ــ[34]ــ
[ 2707 ] مسألة 9 : لو شكّ في أنّ ما بيده كاف لمؤونة سنته أم لا (1) ، فمع سبق وجود ما به الكفاية لا يجوز الأخذ ، ومع سبق العدم وحدوث ما يشكّ في كفايته يجوز ، عملاً بالأصل في الصورتين .
[ 2708 ] مسألة 10 : المدّعي للفقر إن عرف صدقه أو كذبه عومل به، وإن جهل الأمران(2) فمع سبق فقره يعطى من غير يمين ، ومع سبق الغنى أو الجهل بالحالة السابقة فالأحوط عدم الإعطاء ، إلاّ مع الظنّ بالصدق ((1)) ، خصوصاً في الصورة الاُولى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولى كما لا يخفى .
إذن لا ينبغي التأمّل في عدم جواز دفع الزكاة إليه من سهم الفقراء ، لعدم انطباق العنوان .
نعم ، لا مانع من الدفع إليه من سهم سبيل الله مع فرض رجحان العلم شرعاً ، فانّ موضوعه كلّ قربة كما سيجيء إن شاء الله ، وبثّ العلم ونشره وتعليمه وتعلّمه من أظهر مصاديقها وأبرز أفراد الخير والمعروف كما هو ظاهر .
(1) تقدّم أنّ من يملك مؤونة سنته لا يجوز له أخذ الزكاة ، ومن لا يملك يجوز . فإن أحرز ذلك وجوداً أو عدماً فلا كلام ، وأمّا لو شكّ في ذلك : فإن كانت الحالة السابقة وجود ما به الكفاية لا يجوز ، وإن كانت العدم يجوز ، عملاً بالاستصحاب في كلتا الصورتين كما هو ظاهر .
(2) فصّل (قدس سره) حينئذ بين سبق الفقر فيعطى وبين سبق الغنى أو الجهل بالحالة السابقة فلا يعطى إلاّ مع الظنّ بالصدق .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأقوى جوازه مع الجهل بالحالة السابقة حتّى مع عدم الظنّ بالصدق ، وأمّا مع العلم بسبق الغنى فجواز الاكتفاء بالظنّ لا يخلو من إشكال بل منع .
ــ[35]ــ
والذي ينبغي أن يقال في المقام : إنّ الحالة السابقة إن كانت هي الفقر فهو فعلاً فقير شرعاً بمقتضى الاستصحاب فيجوز دفع الزكاة إليه سواء ادّعى الفقر أم لا .
وإن كانت هي الغنى فلا يجوز الدفع إليه ما لم يثبت فقره بحجّة شرعيّة حاكمة على استصحاب غناه ، ومجرّد الدعوى الصادرة منه غير مسموعة كما لا يخفى ، لعدم الدليل على اعتبارها ، والوجوه التي استُدلّ بها على الاعتبار من الحمل على الصحّة أو سماع الدعوى بلا معارض وغير ذلك ممّا قيل في المقام كلّها واهية لا ينبغي الإصغاء إليها ، فإنّ الدعوى بلا معارض موردها الأموال فقط ، فلو كان مال بين جماعة وقد ادّعاه واحد منهم ولم يعارضه الآخرون سمع منه بمقتضى النصّ الخاصّ الوارد فيه ، لا أنّ كلّ من يدّعي شيئاً ـ كالاجتهاد أو العدالة أو الفقر أو غير ذلك ـ ولم يعارضه غيره يسمع منه من غير مطالبته الدليل من بيّنة ونحوها ، فإنّ هذا واضح الفساد .
وكيفما كان ، فتلك الوجوه كلّها مزيّفة ولا يرفع اليد عن الاستصحاب إلاّ بدليل قاطع أو حجّة معتبرة ، فلا تسمع دعوى الفقر في قبال استصحاب الغنى، وإن أفادت الظنّ فإنّه لا يغني عن الحقّ ، بل قد قامت الأدلّة القطعيّة على عدم الحجّيّة كما هو محرّر في محلّه ، والظنّ خلاف اليقين ، ولا يرفع اليد عن اليقين السابق إلاّ بيقين مثله .
نعم ، الظن القوي البالغ حدّ الاطمئنان حجّة عقلائيّة وعلم تعبّدي ، فهو ناقض للاستصحاب ، فيرفع اليد عنه ولو بمثل هذا الدليل، وأمّا دون ذلك فكلاّ .
وأمّا لو كانت الحالة السابقة مجهولة فالظاهر سماع قوله ، نظراً إلى أنّ الفقر مرجعه إلى عدم الغنى ، وهذا العدم متحقّق سابقاً بالإضافة إلى كلّ بشر ، ولا اقلّ من حين الولادة ، فإنّه يولد ولا مال له ـ إلاّ شاذّاً ـ ويطرؤه الغنى بعد ذلك
ــ[36]ــ
بالكسب أو الإرث ونحوهما، فالغنى أمر حادث مسبوق بالعدم دائماً فيستصحب فسماع دعوى الفقر في هذه الصورة مستند إلى الاستصحاب ولا خصوصيّة للدعوى ، ولعلّ السيرة العمليّة القائمة على السماع في هذا الفرض مستندة لدى التحليل إلى الاستصحاب المزبور ، وإلاّ فمن المستبعد جدّاً قيام سيرة تعبّديّة كاشفة عن رأي المعصوم (عليه السلام) كما لا يخفى .
ويتأيّد ما ذكرناه ببعض النصوص ، مثل ما ورد فيمن نذر للكعبة أو أهدى إليها من «أ نّه يباع ويؤخذ ثمنه وينادى على الحجر : ألا هل من منقطع نفدت نفقته أو قطع عليه فليأت فلان بن فلان فيعطى الأوّل فالأوّل حتّى ينفد الثمن»(1) .
وما ورد في خبر العرزمي من أ نّه جاء رجل إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما جالسان على الصفا فسألهما فقالا «إنّ الصدقة لا تحلّ إلاّ في دَين موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع، ففيك شيء من هذا؟» قال: نعم، فأعطياه(2) .
وما في مصحّح عامر بن جذاعة : جاء رجل إلى أبي عبدالله (عليه السلام) فقال له : يا أبا عبدالله ، قرض إلى ميسرة ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : «إلى غلّة تدرك؟ » فقال الرجل : لا والله «قال: فإلى تجارة تؤوب؟ » قال : لا والله «قال : فإلى عقدة تباع؟ » قال : لا والله ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : «فأنت ممّن جعل الله له في أموالنا حقّاً» ثمّ دعا بكيس فيه دراهم (3) .
وإن أمكن الخدش في الأوّل بجواز كونه من مختصّات نذر الكعبة والهديّة إليها فلا مقتضي للتعدّي عن موردها ليدلّ على سماع دعوى الفقر من كلّ مجهول يدّعيه ليسري الحكم إلى المقام .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 247 / أبواب مقدّمات الطواف ب 22 ح 1 و 7 .
(2) الوسائل 9 : 211 / أبواب المستحقين للزكاة ب 1 ح 6 .
(3) الوسائل 9 : 45 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 7 ح 1 .
|