كفاية مجرّد القصد كونه زكاةً في تفريغ الذمّة عن زكاة المال 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5069


ــ[272]ــ

وكذا لا يعتبر أيضاً نيّة الجنس ((1)) الذي تخرج منه الزكاة (1) أ نّه من الأنعام أو الغلاّت أو النقدين ، من غير فرق بين أن يكون محلّ الوجوب متّحداً أو متعدّداً ، بل ومن غير فرق بين أن يكون نوع الحقّ متّحداً أو متعدّداً ، كما لو كان عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل فإنّ الحقّ في كلّ منهما شاة ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واُخرى أربعين شاةً وهكذا ، فكذلك قد يكون السبب هلال شهر شوّال ، ومن البيّن عدم لزوم قصد تعيين السبب بعد اتّحاد المسبّب، فمن كان مديناً لزيد بدرهم للإتلاف وآخر للاستقراض وثالث لأجل الشراء لا يلزمه في مقام الوفاء قصد سبب خاصّ ، بل هو بحسب النتيجة مدين له بثلاثة دراهم ، فإذا أدّى درهماً بقي عليه درهمان من غير تعيين ، فلا يلزمه تعيين السبب كما هو الحال في باب الأغسال .

   (1) بل يكفى مجرّد قصد كونه زكاةً في تفريغ الذمّة عن زكاة المال ، ولا تلزم نيّة الجنس المتعلّق به الزكاة ، سواء أكان متّحداً أم متعدّداً ، وسواء أكان نوع الحقّ متّحداً أيضاً أم مختلفاً ، وسواء أكان المدفوع من نفس الجنس المتعلّق به

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في المسألة صور ثلاث : فإن ما يعطى زكاة إن كان مصداقاً لأحد المالين الزكويين دون الآخر كما إذا كان عنده أحد النقدين والحنطة مثلاً وأعطى الزكاة نقداً من غير أن يقصد عن أحدهما المعين فإنّه لا محالة يقع عن النقد دون الحنطة فإن وقوعه عنها بحاجة إلى التعيين ، وإن كان مصداقاً لكليهما معاً كما إذا كان عنده أربعون شاة وخمس من الإبل فإنّ الواجب عليه في كل منهما شاة فإذا أعطى شاة زكاة لا محالة وزّع عليهما إلاّ إذا قصد عن أحدهما المعين ولو إجمالاً ، وإن لم يكن مصداقاً لشيء منهما كما إذا كان عنده حنطة وعنب وأعطى الزكاة نقداً فإنّه حينئذ إن قصد عن كليهما وزّع عليهما ، وإن قصد عن أحدهما المعين وقع له ، وإن قصد أحدهما لا بعينه لم يقع عن شيء منهما إلاّ إذا كان قصده عنه مبنياً على أن يعينه فيما بعد .

ــ[273]ــ

أو كان عنده من أحد النقدين ومن الأنعام فلا يجب تعيين شيء من ذلك ، سواء كان المدفوع من جنس واحد ممّا عليه أو لا فيكفي مجرّد قصد كونه زكاة ، بل لو كان له مالان متساويان أو مختلفان حاضران أو غائبان أو مختلفان فأخرج الزكاة عن أحدهما من غير تعيين أجزأه وله التعيين بعد ذلك ، ولو نوى الزكاة عنها وزّعت ، بل يقوى التوزيع مع نيّة مطلق الزكاة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الزكاة أم من غيره بعنوان القيمة .

   والوجه في ذلك كلّه :

   أمّا بناءً على ما اختاره الماتن تبعاً للمشهور ـ  من تعلّق الزكاة بالأعمّ من العين الزكوية ومطلق القيمة من غير اختصاص بالفقد الرائج وأنّ الوجوب متعلّق بجامع المقدار المعيّن من المال المنطبق تارةً على نفس متعلّق الحقّ واُخرى على النقود والعملات الرائجة وثالثة على سائر الأمتعة ـ أنّ متعلّق الأمر الزكاتي حينئذ في جميع الأجناس الزكويّة التسعة أمر واحد وطبيعة فاردة وهي المالية المقدّرة بالكمّيّة الخاصّة . إذن فتعدّد الأجناس متّفقة كانت أم مختلفة يكون من باب تعلّق الأمر بفردين أو أفراد من طبيعة واحدة لا ميّز بينها حتّى في صقع الواقع ، نظير تعلّق الأمر بفردين من الصوم القضـائي ، فكما أ نّه إذا أتى بفرد امتثل أمره وبقي عليه الآخر ولا يقصد في كلّ منهما إلاّ امتثال الأمر  المتعلّق بالطبيعة ، فكذا في المقام ، فإذا كان عليه مقدار ماليّة عشرة دراهم زكاةً للغنم وعشرة زكاةً للحنطة ودفع عشرة بقصد الزكاة من غير تعيين فرغت ذمّته عن إحداهما وبقيت الاُخرى ، على حذو ما عرفت فيمن كان مديناً لزيد بدرهم في قرض وآخر في إتلاف وثالث في شراء ، في أ نّه لدى دفع درهم واحد بعنوان الوفاء يسقط أحد الدراهم ويبقى الآخران من غير حاجة إلى التعـيين ، حيث عرفت أنّ الاختلاف في سبب الوجوب لايستوجب الاختلاف في متعلّق الحقّ .

