يبقى الكلام في تحديد الدرهم والدينار بحسب الوزن بعد وضوح تعذّر معرفة الوزن الحقيقي بحسب المداقّة العقليّة ، وأنّ المراد تشخيص الوزن العرفي المبنيّ على نوع من المسـامحة ولو يسيراً حتى في مثل الذهب ، فإنّ الصـائغين أيضاً يسامحون في أوزانهم شيئاً ما ، بل يختلف أوزان بعضهم مع بعض كما أخبر به بعض الثقات .
وكيفما كان ، فالمراد بالدينار هو المثقال الشرعي الذي هو ثلاثة أرباع المثقال
ــ[265]ــ
الصيرفي ، فإنّ المثقال الصيرفي المتداول في عصرنا الحاضر أيضاً أربع وعشرون حمّصة بالحمّصة المتعارفة ، فيكون الشرعي ثماني عشرة حمّصة ـ أي يكون الصيرفي مثقالاً شرعيّاً وثلثه ـ كما نصّ عليه غير واحد من الأعلام ووصل إلينا كذلك خلفاً عن سلف .
وعلى هذا فيكون النصاب الأوّل خمسة عشر مثقالاً بالمثقال الصيرفي، وزكاته ربع مثقال وثمنه الذي هو ثلاثة أرباع النصف .
كما أ نّهم ذكروا أيضاً أنّ الدرهم سبعة أعشار المثقال الشرعي ، أي أنّ كلّ عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل شرعيّة ، فإذا كان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع الصيرفي كان الدرهم نصف المثقال الصيرفي وربع عشره .
ونتيجة ذلك : أنّ النصاب الأوّل للفضّة ـ الذي هو مائتا درهم ـ مائة وخمسة مثاقيل صـيرفيّة ، كما أنّ النصاب الثاني ـ الذي هو أربعـون درهماً ـ واحد وعشرون مثقالاً صيرفيّاً على ما ذكره في المتن .
فإن تمّ ما ذكره الأصحاب من التحديد المزبور كما هو الصحيح ـ لأ نّهم تلقّوها كذلك خلفاً عن سلف كما سمعت ـ فلا كلام ، وإلاّ بحيث شككنا فيما هو المراد من المثقال المجعول موضوعاً للنصاب ، حيث إنّ تفاوت الحمّصات وإن كان يسيراً لدى الانفراد لكنّه تفاوتٌ فاحش لدى الاجتماع ، ولا سيّما إذا كانت الكمّيّة كثيرة ـ كألف دينار مثلاً ـ فالمرجع حينئذ عموم قوله تعالى : (وَا لَّذِينَ يَكْنِزُونَ ا لْذَّهَبَ وَا لْفِضَّة) ، حيث عرفت أنّ مقتضاه وجوب الزكاة في مطلق النقدين ، خرجنا عن ذلك فيما يقطع بكونه أقلّ من عشرين ديناراً ، وأمّا الزائد عليه المشكوك فيه بشبهة مفهوميّة فالمرجع فيه عموم الآية المباركة المقتضية لوجوب دفع الزكاة .
|