ــ[271]ــ
كما أنّ الأحوط ذلك أيضاً إذا ضُرِبت للمعاملة ولم يتعامل بهما (1) أو تُعومِل بهما لكنّه لم يصل رواجهما إلى حدٍّ يكون دراهم أو دنانير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي شيء يُنتفَع به .
وحيث لا سبيل للمعنى الأوّل في المقام ، ضرورة عدم زوال النفع رأساً بتبديل السكّة سبيكة ، فيتعيّن الثاني ، أي قد زال بالتبديل المزبور الشيء الذي يُنتفَع به ـ وهو كونه ديناراً ـ الذي كان متمحّضاً في الثمنيّة وممّا يُنتفَع به في شراء الأموال فقد أصبح الآن مجرّد ذهب محض لا يُنتفَع به ما كان ينتفع به حال كونه ديناراً . فبهذه العناية يصحّ أن يقال : إنّه قد زالت المنفعة .
فإذا كان هذا هو المناط في سقوط الزكاة لا يفرق في ذلك بين أن يكون بالاختيار ولغاية الفرار كما هو مورد النصّ ، أم صار كذلك قهراً لأجل المسح العارض الناشئ من كثرة الاستعمال على نحو سقط عنه اسم الدرهم والدينار كما هو محلّ الكلام .
(1) قد عرفت أ نّه يعتبر في الزكاة أن تكون المادّة من الذهب والفضّة ، وأن يكونا مسكوكين ، اي على هيئة الدرهم أو الدينار بحيث يكون متمحّضاً في الثمنيّة ويُقدّر بها الأموال ، فلا زكاة عند انتفاء أحدهما .
وحينئذ نقول : إنّ للدرهم أو الدينار حالات ثلاثاً :
إحداها : أن يكون المسكوك متّصفاً بهذا العنوان فعلاً ، بحيث يعامَل معهما خارجاً معاملة دارجة ، فيعدّان من الأثمان ويقدّر بهما الأموال . ولا إشكال في وجوب الزكاة في مثل ذلك ، فإنّه القدر المتيقّن من الأدلّة المتضمّنة لتعلّق الزكاة بالدرهم والدينار كما هو ظاهر .
الثانية : أن تكون السكّة قد ضُرِبت للمعاملة إلاّ أنّ التعامل بالمسكوك لم يقع بعدُ إمّا أصلاً ، أو لو كان فهو قليل نادر ، بحيث لم يكن فعلاً رائج المعاملة
ــ[272]ــ
على حدٍّ يكون من الدرهم أو الدينار ، وإنّما يتّصف بهذا العنوان في المستقبل ، كشهر مثلاً .
والظاهر أ نّه لا ينبغي التأمّل في عدم تعلّق الزكاة بمثل ذلك ، لعدم الاكتفاء بمطلق المنقوش ، بل اللازم الاتّصاف بعنوان الدرهم أو الدينار على ما يقتضيه الحصر في صحيحة جميل المتقدّمة ، المنفيّ في المقام حسب الفرض إلاّ بنحو من التجوّز والعناية باعتبار ما يؤول ، وظاهر الدليل اعتبار الاتّصاف الفعلي الحقيقي كما لا يخفى .
والظاهر أنّ هذه الصورة متسالَمٌ عليها بين الأصحاب ، وإنّما لم يتعرّضوا لها إيكالاً على وضوحها وعدم الخلاف فيها .
|