ــ[274]ــ

   نعم ، إذا كان للفرد بماله من الخصوصيّة اثر يترتّب عليه لم يكن بدّ من تعلّق القصد به وتعيينه في ترتّب الأثر عليه ، فإذا جعل الفراش ـ مثلاً ـ رهناً لأحد الدينين والكتاب رهناً للآخر لم ينفكّ شيء من الرهنين ما لم يقصد أنّ المدفوع أداء لأيّ منهما، لعدم ترجيح في البين وإن حصل الوفاء لأصل الدين في أحدهما من غير تعيين .

   وعلى ضوء ذلك نقول : إنّ للفرد في المقام أثرين :

   أحدهما : جواز التصرّف في الباقي بعد التزكية .

   ثانيهما : الضمان إذا تلف قبل التزكية .

   فالعشرة المدفوعة في المثال إن عيّنها في الغنم جاز التصرّف بعد ذلك في تمام الغنم دون الحنطة ، كما أنّ عليه الضمان إذا تلفت الحنطة دون الغنم ، أمّا إذا لم يعيّن لم يجز التصرّف في شيء منهما ، وعليه الضمان إذا تلف كلّ منهما ، لما عرفت من عدم الترجيح لأحدهما وإن سقط التكليف عن الزكاة بهذا المقدار بطبيعة الحال ، إلاّ إذا نوى حين الدفع ما سيعينه فيما بعد فإنّ له واقعاً محفوظاً عند الله وإن كان مجهولاً عندنا ، فيكون ذلك نوع قصد إجمالي ، وهو مجز عن القصد التفصيلي .

   وهل للمالك التعيين بعد ذلك فيما لم يكن ناوياً أصلاً كما اختاره في المتن ؟

   الظاهر : العدم ، إذ لا دليل على ولايته على هذا التعيين .

   نعم ، لا مانع من الرجوع إلى القرعة التي هي لكلّ أمر مشكل ، بناءً على ما هو الصواب من عدم اختصاصها ممّا له واقع معيّن مجهول ، بل تشمل ما لا تعيّن له حتّى في صقع الواقع كما في المقام ، فيتعيّن بها أنّ الزكاة عن أيٍّ من المالين أوان الأداء من أيٍّ من الدينين .

   هذا كلّه على المسلك المشهور من عدم اختصاص القيمة بالنقدين .

ــ[275]ــ

   وأمّا بناءً على المختار من الاختصاص بحيث كان متعلق الأمر الزكاتي إخراج الجامع بين متعلّق الحقّ وبين قيمته من النقد الرائج خاصّة ففيه تفصيل ، فإنّه إذا كان له نوعان من الأعيان الزكويّة :

   فتارةً : يكون جنس الحقّ فيهما متّحداً ، كما إذا كان له أربعون من الغنم وفيها شاة وخمسة من الإبل وفيها أيضاً شاة ، فإنّ التكليف في كلّ منهما متعلّق بشيء واحد وهو دفع الجامع بين الشاة والنقد ، فحينئذ يصحّ دفع شاتين أو نقدين أو دفع شاة ونقد بلا تعيين ، إذ هو من قبيل تعلّق الأمر بفردين من طبيعة واحدة الذي عرفت حكمه ويجري فيه التفصيل المتقدّم بالنسبة إلى الآثار ولو لم يدفع حينئذ إلاّ شاة واحدة ولم يعيّن ، فبما أ نّها صالحة للانطباق على كلّ منهما فلا جرم توزّع عليهما ، إلاّ إذا قصد عن أحدهما المعيّن ولو إجمالاً .

   واُخرى : يكون جنس الحقّ مخـتلفاً ، كما إذا كان له غنم وحنطة ، فإنّ التكليف في أحدهما متعلّق بدفع الجامع بين الغنم والنقد ، وفي الآخر بين الحنطة والنقد ، وهما متغايران ، فحينئذ إن أدّى من جنس ما تعلّق به الزكاة كالشاة فوقوعة زكاة عن الغنم قهري لا حاجة فيه إلى التعيين ، لعدم صلاحيّته لوقوعة زكاةً عن الحنطة على القول المزبور .

   وإن أدّى من النقد فلأجل أ نّه يصلح أن يكون زكاةً لكلّ من المالين والمفروض تغاير متعلقي التكليفين ولزوم التعيين مع التغاير ، فلا جرم يلزمه إمّا تعيين أحدهما فيقع زكاة عنه خاصّة ، أو قصد الزكاة عنهما الراجع إلى قصد التوزيع ، فيوزّع عليهما بالمناصفة ، لتساوي النسبة إلى كلّ منهما ، أو قصد مطلق الزكاة فإنّه أيضاً راجع إلى قصد التوزيع ، بيد أ نّه قصد إجمالي ولا ضير فيه ، ويوزّع أيضاً بالنسـبة ، ويكون كما إذا كان عليه لزيد عشرة ولعمرو عشرة واتّحد وكيلهما ، فدفع عشرة إلى الوكيل بقصد أداء ما في ذمّته من دون تعيين أحد الدينين ، حيث إنّه يوزّع عليهما بالتساوي .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net