ــ[165]ــ
بل لا ينبغي الإشكال في عدم جواز الدفع إلى زوجة الموسر الباذل (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمنّة والذلّة ، فيجوز للأب الفقير أخذ الزكاة وإن كان ولده غنيّاً باذلاً إلاّ أنّ بذله مقرون بمهانة لا تتحمّل عادةً ، لا ما إذا امتنع عن الأخذ منه طلباً لزيادة مال الولد مثلاً .
وملخّص الكلام في المقام : أنّ من تجب عليه نفقة الغير لايجوز له دفع زكاته إليه مطلقاً . وأمّا غيره فلا يجوز أيضاً فيما إذا كان من يجب عليه غنيّاً باذلاً من دون منّة أو مهانة موجبة للكلفة والمشقّة . وأمّا إذا كان فقيراً أو غير باذل لعذر أو لغير عذر أو كان بذله مقروناً بمهانة لا تتحمّل فيجوز حسبما عرفت .
(1) لأ نّها تفارق الأقارب ـ كالولد والأبوين ـ في أ نّها تملك النفقة في ذمّة الزوج بحيث لو لم يعطها كان مديناً لها ، وأمّا في الأقارب فالحكم تكليف محض من غير استتباع للرضع. وعليه، فمع كونها مالكة والزوج موسر باذل لايصدق عليها المحتاج لتستحقّ الزكاة ، ومجرّد كون الملكيّة على سبيل التدرّج ـ أي يوماً فيوماً ـ لا يستوجب صدق المحتاج كما هو الحال في المحترف .
فالمقام نظير من آجر داره سنة كاملة شريطة أن يدفع الاُجرة كلّ يوم ديناراً وكان هذا المقدار وافياً بمؤونة السنة ، فانّ مثله لا يطلق عليه الفقير وإن لم يتمكّن من التصرّف فعلاً في تمام مال الإجارة ، فإنّ المقام وإن فارق مورد التنظير في أنّ مالك الدار يملك فعلاً تمام المال بمجرّد عقد الإيجار وإنّما التدرّج في الاستحقاق فحسب ، أمّا في المقام فالملكيّة أيضاً تدريجيّة ، إلاّ أنّ هذا الفرق غير فارق ، لعدم كونه مؤثّراً فيما هو مناط البحث من عدم صدق المحتاج عليه عرفاً على التقديرين ليستحقّ الزكاة .
وممّا ذكرنا يظهر الفرق بين الزوجة والأقارب في أ نّها لا تستحقّ الزكاة حتّى إذا لم يكن الزوج الباذل غنيّاً ، بل هي كسائر الديّان يأخذون دينهم من الفقير
ــ[166]ــ
بل لا يبعد عدم جوازه مع إمكان إجبار الزوج على البذل إذا كان ممتنعاً منه ، (1) بل الأحوط عدم جواز الدفع إليهم للتوسعة اللائقة بحالهم مع كون من عليه النفقة باذلاً للتوسعة أيضاً((1))(2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو بنحو التدريج وليس لهم أخذ الزكاة ، بداهة أنّ فقر المدين لا يقتضي فقر الدائن . وهذا بخلاف الأقارب فلهم الأخذ منها مع فقر المنفق حسبما تقدّم (2) .
(1) إذ بعد ما عرفت من كون النفقة ملكاً لها في ذمّة الزوج فلها كسائر الديّان إجبار المدين لتحصيل الدين بعد إمكان الإجبار كما هو المفروض ، ومعه لا يصدق عليها الفقير والمحتاج لتستحقّ الزكاة .
نعم ، إذا كان الزوج مقتصراً على الإنفاق اللازم وهي بحاجة إلى التوسعة ، كما لو مرضت بما هو خارج عن المتعارف بحيث توقّف العلاج على السفر إلى البلاد البعيدة وقلنا بعدم وجوب علاج هذه الأمراض على الزوج ، ساغ لها حينئذ أن تستفيد من الزكاة ، لأنّ تشريعها إنّما هو للإرفاق على المؤمنين وسدّ حاجاتهم ، والمفروض أ نّها في هذه الحالة محتاجة فتشملها حكمة التشريع .
(2) لما عرفت من انصراف الفقير عن مثلهم ممّن له باذل يقوم بجميع شؤونه حتّى المصارف غير الضروريّة والإنفاق الواسع ، ومع التنزّل فحكمة التشريع غير شاملة لهم ، فليس الوجه في المنع صدق الغنى ليمنع بعد عدم كونهم ماليكن لمؤونة السنة كما هو المفروض ، بل لأجل الانصراف أوّلاً وقصور الحكمة ثانياً .
