ــ[27]ــ
[ 2701 ] مسألة 3 : دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ـ ولو لعزّه وشرفه ـ لا يمنع من إعطاء الزكاة وأخذها (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث خصّ الأخذ بمن لم يسعه من العيال لا مطلقاً .
ومنها : معتبرة الحسين بن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) «أنّ عليّاً (عليه السلام) كان يقول : يعطى المستدينون من الصدقة والزكاة دينهم كلّ ما بلغ إذا استدانوا في غير سرف ، فأمّا الفقراء فلا يزاد أحدهم على خمسين درهماً ، ولا يعطى أحد له خمسون درهماً أو عدلها من الذهب» (1) .
فإنّها صريحة في عدم جواز الدفع أكثر من خمسين درهماً ، ولعلّه من أجل حصول الكفاية بهذه الكمّيّة في تلك الأزمنة كما يشير إليه ذيل موثّقة سماعة المتقدّمة آنفاً ، حيث ذكر فيها قوله (عليه السلام) : «وأمّا صاحب الخمسين فإنّه يحرم عليه إذا كان وحده» .
والمتحصّل من جميع ما قدّمنا : أ نّا لم نجد في شيء من النصوص ما يصلح سنداً يعوّل عليه في فتوى المشهور لو لم ينهض على خلافه كما عرفت . وعرفت أيضاً عدم ثبوت الإجماع التعبّدي . إذن فمدّعي الجزم بعدم جواز الدفع زائداً على مقدار المؤونة غير مجازف بحسب الصناعة وما يقتضيه النظر في الأدلّة . فهذا القول إن لم يكن أقوى فلا ريب أ نّه أحوط وإن كان على خلاف المشهور .
(1) فإنّ مصرف الصدقة الفقير ، والفقر هو الحاجة ، والاحتياج لا يختصّ بالطعام والشراب ، بل يعمّ كل ما يحتاج إليه الإنسان في معاشه وإدارة شؤون حياته من الملبس والمسكن والمركب والخادم والفراش واللوازم البيتيّة ونحو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 261 / أبواب المستحقين للزكاة ب 24 ح 10 .
ــ[28]ــ
بل ولو كانت متعدّدة مع الحاجة إليها، وكذا الثياب والألبسة الصيفيّة والشتويّة السفريّة والحضريّة لو كانت للتجمّل ، وأثاث البيت من الفروش والظروف وسائر ما يحتاج إليه ، فلا يجب بيعها في المؤونة ، بل لو كان فاقداً لها مع الحاجة جاز أخذ الزكاة لشرائها . وكذا يجوز أخذها لشراء الدار والخادم وفرس الركوب والكتب العلميّة ونحوها مع الحاجة إليها . نعم ، لو كان عنده من المذكورات أو بعضها أزيد من مقدار حاجته ـ بحسب حاله ـ وجب صرفه في المؤونة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك ممّا تتوقّف عليه الحضارة والحياة الاجتماعية ، فإنّ ذلك كلّه يعدّ من المؤن المحكومة بالاستثناء ، فلا يلزم بيعها تورّعاً عن أخذ الزكاة ، بل يجوز الأخذ لشرائها لو كان فاقداً لبعضها مع فرض الحاجة ، لعين ما ذكر .
وهذا ممّا لا غبار عليه ولا إشكال ، كما لا خلاف فيه من أحد ، وتشهد له جملة من النصوص ، كموثّقة سماعة ومصحّح ابن اُذينة المصرّح فيهما بجواز دفع الزكاة لمن له دار وخادم المؤيّدتين برواية ابن عبدالعزيز المتقدّمة (1) ونحوها غيرها .
ثمّ إنّه (قدس سره) تعرّض في هذه المسألة لفرعين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله (قدس سره) بل إذا كانت ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 235 و 236 / أبواب المستحقين للزكاة ب 9 ح 1 ، 2 ، 3 .
ــ[29]ــ
بل إذا كانت عنده دار تزيد عن حاجته (1) وأمكنه بيع المقدار الزائد عن حاجته وجب بيعه . بل لو كانت له دار تندفع حاجته بأقلّ منها قيمةً ،
فالأحوط بيعها وشراء الأدون(2) . وكذا في العبد والجارية والفرس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كما لو كانت واسعة تشتمل على عشر غرف وهو يكتفي بثلاث غرف ـ مثلاً ـ فيبقى سبعة منها فارغة وهو مستغني عنها . ولا ينبغي التأمّل في عدم جواز أخذ الزكاة حينئذ ، لوجود الزائد على مقدار المؤونة ، الموجب لصيرورته غنيّاً شرعيّا .
ومن البديهي أنّ الدار المستثناة في مثل موثّقة سماعة المتقدّمة منصرفة عن مثل ذلك كما هو ظاهر. إذن فيلزمه بيع الزائد أو إيجاره وصرف غلّته في مؤونته .
الثاني : ما أشار إليه بقوله (قدس سره) : بل لو كانت ... إلخ .
(2) بأن كانت سعة الـدار ومرافقها بمقدار حاجته من غـير زيادة فاشتملت على ثلاث غرف ـ مثلاً ـ وهو يحتاج إليها ، إلاّ أنّ حسّاسيّة المنطقة أوجبت غلاء القيمة ، لوقوعها على رأس الشارع ـ مثلاً ـ أو جنب الصحن الشريف ، ويمكنه السكون في مشابه الدار في منطقة اُخرى أرخص منها .
فالفرق بين الفرعين بالكمّ والكيف ، ففي الأوّل : كمّيّة الدار زائدة على مقدار الحاجة ، وفي الثاني : كيفيّتها الناشئة من غلاء القيمة . وقد فرّق الماتن (قدس سره) بينهما في الحكم فأفتى بوجوب بيع الزائد في الأوّل، واحتاط في الثاني، وهو في محلّه ، بل كان ينبغي الجزم بالعدم، لإطلاق موثقة سماعة المتقدّمة، وعدم جريان الانصراف المزبور في المقام .
|