[ 2781 ] مسألة 8 : لو استغنى الفقير الذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال ثمّ حال الحول يجوز الاحتساب ((1)) (2) عليه ، لبقائه على صفة الفقر بسبب هذا الدين ، ويجوز الاحتساب من سهم الغارمين أيضا .
ـــــــــــــــــــــــ وعليه ، ففي المقام إذا كانت العين باقية عند الفقير إلى نهاية الحول ساغ الاحتساب بعد فرض بقاء الفقير على صفة الاستحقاق ، لعدم المانع عنه بوجه . وبذلك يتّضح الفرق بين الإيداع وبين الإقراض المتقدّم آنفا .
(2) على المشهور ، خلافاً لابن إدريس فمنع عن الاحتساب ، لصيرورته
ــــــــــــــــ
(1) في جواز احتسابه عليه من باب الفقر إشكال .
ــ[266]ــ
غنيّاً بالدين ، ولا تنافي بين الأمرين ، ومن ثمّ تجب الزكاة على من تملّك النصاب وإن كان عليه دين ، قال : لأنّ الدين في الذمّة والزكاة في العين (1) .
أقول : قد تقدّم عند التكلّم حول شرط الفقر: أنّ من ملك فوق سنته بالفعل أو بالقوّة فهو غني شرعاً لا يستحقّ الزكاة من سهم الفقراء وإن كان عليه دين خارجي . نعم ، يستحقّها من سهم الغارمين ، وهو أمر آخر خارج عمّا نحن بصدده ، فالدين بما هو دين لا يمنع عن صدق الغنى شرعاً بل ولا عرفاً . ألا ترى أنّ كثيراً من التجّار والأغنياء لعلّهم مدينون بأكثر ممّا يملكون من جهة المظالم والكفّارات أو الإتلافات والضمانات أو المعاملات الفاسدة ونحو ذلك من موجبات شغل الذمّة ، ومع ذلك يعدّون عرفاً من الأغنياء بل الأثرياء ، فلا تضادّ ولا تعاند بين الغنى وبين الدين بوجه .
لكن هذا يختصّ بالغنى الناشئ من غير ناحية الدين والذي لم يكن مسبّباً عنه ، كمن كانت له مزرعة أو حرفة تفي بقوت سنته ومعيشة عائلته ، فإنّه ما لم يصرفها في سدّ الدين غنيٌّ شرعاً بل وعرفاً أحياناً حسبما عرفت .
وأمّا الناشئ عن الدين نفسه والمتسبّب عنه الذي هو محلّ الكلام في المقام ، كمن كانت مؤونة سنته مائتي دينار ولم تكن له حرفة ولا مال فاستدانها في أوّل السنة ، فإنّه لا ينبغي التأمّل في عدم خروجه عن عنوان الفقر بمجرّد هذه الاستدانة ، فإنّها لا تستوجب انقلاب الموضوع بعد أن كانت الحاجة لا تزال باقية وإن كان مالكاً لقوت السنة ، إذ أنّ هذه الملكيّة نشأت من نفس الدين لا غير فهو متّصف بالفقر لاحقاً كما كان كذلك سابقاً وإن تغيّرت جهة الفقر وتبدّل بلون آخر .
وعليه ، فلا مانع من احتساب الزكاة عليه بعد حلول الحول ما دام الدين
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السرائر 1 : 455 .
|