نعم ، لو امتنع عن التوسعة جاز الدفع ، لصدق الفقير وتحقّق الحاجة فتشمله الإطلاقات .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل مطلقاً في موارد عدم الحاجة والضرورة .
(2) في ص 162 ـ 163 .
ــ[167]ــ
[ 2742 ] مسألة 12 : يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتّع بها (1) ، سواء كان المعطي هو الزوج أو غيره ، وسواء كان للإنفاق أو للتوسعة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودعوى عدم الفرق بين بذل المنفق للتوسعة وعدمه فإنّه إن صدق عليهم الغنيّ مع اقتصاره على النفقة اللازمة ولأجله لم يجز دفعها من غيره لم يجز دفعها للتوسعة أيضاً ، وإلاّ جاز دفعها لها أيضاً .
مدفوعة بعدم الصدق جزماً ، ولم يكن الوجه في عدم الدفع في صورة البذل صيرورتهم أغنياء بذلك ، بل وجهه ما عرفت من عدم صدق الحاجة مع القيام بالنفقة اللازمة ، كيف ؟! ولو كان الوجه ذلك لما جاز الدفع للتوسعة أيضاً مع التصريح بالجواز في صحيحة ابن الحجّاج عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام)، قال : سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمّه أو أخوه يكفيه مؤونته ، أيأخذ من الزكاة فيوسع به إن كانوا لا يوسعون عليه في كلّ ما يحتاج إليه ؟ «فقال : لا بأس» (1) .
وملخّص الكلام : أنّ الموضوع للزكاة هو الفقير المحتاج ، فإذا كان محتاجاً إلى النفقة اللازمة وإلى التوسعة وقام المنفق ببذل كلّ منهما لم يستحقّ حينئذ من الزكاة شيئاً ، وإن لم يدفع شيئاً منهما أو اقتصر على الأوّل جاز له أخذ الزكاة لرفع حاجته الفعليّة مهما كانت ، فلا فرق بين النفقة اللاّزمة وبين التوسـعة ، والعبرة برفع الحاجة حسبما عرفت .
(1) لاختصـاص أدلّة المنع بصورة وجـوب الإنفاق ، لأ نّها بين ما تضمّن التعليل بأ نّهم عياله ولازموه ـ كما في صحيحة ابن الحجّاج ـ وما تضمّن التعبير بلازم النفقة ـ كما في مصحّح إسحاق ـ وشيء منهما لا يشمل المنقطعة ، لعدم وجوب نفقتها . ومنه تعرف فساد ما حكي عن بعضهم من عموم المنع، لإطلاق النصّ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 238 / أبواب المستحقين للزكاة ب 11 ح 1 .
ــ[168]ــ
وكذا يجوز دفعها إلى الزوجة الدائمة مع سقوط وجوب نفقتها بالشرط أو نحوه(1) . نعم ، لو وجبت نفقة المتمتّع بها على الزوج من جهة الشرط أو نحوه لا يجوز الدفع إليها (2) مع يسار الزوج (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإنّ النصّ المطلق لا وجود له في المقام ، وعلى فرض وجوده فهو مقيّد بما عرفت .
نعم، ذكرت الزوجة على سبيل الإطلاق في روايات أبواب النفقات، كصحيحة حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : قلت له : من الذي اُجبر عليه وتلزمني نفقته ؟ «قال : الوالدان والولد والزوجة» (1) ، ونحوها صحيحة جميل(2) إلاّ أ نّها مقيّدة بغير المنقطعة ، لما دلّ على عدم وجوب الإنفاق عليها .
(1) لكونها حينئذ في حكم المنقطعة في عدم وجوب الإنفاق ، فتخرج عن كونها لازمة للزوج ولا يشملها التعليل ، فإذا كانت فقيرة شملتها الإطلاقات ، فإنّ مجرّد الزوجيّة لا يخرجها عنها ما لم تكن لازمة .
(2) لاشتمالها حينئذ على ملاك المنع الموجود في الدائمة ، وهو وجوب الإنفاق وصيرورتها لازمة للزوج ولو بسبب الاشتراط فتدخل في عموم التعليل .
ودعوى انصراف اللّزوم فيه إلى الأصلي عريّةٌ عن الشاهد ، بل ظاهره أنّ العبرة مجرّد اللّزوم وتحقّق العيلولة ولو لجهة عارضيّة وأنّ مناط المنع وجوب النفقة لا الزوجيّة .
(3) أي وبذله أو إمكان إجباره ، فإنّ مجرّد اليسار غير كاف في المنع عن دفع الغير إليها كما تقدّم وإن كان كافياً في دفع الزوج نفسه كما لا يخفى .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 21 : 525 / أبواب النفقات ب 11 ح 3 .
(2) الوسائل 21 : 510 / أبواب النفقات ب 1 ح 4 .
|