ــ[224]ــ
[ 2762 ] التاسعة: يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء(1). خصوصاً مع المرجّحات وإن كانوا مطالبين . نعم ، الأفضل حينئذ (2) الدفع إليهم من باب استحباب قضاء حاجة المؤمن ، إلاّ إذا زاحمه ما هو أرجح .
[ 2763 ] العاشرة : لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحقّ فيه (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وممّا يؤكّد عدم الوجوب ما ورد في إعطاء الزكاة للأقارب من أ نّه يعطى شيء منها لغيرهم ، فكما أنّ العطاء هناك استحبابي فكذا في المقام بمناط واحد .
(1) فإنّ مجرّد الحضور لا يستوجب التعيين والترجيح بعد أن كانت ولاية التطبيق بيد المالك من غير توقيت أو توظيف ، فتبقى إطلاقات الكتاب والسنّة في الصرف على الأصناف الثمانية على حالها .
(2) أي حين الطلب لأجل استحباب إجابة المؤمن في قضاء حاجته لدى طلبها ما لم يزاحم بمرجّح آخر أهمّ .
(3) بلا خلاف فيه ولا إشكال ، وتدلّنا عليه ـ مضافاً إلى إطلاقات الأدلّة من الكتاب والسنّة ، حيث لم تقيّد بالصرف في البلد ، وإلى فحوى نصوص المسألة الآتية ، إذ لو جاز النقل مع وجود المستحقّ فمع عدمه بطريق أولى ـ صحيحة ضريس ، قال : سأل المدائني أبا جعفر (عليه السلام) قال : إنّ لنا زكاة نخرجها من أموالنا ، ففي مَن نضعها ؟ «فقال : في أهل ولايتك» فقال : إنّي في بلاد ليس بها أحد من أوليائك «فقال : ابعث بها إلى بلادهم تُدفع إليهم ، ولا تدفعها إلى قوم إذا دعوتهم غداً إلى أمرك لم يجيبوك وكان ـ والله ـ الذبح»(1) ، وهي ـ كما ترى ـ صريحة في المطلوب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 222 / أبواب المستحقين للزكاة ب 5 ح 3 .
ــ[225]ــ
ويؤيّدها رواية الحدّاد عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال : قلت له : الرجل منّا يكون في أرض منقطعة ، كيف يصنع بزكاة ماله ؟ «قال : يضعها في إخوانه وأهل ولايته» قلت : فإن لم يحضره منهم فيها أحد ؟ «قال : يبعث بها إليهم» قلت : فإن لم يجد من يحملها إليهم ؟ «قال : يدفعها إلى من لا ينصب» قلت : فغيرهم ؟ «قال : ما لغيرهم إلاّ الحجر» (1) .
ولكن السند ضعيف بإبراهيم بن إسحاق الذي هو الأحمري راوي كتاب عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، مضافاً إلى اشتمال ذيلها على ما لا يمكن الالتزام به ، وهو جواز الدفع إلى غير أهل الولاية عند فقد المؤمن مع اشتراط الإيمان في المستحقّ على كلّ حال ، سواء أكان المؤمن موجوداً أم لا كما تقدّم . فهي إذن لا تصلح إلاّ للتأييد .
وربّما يستدلّ لعدم جواز النقل حتّى مع فقد المستحقّ برواية إبراهيم الأوسي عن الرضا (عليه السلام) «قال : سمعت أبي يقول : كنت عند أبي يوماً فأتاه رجل قال : إنّي رجل من أهل الريّ ولي زكاة ، فإلى من أدفعها ؟ فقال : إلينا ، فقال: أليس الصدقة محرّمة عليكم؟ فقال: بلى ، إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا ، فقال : إنّي لا أعرف لها أحداً ، فقال : فانتظر بها سنة ، قال : فإن لم أصب لها أحداً ؟ قال : انتظر بها سنتين حتّى بلغ أربع سنين ، ثمّ قال له : إن لم تصب لها فصرّها صرراً واطرحها في البحر، فإنّ الله عزّ وجلّ حرّم أموالنا وأموال شيعتنا على عدوّنا» (2) .
ولكن لا يمكن العمل بها جزماً، لعدم الصغرى لها أوّلاً، إذ كيف يتّفق فقد المستحقّ لمدّة أربع سنوات ؟! ومع تسليم اتّفاقه فلتصرف في سائر الأصناف كالرقاب ، ولا أقلّ من سهم سبيل الله ، فإنّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 223 / أبواب المستحقين للزكاة ب 5 ح 7 .
(2) الوسائل 9 : 223 / أبواب المستحقين للزكاة ب 5 ح 8 .
ــ[226]ــ
بل يجب ذلك إذا لم يكن مرجوّ الوجود بعد ذلك (1) ولم يتمكّن من الصرف في سائر المصارف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ورد أنّ الله لم يجعل فريضة لم يوجد لها محلّ (1) .
وثانياً : أ نّه كيف يؤمر بالطرح في البحر وهو إتلاف للمال غير الجائز على كلّ حال ؟! بل غايته أن تودع عنده إلى أن يوجد لها مصرف ، لا أ نّها تعدم وتتلف .
وثالثاً : أنّ السند ضعيف ، للإرسال ، مضافاً إلى عدم توثيق محمّد بن جمهور (والد) (2) إبراهيم الأوسي ، فهي مخدوشة من جهات ولا يمكن التعويل عليها لتنهض للمقاومة مع صحيحة ضريس المتقدّمة .
(1) لا شبهة في عدم الوجوب مع رجاء الوجود، فيجوز الانتظار، بل عرفت جوازه حتّى مع وجود المستحقّ لغرض الإيصال إلى الأفضل أو الأقرب ، فتكون الزكاة حينئذ أمانة عنده لا يضمن إلاّ مع التفريط .
كما لا شبهة أيضاً في عدم الوجوب حتّى مع اليأس وعدم الرجاء فيما إذا أمكن الصرف في سائر الجهات الثمانية من الرقاب والغارمين ونحوهما ، ضرورة جواز الصرف حتّى مع وجود الفقير فضلاً عن عدمه .
وإنّما الكلام مع اليأس عن الفقير في البلد وعدم وجود مصرف آخر ، فهل يجب النقل حينئذ ؟ الظاهر ذلك .
ويدلّنا عليه نفس الأدلّة الأوّليّة من الكتاب والسنّة الدالّة على وجوب إخراج الزكاة وإيصالها إلى أربابها بعد وضوح عدم كفاية مجرّد العزل في فرض
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 209 / أبواب المستحقين للزكاة ب 1 ح 1 .
(2) كذا ، والظاهر : و . حيث إنّ محمد بن جمهور ليس والد إبراهيم الأوسي ، مضافاً إلى ورود عدم توثيقهما في كتب الرجال .
|