ــ[346]ــ
نعم ، إذا مات وكان عليه هذه الاُمور(1) وضاقت التركة وجب التوزيع((1)) بالنسبة كما في غرماء المفلس ، وإذا كان عليه حجّ واجب أيضاً كان في عرضها ((2)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذمّة لا محالة ، بخلاف صورة التلف ، لاستقرار الكلّ عندئذ في الذمّة الذي نتيجته التخيير حسبما عرفت .
ولكن في عدّه الكفّارة والنذر في عرض بقيّة الديون تأمّل ، بل منع ، لأنّ الحكم في موردهما تكليفٌ محض ولا يتضمّن الوضع بحيث يكون من عليه الكفّارة مديناً للفقراء أو من نذر التصدّق إليهم مديناً ، وإنّما هي واجب إلهي وليسا من الحقوق المالية في شيء . إذن فيتقدّم الدين المتضمّن لحقّ الناس عليهما، لكونه أهمّ إمّا قطعاً أو لا أقلّ احتمالاً، الموجب للترجيح في باب المزاحمة .
ثمّ إنّه لا فرق مع بقاء العين التي فيها الخمس أو الزكاة بين صورتي الحياة والممات ، لوحدة المناط كما لا يخفى .
(1) فصّل (قدس سره) في فرض تلف العين بين صورتي الحياة والممات ، وحكم في الثاني بوجوب التوزيع .
أمّا في صورة الحياة فقد عرفت الحال فيها .
وأمّا مع الموت فالكلام يقع في جهات :
الجهة الاُولى : فيما لو كانت الحقوق المجتمعة عليه مؤلّفة من الكفّارة أو النذر وممّا عداهما من ديون الناس أو المظالم ونحوهما من الحقوق الماليّة .
ولا ينبغي التأمّل حينئذ في لزوم تقديم الثاني، لما عرفت من أنّ الأوّل تكليف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا في غير النذر والكفّارة ، وأمّا هما فلا يخرجان من الأصل حتّى يجب التوزيع بالإضافة إليهما في عرض الديون .
(2) الظاهر أنّ الحجّ مقدّم عليها .
ــ[347]ــ
محض من غير أن يستقرّ شيء في الذمّة ، ولا ريب في سقوط التكاليف المحضة العارية عن الحكم الوضعي بمجرّد الموت ، فهو بعد الموت لم يكن مشغول الذمّة إلاّ بالحقوق الماليّة ، فلا مزاحمة إذن بين الأمرين كما هو ظاهر .
الجهة الثانية : فيما لو مات وقد اجتمع عليه الحجّ مع غيره من الحقوق الماليّة من الخمس أو الزكاة أو غيرهما من سائر ديون الناس .
والظاهر تقدّم الحجّ على الكلّ ، للنصوص الخاصّة الواردة في المقام .
أمّا تقدّمه على مثل الزكاة فتدلّنا عليه صريحاً صحيحة معاوية بن عمّار، قال: قلت له (عليه السلام): رجل يموت وعليه خمسمائة درهم من الزكاة وعليه حجّة الإسلام وترك ثلاثمائة درهم فأوصى بحجّة الإسلام وأن يقضى عنه دين الزكاة «قال : يحجّ عنه من أقرب ما يكون، ويخرج البقيّة من الزكاة»(1) .
وأمّا تقدّمه على سائر الديون فتدلّ عليه صحيحة بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل خرج حاجّاً ومعه جمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق «قال: إن كان صرورة ثمّ مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجّة الإسلام، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجّة الإسلام ، فإنّ فضل من ذلك شيء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين»(2) ، ونحوها غيرها، وإن كانت هذه أصرح في المطلوب ، فقد دلّت صريحاً أنّ التركة تصرف أوّلاً في الحجّ فإن فضل ففي الدين ثمّ الإرث ، فالحجّ يخرج من صلب المال ويقدّم على جميع الحقوق بمقتضى هذه النصوص .
الجهة الثالثة : فيما لو مات وقد اجتمعت عليه حقـوق الناس من الديـون والمظالم والزكاة ونحـوها ـ غير الحجّ ـ والمشهور حينئذ وجوب التوزيع على الجميع بمقدار حصصهم ، فيكون حاله بعد الممات حال المفلس مع الغرماء حال
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 255 / أبواب المستحقين للزكاة ب 21 ح 2 .
(2) الوسائل 11 : 68 / أبواب وجوب الحج وشرائطه ب 26 ح 2 .
|