة حسبما عرفت .

   (1) أمّا إذا كانت الشاة المدفـوعة زكاةً عن نصاب الإبل فظاهر ، وأمّا إذا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 15 : 131 .

ــ[183]ــ

كانت عن نصاب الشياه فكذلك فيما إذا اعتبرنا دفع الجذعة وفسّرناها بما دون السنة كإكمال السبع ـ مثلاً ـ لاعتبار حلول الحول في تعلّق الزكاة ، فلا يمكن دفع الجذعة بالمعنى المتقدّم من نفس النصاب ، فلا مناص من دفع شاة اُخرى من غير الشياه التي فيها الزكاة .

   فمحلّ الكلام ما إذا فُسِّرت الجذعة بما أكملت السنة أو لم نعتبرها أو كان المدفوع ثنيّاً ـ في المعز ـ ونحو ذلك ممّا يمكن الدفع من نفس النصاب وتمكن دعوى التقييد به .

   وحينئذ فلا ينبغي التأمّل في جواز الإخراج من غير النصاب بعنوان القيمة ، للنصوص الآتية الدالّة على ذلك ، بناءً على عدم الفرق في المدفوع قيمةً بين النقدين وغيرهما كما سيجيء إن شاء الله تعالى (1) .

   إنّما الكلام في جواز إخراج جنس النصاب من غيره بدون اعتبار القيمة ، فقد ناقش فيه في الجواهر (2) ، نظراً إلى عدم الدليل على كفاية مطلق الجنس ولو من غير عين النصاب ، فإنّ الإطلاقات لا يثبت بها إلاّ كفاية المطلق ممّا في العين التي تعلّقت بها الزكاة لا المطلق ولو من غيره .

   ولكن الظاهر جواز الدفع من غير العين حتى بعنوان نفس الواجب دون القيمة ، لعدم قصور في الإطلاقات عن الشمول لذلك ، فإنّ قوله (عليه السلام) : «في كلّ أربعين شاة شاةٌ» مطلقٌ يشمل الشاة المدفوعة من نفس الأربعين ومن غيرها ، لعدم دلالتها على التقييد بالأوّل بوجه .

   فإنّ هذا التعبير بعينه مثل التعبير في قوله (عليه السلام) : «في كلّ خمس من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 189 .

(2) الجواهر 15 : 167 ، 168 .

ــ[184]ــ

الإبل شاةٌ» ، أفهل يحتمل أن يكون المراد الشاة التي في الإبل الخمسة التي هي خالية عنها بالمرّة ؟ فوحدة اللسان واتّحاد السياق يكشف عن الإطلاق وعدم التقييد بالعين الزكويّة في كلا المقامين بمناط واحد .

   ومنه تعرف عدم الفرق في الشاة المدفوعة من خارج النصاب بين ما إذا كانت من ذلك البلد أو من غيره ، كما لا فرق أيضاً بين ما كانت مساوية لأفراد ما في النصاب على اختلاف قيمتها أم كانت أدون منها في القيمة ، كلّ ذلك للإطلاق .

   وملخّص الكلام في المقام : أنّ الشاة المدفوعة من خارج النصاب قد تكون ملحوظة بعنوان القيمة المترتّب عليها لزوم التتميم إن كانت أقلّ ، وجواز استرجاع الزائد إن كانت أكثر .

   واُخرى : بعنوان أ نّها بنفسها مصداق للزكاة .

   أمّا الأوّل : ففيه خلافٌ وإشكال ، نظراً إلى أنّ المتيقّن من دفع القيمة هو النقدان دون غيرهما ، وسيجيء البحث حول ذلك قريباً إن شاء الله تعالى (1) ، فهذا خارجٌ عن محلّ الكلام .

   وكلامنا فعلاً متمحّضٌ في الثاني ، وقد عرفت أنّ المشهور جواز الدفع كذلك ، بل ادُّعي عليه الإجماع ، غير أ نّه نُسِب الخلاف إلى شاذّ ، فحَكَم بلزوم الدفع من نفس النصاب ، باعتبار أنّ هذا هو مقتضى تعلّق الزكاة بالعين .

   ولكن الأقوى ما عليه المشهور ، عملاً بإطلاق قوله (عليه السلام) : «في كلّ أربعين شاة» وغيره من سائر الأدلّة ، إذ لم يتقيّد شيءٌ منها بلزوم كون الشاة المدفوعة من نفس النصاب ، بل قد لا يعقل ذلك كما في قوله (عليه السلام) : «في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 189 .

ــ[185]ــ

خمس من الإبل شاة» مع وحدة اللسان واتّحاد السياق .

   ولا ينافي ذلك تعلّق الزكاة بالعين ـ الذي هو مستفاد من دليل آخر مثل ما دلّ على المنع عن المضاربة قبل دفع الزكاة ، وما دلّ على أ نّه إذا اشترى النصاب قبل دفع الزكاة وجب دفعها على المشتري ورجع بها إلى البائع ، الكاشف عن عدم نفوذ البيع في مجموع العين ، لأجل تعلّق الزكاة بها ، وغير ذلك ممّا سيجيء إن شاء الله تعالى ـ إذ لا تنافي بين ذلك وبين جواز التبديل بعين اُخرى ، كما ثبت ذلك في القيمة نقداً بلا إشكال .

   وعلى الجملة : فالزكاة وإن كانت متعلّقة بالعين بنحو من أنحاء التعلّق كما ستعرف ، إلاّ أنّ هذا لايستلزم أن يكون الدفع أيضاً من نفس العين ، بل مقتضى الإطلاق جواز الدفع ولو من خارج النصاب ، كما يعضده لزوم دفع الجذعة المفسّرة في كلام المشهور بما أكمل السبع ، فإنّه غير موجود في النصاب المعتبر فيه الحول .

   ويعضده أيضاً : أ نّه قد لا يمكن مراعاة الإخراج من العـين في سائر النُصُب ، كالتبيع المعتبر في نصاب البقر ، وبنت المخاض أو بنت اللبون في نصاب الإبل ، فيما إذا لم يوجد شيء من ذلك فيما عنده من البقر أو الإبل المتعلّقين للزكاة .

   وممّا ذكرنا يظهر عدم الفرق في الشاة المدفوعة بين ما كانت من نفس البلد أو من خارجه ، لما عرفت من الإطلاق .

   وما عن الشيخ من اعتبار الأوّل ، نظراً إلى لزوم الاتّحاد مع ما فيه الزكاة في الخصوصيّات كالمكّيّة والعربيّة والبَخاتيّة ونحو ذلك (1) .

   مدفوعٌ بأنّ بين الأمرين عموماً من وجه ، فقد لا يوجد في البلد من خارج

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخلاف 2 : 17 ، المبسوط 1 : 196 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net