حكم ما لو مات الزارع أو مالك النخل والشجر وكان عليه دين 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3780


   [ 2685 ] مسألة 28 : لو مات الزارع أو مالك النخل والشجر وكان عليه دين (2) فإمّا أن يكون الدين مستغرقاً أو لا ، ثمّ إمّا أن يكون الموت

ــــــــــــــــــ
   (2) قد يفرض حصول الموت بعد تعلّق الوجوب ، واُخرى قبله بعد ظهور

ــ[372]ــ

بعد تعلّق الوجوب أو قبله بعد ظهور الثمر أو قبل ظهور الثمر أيضاً .

   فإن كان الموت بعد تعلّق الوجوب وجب إخراجها، سواء  كان الدين مستغرقاً أم لا ، فلا يجب التحاص مع الغرماء، لأنّ الزكاة متعلّقة بالعين .

   نعم ، لو تلفت في حياته بالتفريط وصارت في الذمّة وجب التحاص بين أرباب الزكاة وبين الغرماء كسائر الديون .

   وإن كان الموت قبل التعلّق وبعد الظهور : فان كان الورثة قد أدّوا الدين قبل تعلّق الوجوب من مال آخر فبعد التعلّق يلاحظ بلوغ حصّتهم النصاب وعدمه، وإن لم يؤدّوا إلى وقت التعلّق ففي الوجوب وعدمه إشكال، والأحوط الإخراج ((1)) مع الغرامة للديّان أو استرضائهم .

   وأمّا إن كان قبل الظهور وجب((2)) على مَن بلغ نصيبه النصاب من الورثة، بناءً على انتقال التركة إلى الوارث وعدم تعلّق الدين بنمائها الحاصل قبل أدائه وأ نّه للوارث من غير تعلّق حقّ الغرماء به .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثمر من بدو الصلاح ونحوه ، وثالثةً قبل الظهور أيضاً ، وعلى التقادير : فإمّا أن يكون الدين مستغرقاً أو لا .

   أمّا إذا كان الموت بعد التعلّق فلا ريب في وجوب إخراج الزكاة كان الدين مستغرقاً أم لا ، لكون الزرع أو الثمر مشتركاً فيه لدى الموت بين المالك والفقير بنحو من أنحاء الشركة ، فمقدار الزكاة لم يكن جزءاً من التركة من أوّل الأمر ولم يخلّف الميّت إلاّ تسعة أعشار النتاج ، فيخرج الزكاة أوّلاً ثمّ يؤدّي الدين ، فإن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا بأس بتركه .

(2) الظاهر أنّ حكمه حكم الموت بعد الظهور .

ــ[373]ــ

بقي شيء كان للوارث وإلاّ فلا .

   وعلى الجملة : فلا مزاحمة بين الزكاة وبين الدين ليجب التحاص بين الفقراء والغرماء ، فإنّ الزكاة متعلّقة بالعين الخارجيّة ، والدين موطنه الذمّة ، فلم يردا في موضوع واحد ليزاحم أحدهما الآخر .

   نعم ، لو تلفت الزكاة حال الحياة بالتفريط فانتقلت إلى الذمّة كانت حينئذ كسائر الديون المحكومة بالتحاص بين الغرماء .

   وأمّا إذا كان الموت قبل التعلّق وبعد الظهور فلا إشكال فيما لو أدّوا الورثة الدين قبل تعلّق الوجوب من مال آخر ، أو تبرّع به متبرّع أو أبرأ المالك بحيث انتفى موضوع الدين وانتقل المال بكامله إلى الورثة ، فإنّه يلاحظ بعد التعلّق بلوغ حصّة كلّ منهم النصاب وعدمه ، إذ التعلّق إنّما يحدث في ملك الوارث فلا بدّ من رعاية الشرط في ملكه ، فمن بلغت حصّته النصاب وجبت عليه الزكاة دون من لم تبلغ ، وهذا ظاهر .

   إنّما الكلام فيما إذا لم يؤدّ الدين وبقي إلى وقت التعلّق ، فإنّ في وجوب الإخراج حينئذ وعدمه إشكالاً كما ذكره في المتن . ومنشأ الإشكال التردّد في بقاء مقدار الدين على ملك الميّت ، فلا موضوع للزكاة أو انتقاله إلى الوارث وإن كان متعلّقاً بحقّ الديّان ، فإنّ هذا الحقّ لا يمنع من تعلّق الزكاة وإنّما يمنع من تصرّف الوارث في ماله لا في حصّة الفقير التي هي متعلّق الزكاة كما لا يخفى .

   وكيفما كان ، فقد احتاط الماتن (قدس سره) بالإخراج مع الغرامة للديّان أو استرضائهم .

