ــ[286]ــ
ختام
فيه مسائل متفرّقة
[ 2789 ] الاُولى : استحباب استخراج زكاة مال التجارة ونحوه للصبي والمجنون تكليفٌ للولي (1) ، وليس من باب النيابة عن الصبي والمجنون ، فالمناط فيه اجتهاد الولي أو تقليده ، فلو كان مذهبه ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ وجوب إخراجها أو استحبابه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فهو المخاطب بالإخراج، والتكليف ـ وجوباً أو استحباباً ـ متوجّهٌ إليه ، غاية الأمر أنّ مخرج الزكاة مال الصبي لا مال نفسه ، فهو مأمور بالإخراج من مال الصبي .
ولكنّه غير ظاهر ، أمّا بناءً على إنكار الاستحباب من أصله كما هو الحقّ على ما مرّ فلا موضوع لهذا البحث .
وأمّا على القول بالثبوت فالخطاب لم يتعلّق في شيء من الأدلّة بالولي ، وإنّما تضمّنت مجرّد الإخراج من مال الصبي وأ نّها واجبة في ماله أو ثابتة بمقتضى الجمع بين الأدلّة حسبما تقدّم في محلّه (1) ، وقد تعدّوا عن اليتيم الذي هو مورد النصّ ـ أي مطلق الصغير ـ بالأولويّة القطعيّة . وبما أنّ تصرّفاته كالمجنون غير نافذة وهما مسلوبا الإرادة شرعاً فبطبيعة الحال يكون المتصدّي للإخراج هو الولي، فيكون نائباً عنهما بمقتضى ولايته عليهما ، كما هو الحال في سائر التصرّفات من بيع أو تزويج ونحوهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع شرح العروة 23 : 56 ـ 63 .
ــ[287]ــ
ليس للصبي بعد بلوغه معارضته ((1)) (1) ، وإن قلّد من يقول بعدم الجواز ، كما أنّ الحال كذلك في سائر تصرّفات الولي في مال الصبي أو نفسه من تزويج ونحوه ، فلو باع ماله بالعقد الفارسي أو عقد له النكاح بالعقد الفارسي أو نحو ذلك من المسائل الخلافيّة وكان ومذهبه الجواز ، ليس للصبي ـ بعد بلوغه ـ إفساده ((2)) بتقليد من لا يرى الصحّة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا وجيه بحسب الكبرى ، فلا تجوز المعارضة فيما ثبتت فيه الولاية ، فلو طلّق أو زوّج أو باع الولي بمقتضى ما يراه من المصلحة والغبطة ثمّ بلغ الصبي لزمه القبول ، لصدوره من أهله في محلّه ، وليس له الردّ والمعارضة بوجه .
ولكنّها غير منطبقة على المقام ، إذ الصبي بعد ما بلغ يرى ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ أ نّه لم يكن للولي ولاية على الإخراج أبداً وأنّ التصرّف الصادر منه لم يكن من أهله ولا في محلّه ، غاية الأمر أ نّه كان قد تخيّل ذلك عن اجتهاد أو تقليد فكان معذوراً فيه ، وذلك لا يستوجب سقوط الضمان ، إلاّ إذا ثبت من الخارج أنّ الولي ما لم يفرّط لا يكون ضامناً مطلقاً ، ولكنّه أيضاً غير ثابت كما لا يخفى .
وعليه ، فإن كانت العين باقية استردّها ، وإلاّ فله حقّ المطالبة والمعارضة ، ومعه يرفع النزاع إلى الحاكم الشرعي لخصمها وحسمها حسبما يؤدّي إليه رأيه ونظره .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر أ نّه لا مانع من معارضته ، ولا سيّما مع بقاء عين المال ، ولا منافاة بين جواز المعارضة ووجوب الإخراج أو استحبابه للولي بمقتضى تكليفه الظاهري .
(2) الظاهر أ نّه لا بدّ للصبي في هذه الموارد بعد بلوغه من رعاية تكليف نفسه اجتهاداً أو تقليداً .
ــ[288]ــ
نعم ، لو شكّ الولي ـ بحسب الاجتهاد أو التقليد ـ في وجوب الإخراج أو استحبابه أو عدمهما وأراد الاحتياط بالإخراج ، ففي جوازه إشكال ((1)) (1) ، لأنّ الاحتياط فيه معارض بالاحتياط في تصرّف مال الصبي . نعم ، لا يبعد ذلك إذا كان الاحتياط وجوبيّاً . وكذا الحال في غير الزكاة ـ كمسألة وجوب إخراج الخمس من أرباح التجارة للصبي ـ حيث إنّه محلّ للخلاف . وكذا في سائر التصرّفات في ماله . والمسألة محلّ إشكال ، مع أ نّها سيّالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبالجملة : وجوب الإخراج أو استحبابه حكم ظاهري متعلّق بالولي بمقتضى وظيفته الفعليّة الثابتة عن اجتهاد أو تقليد ، فلا ينافي جواز المعارضة من قبل الصبي بمقتضى ما تعلّقت به من الوظيفة الظاهريّة أيضا .
وأوضح حالاً التصرّفات الصادرة من الولي التي تكون فاسدة بنظر الصبي ، كما لو باع ماله بالمعاطاة أو عقد له النكاح بالعقد الفارسي ونحو ذلك من المسائل الخلافيّة ، وهو لا يرى صحّتها بعد ما بلغ ، فإنّه كيف يسوغ له ترتيب الآثار على تلك العقود التي يرى فسادها اجتهاداً أو تقليداً ؟! بل اللاّزم عليه بعد البلوغ مراعاة تكليف نفسه حسبما يراه من الوظيفة الفعليّة .
(1) الظاهر أنّ عدم الجواز ممّا لا ينبغي الاستشكال فيه مطلقاً ، لعدم جواز التصرّف في مال الصبي من غير معذّر شرعي أو مسوّغ قطعي ، ومجرّد احتمال الوجوب لا يكون مسوّغاً بعد أن كان مورداً لأصالة البراءة العقليّة والشرعيّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا ينبغي الإشكال في عدم الجواز مطلقاً ، نعم في موارد احتمال الوجوب قبل الفحص يدور الأمر بين المحذورين ، فإن أمكن له تأخير الواقعة إلى انكشاف الحال فهو ، وإلاّ لزمه اختيار أحد الطرفين ثمّ الفحص عما يقتضيه تكليفه ، ومن ذلك يظهر الحال في سائر الموارد .
|