ــ[289]ــ
[ 2650 ] مسألة 3: تتعلّق الزكاة بالدراهم والدناني المغشوشة إذا بلغ خالصهما النصاب((1))(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ بنحو الشركة في الماليّة ـ إلاّ أنّ الاختيار بيد المالك ، وله ولاية التبديل والإخراج من غير العين من درهم أو دينار ونحوهما من النقود المتمحّضة في الثمنيّة مع مراعاة القيمة .
نعم ، في دفع القيمة من غير النقدين كلامٌ أقواه : العدم ، كما هو مذكور في محلّه .
وأمّا منهما فلا إشكال فيه ، فيجوز دفع الدرهم بدلاً عن الدينار أو الدينار بدلاً عن الدرهم ، بل في بعض النصوص التصريح بجواز الدفع بما تيسّر .
فهذه الأدلّة تدلّنا على أنّ ملاحظة الكمّيّة غير معتبرة وأنّ العبرة بمراعاة القيمة ، غايته من نفس النقدين لا من جنس آخر ، فلو جاز دفع خمسة دراهم بدلاً عن نصف دينار لتساويه له في القيمة ـ إذ كلّ دينار من الذهب يسوى عشرة دراهم من الفضّة ـ فدفع نصف دينار جيّد بدلاً عن دينار رديء بطريق أولى كما لا يخفى .
فالأظهر عدم الفرق بين الصورتين ، وجواز دفع كلّ منهما ، أي من الجيّد والرديء عن الآخر بدلاً عن قيمته حسبما عرفت .
(1) كماذ كره غير واحد من الأصحاب ، بل عن جماعة دعوى الإجماع عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إذا كان الغشّ قليلاً لا يضرّ بصدق اسم الذهب والفضّة فالظاهر وجوب الزكاة مع بلوغ النصاب وإن لم يبلغ خالصهما النصاب ، وإذا كان الغشّ بمقدار لا يصدق معه اسم الذهب أو الفضّة ففي وجوب الزكاة مع بلوغ خالصهما النصاب إشكال ، والأظهر عدم وجوبها ، ومن ذلك يظهر الحال في الفروع الآتية .
ــ[290]ــ
ومحلّ الكلام ما لو كان الغشّ بغير الجنسين ـ كالنحاس مثلاً ـ أمّا لو كان بهما ـ كما لو كان الديـنار ممزوجاً بشيء من الفضّة أو الدرهم بشيء من الذهب ـ فسيجيء البحث عنه فيما بعد إن شاء الله تعالى (1) .
فنقول : قد يفرض بلوغ الغشّ حدّاً لا يخرج المغشوش معه عن صدق اسم الدرهم والدينار ، فإنّ الدينار الخالص ـ كما عرفت ـ لا يكاد يوجد خارجاً وإن كان فهو نادر جدّاً ، لكونه ليّناً في طبعه فيحتاج إلى مزيج يوجب تماسك أجزائه أقلّه حبّة ونصف في كلّ مثقال ، وربّما يبلغ أكثره ثلث المثقال ، فهو مشتمل على الخليط والمزيج على كلّ حال حسب اختلاف المراتب التي منها تنتزع الجودة والرداءة كما مرّ (2) ، وعرفت أنّ أرقى أنواعها الليرة العثمانيّة .
وكيفما كان، فإن كان كذلك ـ أي كان المغشوش من مصاديق الدرهم والدينار عرفاً ، لكون الغشّ قليلاً لا يضرّ بصدق اسم الذهب والفضّة ـ فالظاهر وجوب الزكاة حينئذ لدى بلوغ المجموع من المزيج والممزوج حدّ النصاب وإن لم يبلغ خالصهما النصاب ، فإنّ الموضوع لهذا الحكم كغيره من سائر الأحكام ـ كحرمة لبس الذهب للرجال ، ووجوب التقابض في المجلس في بيع الصرف ، ووجوب دفع ألف دينار في الديّة ـ وهو ما صدق عليه عرفاً اسم الذهب والفضّة وإن كان مشتملاً على الغشّ والخليط ، عملاً بإطلاق الأدلّة ، إذ لم تتقيّد حرمة لبس الذهب ـ مثلاً ـ بالخلوص كما قُيِّد الحرير بذلك .
على أ نّها قد دلّت على أنّ في كلّ عشرين مثقالاً نصف دينار ، مع أنّ نفس العشرين ـ التي هي خمسة عشر مثاقيل صيرفيّة ـ يشتمل كلّ مثقال منها على حبّة ونصف من المزيج على الأقلّ كما مرّ ، فيكون في مجموع العشرين من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 297 .
(2) في ص 285 ـ 286 .
ــ[291]ــ
المثاقيل الشرعيّة اثنان وعشرون حبّة من المزيج ، أي يكون خالص الذهب من العشرين أقلّ من تسعة عشر مثقالاً بحبّتين ونصف ، ومع ذلك يجب فيها الزكاة بلا إشكال .
فيكشف هذا عن عدم قدح المزيج المزبور وعدم لزوم مراعاة النصاب في خالص الذهب الذي يشتمل الدينار عليه ، بل المناط ملاحظة حال الموجود الخارجي على ما هو عليه .
|