   وغير خفي أنّ الإخراج المزبور وإن كان احتياطاً من جهة ولكنّه مخالف للاحتياط من جهة اُخرى ، ضرورة أ نّا لو بنينا على أنّ مقدار الدين باق على ملك الميّت ولم ينتقل إلى الورثة فبأيّ مسوّغ يتصرّف فيه الوارث بالإخـراج

ــ[374]ــ

حتّى مع الغرامة ؟! فإنّه تصرّف في ملك الغير بغير إذنه ولا يكاد يسوّغه التغريم كما هو واضح .

   نعم، الاحتياط التامّ يتحقّق بما ذكره من الاسترضاء أو بالأداء من مال آخر أو بالإبراء ثمّ التصدّي للإخراج .

   والتحقيق : عدم وجوب الإخراج مع الاستغراق وملاحظة النصاب في حصّة الوارث مع عدمه .

   والوجه فيه : ما ذكرناه في محلّه من أ نّه لا إرث إلاّ بعد الدين ، ولا يعدّ من التركة إلاّ ما زاد عليه كما نطقت به الآيات والروايات ، قال تعالى : (مِن بَعْدِ وَصِيَّة يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن)(1) إلخ ، فما يقابل الدين لم ينتقل إلى الوارث بتاتاً، لأنّ الناقل هي أدلّة الإرث ، وهي في أنفسها مقيّدة بما بعد الدين كما سمعت ، وبما أنّ الملك بلا مالك أمر غير معقول فلا جرم يبقى على ملك الميّت ولا محذور في إسناد الملكيّة التي هي أمر اعتباري إلى الميّت والحكم ببقاء علاقته بالإضافة إلى المال ميّتاً كعلاقته حيّاً متى ساعده الارتكاز العقلائي كما لا يخفى .

   وعليه ، فإن كان الدين مستغرقاً لا موضوع للإرث من أصله ، وإلاّ كان الزائد عليه للوارث ، فطبعاً يكون المال مشتركاً بينهما .

   وذكرنا في محلّه أيضاً : أنّ هذه الشركة إنّما هي بنحو الكلّي في المعيّن فلا يقسّط التلف عليه . فلو فرضنا أ نّه ترك ألفاً وكان الدين مائة وتلف نصف المجموع كان الدين محفوظاً بكامله في النصف الباقي .

   وعلى هذا ، فإن كان الدين مستغرقاً لم تجب الزكاة بعد التعلّق أبداً لا على الوارث ، لفقد الملك ولا زكاة إلاّ على المالك ، ولا على الميّت ، لعدم كونه قابلاً للخطاب حال التعلّق وإن كان مالكاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النِّساء 4 : 12 .

ــ[375]ــ

   نعم ، لو أدّى الدين من مال آخر أو تحقّق الإبراء بحيث انتقل المال إلى الورثة وجبت الزكاة على كلّ من بلغت حصّته النصاب .

   وإن لم يكن مستغرقاً فلا جرم تتحقّق الشركة بين الوارث والميّت وتجب الزكاة على الوارث إن بلغت حصّته النصاب دون الميّت لفقد الحياة ، فهو كالمال المشترك بين الكبير والصغير، حيث تختصّ الزكاة بالكبير إن بلغت حصّته النصاب .

   وأمّا إذا كان الموت قبل التعلّق وقبل الظهور أيضاً فقد يقال بوجوب الزكاة حينئذ على من بلغ نصيبه النصاب من الورثة ، نظراً إلى أنّ النماء إنّما حدث في ملك الوارث لا الميّت ، فهو إذن سليم عن تعلّق حقّ الغرماء ، وإنّما يختصّ حقّهم بما تركه الميّت لا بما يحدث فيه من النماء .

   ولكن الظاهر عدم الفرق بين هذه الصورة وسابقتها ـ أعني : الموت قبل الظهور أو بعده ـ فإنّ النماء يتبع العين ، والفرع يلحق بالأصل ، فلا يملك النماء إلاّ من كان مالكاً للعين .

   وعليه ، فمع الاستغراق لا إرث كما عرفت ، بل المال كلّه باق على ملك الميّت ليصرف في دينه فطبعاً يكون النتاج له أيضاً ، ومع عدمه بما أنّ المال مشترك حينئذ بين الميّت والورثة فبقانون التبعيّة يكون النتاج والنماء أيضاً مشتركاً بينهما فتجب الزكاة حينئذ فيمن بلغت حصّته النصاب من الورثة ، وأمّا في فرض الاستغراق فلا تجب الزكاة على أحد أبداً لا الميّت ولا الورثة حسبما عرفت .

 تذييل

   تلحق الوصيّة بالدين في جميع ما مرّ بمناط واحد ، لاشتراكهما في التقدّم على الإرث ، قال تعالى : (مِن بَعْدِ وَصِيَّة يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن) (1) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النِّساء 4 : 12 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net