ــ[269]ــ
بقيت سكّتها أو صارا ممسوحين(1) بالعارض. وأمّا إذا كانا ممسوحين بالأصالة فلا تجب فيهما ، إلاّ إذا تعومل بهما فتجب على الأحوط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسواء أكانت مادّتها لها ماليّة تقدّر بنفس تلك النقود ـ كالدرهم والدينار أيضاً ـ أم لا ـ كالأوراق النقديّة من الدينار والتومان ونحوهما ـ فإنّ مادّتها قرطاس لا يسوى بشيء ، وجعلوا تلك الأثمان ممّا يقدّر به ماليّة سائر الأموال . وهذا ـ كما ترى ـ لايفرق فيه بين كون تلك الهيئة المحصّلة للسكّة مستندة إلى الإسلام أو الكفر وأنّ نقشها بكتابة كانت أم بغيرها .
(1) أمّا في الممسوح بالأصالة ، فقد احتاط الماتن بأداء الزكاة في صورة جريان المعاملة .
والاحتياط وإن كان حسناً إلاّ أنّ الأقوى عدم الوجوب ، لتقييد الصامت بالنقوش في صحيحة علي بن يقطين المتقدّمة(1) ، المراد به المسكوك كما مرّ(2) ، فلا يشمل الممسوح بالأصل وإن كان مضروباً ، ومجرّد جريان المعاملة لا يجدي بعد عدم صدق المنقوش وعدم كونه من الدرهم والدينار كما هو المفروض .
وأمّا الممسوح بالعارض ، فالظاهر وجوب الزكاة فيه ، لعدم تقييد المنقوش في صحيحة ابن يقطين بكونه تامّاً ، وجريان العادة على مسح السكّة على أثر كثرة الاستعمال والمداولة في مثل خمسين سنة أو أكثر .
هذا فيما إذا لم يكن المسح بمثابة يخرج عن صدق اسم الدرهم والدينار ، وإلاّ سقط وجوب الزكاة ، لحصر الوجوب في صحيحة جميل ابن درّاج المتقدّمة(3) فيما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 266 .
(2) في ص 267 .
(3) في ص 267 .
ــ[270]ــ
كان مصداقاً لأحدهما وعدم كونه بعدئذ من المنقوش في شيء .
وربّما يستدلّ حينئذ للوجوب بالاستصحاب ، بدعوى أ نّه قبل المسح كانت زكاته واجبة والآن كما كان .
وفيه أوّلاً : إنّا لا نرى جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ولا سيّما التعليقي منه كما في المقام ، حيث إنّ الوجوب السابق لم يكن منجّزاً ، بل كان مشروطاً بحلول الحول وغيره من سائر الشرائط، فهو كان معلّقاً بطبيعة الحال، وفي مثله لا يجري الاستصحاب على أيّ حال .
وثانياً : أنّ الموضوع قد تبدّل حتى عرفاً ، فإنّ معروض الوجوب لم يكن مطلق الذهب والفضّة ، بل خصوص المتّصف بعنوان الدرهم والدينار على نحو يكون الوصف العنواني مقوّماً للموضوع ، وقد زال هو حسب الفرض وتبدّل بموضوع آخر ، فلا معنى للاستصحاب .
هذا ، ويمكن أنّ يُستَدلّ لعدم الوجوب ـ مضافاً إلى ما عرفت ـ بالتعليل الوارد في صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) : «قال : لا تجب الزكاة فيما سُبِك فراراً به من الزكاة ، ألا ترى أنّ المنفعة قد ذهبت فلذلك لا تجب الزكاة» (1) .
فإنّها صحيحة السند وإن اشتمل على إسماعيل بن مرار المجهول الحال ، لوجوده في أسناد تفسير علي بن إبراهيم .
وقد علّل فيها نفي الزكاة فيما لو اُبدلت السكّة بالسبيكة بذهاب المنفعة التي هي بمعنى ما يُنتفَع به ، فإنّها تأتي في اللغة بمعنيين :
أحدهما : من النفع الذي هو مصدر ، والمنفعة اسم للمصدر .
والثاني : ما يُنتَفع به ، كما يقال : الثمرة منفعة الشجرة ، والسكنى منفعة الدار ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 160 / أبواب زكاة الذهب والفضّة ب 11 ح 3 .
|