ــ[293]ــ
ولو شكّ في بلوغه ولا طريق للعلم بذلك (1) ـ ولو للضرر ـ لم تجب .
وفي وجوب التصفية ونحوها للاختبار إشكالٌ أحوطه ذلك ، وإن كان عدمه لا يخلو عن قوّة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليها عرفاً عنوان الذهب والفضّة وجبت زكاتها متى بلغ المجموع من المزيج والممزوج حدّ النصاب ، لا خصوص الخالص منهما ، لعدم الدليل على اعتبار الخلوص بعد فرض الصدق المزبور .
وإن لم يصدق ـ لكثرة المزيج من غير الجنسين ، ولا سيّما إذا كان بحدٍّ يستهلك فيه الذهب أو الفضّة ـ لم تجب وإن فرض بلوغ الخالص منهما حدّ النصاب ، لعدم وجوبها في مطلق الذهب والفضّة ، بل في خصوص المسكوكين المعنونين بعنوان الدرهم أو الدينار ، المنفي في المقام ، لأنّ النقد المسكوك لم تكن مادّته ذهباً ولا فضّة ، بل يصحّ سلبهما حسب الفرض ، والخالص من تلك المواد وإن كان ذهباً أو فضّة إلاّ أ نّه غير مسكوك ، بل سبيكة محضة ولا زكاة فيها . فعلى هذا ، لو كانت عنده ستّون من الليرات الاستامبوليّة ـ التي ثلثها ذهب خالص ـ لم تجب فيها الزكاة وإن كان الخالص بالغاً حدّ النصاب .
(1) لو بنينا على وجوب الزكاة في الخالص من الدراهم والدنانير المغشوشة، فششكنا في بلوغ الخالص حدّ النصاب ، أو كانت عنده دراهم ودنانير غير مشغوشة وشُكّ في بلوغها حدّ النصاب ، فهل يجب الفحص والتفتيش ؟ وعلى تقدير الوجوب فهل يسقط بالعجز ؟ فهنا جهتان :
أمّا الجهة الاُولى : فقد يقال بالوجوب بالرغم من كون الشبهة موضوعيّة اتّفق الاُصوليّون والأخباريّون على عدم وجوب الفحص فيها ، نظراً إلى أنّ ترك الفحص في المقام وأمثاله ـ كما في موارد الشكّ في بلوغ المال حدّ الاستطاعة ـ
ــ[294]ــ
يوجب الوقوع في مخالفة الواقع غالباً ، كتأخير الحجّ عن أوّل عام الاستطاعة عند ترك المحاسبة وتضييع حقّ الفقراء أو السادة لدى ترك الفحص عن حصول الربح في التجارة أو بلوغ المال حدّ النصاب ، ومن هذا القبيل ترك الاستهلال في شهر رمضان . وبذلك يمتاز المقام عن سائر موارد الشبهات الموضوعيّة .
ويندفع بما ذكرناه في الاُصول من عدم العلم بالوقوع في خلاف الواقع بالإضافة إلى شخص المكلّف المجري للأصل ، لفرض عدم تنجّز التكليف عليه في المورد الذي هو محل ابتلائه ، إذ هو شاكٌّ حسب الفرض لا قاطع ، وإنّما يحصل العلم بالمخالفة القطعيّة لو لوحظ المكلّف المزبور بضميمة غيره من سائر المكلّفين المجرين لهذا الأصل ، فيعلم إجمالاً بأنّ كثيراً من هذه الاُصول مخالفٌ للواقع ، ومن المعلوم أنّ مثل هذا العلم الإجمالي المتعلّق به وبغـيره من سائر المكلّفين لا يستوجب التنجيز ولا يكاد يؤثّر في إيجاب الاحتياط على من لا يعلم بتنجيز التكليف عليه ، فحال المقام حال سائر موارد الاُصول الجارية في الشبهات الموضوعيّة من أصل البراءة والحلّ والطهارة ونحوها ، حيث إنّ العلم بمخالفة كثير منها للواقع غير ضائر في جريانها .
وأمّا الجهة الثانية : وهي أ نّا لو سلّمنا وجوب الفحص ، فهل يسقط بالعجز التكويني ـ كما لو كان محبوساً ، أو كان النقدان في خزانة قد ضاع مفتاحها ـ أو التشريعي ، كما لو كان الفحص مستوجباً للضرر ، إذ لو سبك الدنانير والدراهم المغشوشة وأذابها ينعدم مقدارٌ معتدٌّ به منها ؟
الظاهر : عدم السقوط ، لأنّ وجوب الفحص ـ على تقدير ثبوته ـ لم يكن حكماً تكليفيّاً نفسيّاً أو غيريّاً كي يسقط بالعجز ، وإنّما هو حكم طريقي بمناط المحافظة على الواقع ، ومرجعه إلى عدم جريان أصالة البراءة بحيث يكون المنجّز حينئذ نفس احتمال العقاب غير المقترن بالمؤمّن الشرعي أو العقلي ، لاستقلال
|