ــ[348]ــ
[ 2820 ] المسألة الثانية والثلاثون: الظاهر أ نّه لامانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفّه(1)، وكذا في الفطرة ، ومن منع من ذلك ـ كالمجلسي (رحمه الله)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحياة ، لانتقال الحقّ بعد الموت من الذمّة إلى التركة ، وقضيّة ذلك هو التقسيط حسبما عرفت .
ولكن الانتقال المزبور لم يثبت ، لعدم الدليل عليه ، بل الذمّة بعد باقية على اشتغالها ، كما أنّ الحال بعدُ باق على ملك الميّت ولم ينتقل إلى الورثة ، إذ لا إرث إلاّ بعد الدين . ولا مانع من افتراض شيء من الأمرين بالإضافة إلى الميّت بعد كونهما اعتباريين ومساعدة العقلاء على هذا الاعتبار كما لا يخفى ، فإنّ المال بعد أن لم ينتقل إلى الورثة ولا إلى الديّان لعدم الدليل فلا جرم يكون باقياً على ملك الميّت ، لامتناع الملك بلا مالك .
وبالجملة : فحقّ الغرماء في ذمّة الميّت ، والمال مال الميّت يصرف في ديونه وتفريغ ذمّته ، ونتيجته التخيير في كيفيّة التفريغ كما في حال الحياة لا وجوب التوزيع .
نعم ، الظاهر وجوب التوزيع لأجل النصوص الخاصّة ـ لا بمقتضى القاعدة ـ وهي كثيرة ، منها : صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سئل عن رجل كانت عنده مضاربة ووديعة وأموال أيتام وبضائع وعليه سلف لقوم فهلك وترك ألف درهم أو أكثر من ذلك، والذي عليه للناس أكثر ممّا ترك «فقال: يقسّم لهؤلاء الذين ذكرت كلّهم على قدر حصصهم أموالهم»(1).
(1) فالاعتبار بنفس الفقر ولا يكون السؤال مانعاً ، ومنع المجلسي عن ذلك غير ظاهر الوجه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 18 : 415 / كتاب الحجر ب 5 ح 4 .
ــ[349]ــ
في زاد المعاد في باب زكاة الفطرة[ (1) ] ـ لعلّ نظره إلى حرمة السؤال واشتراط العـدالة في الفقير ، وإلاّ فلا دليل عليه بالخصوص . بل قال المحقّق القمّي (قدس سره) : لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي في زاد المعاد . قال : ولعلّه سهو منه ، وكأ نّه كان يريد الاحتيـاط فسها وذكره بعنوان الفتوى [ (2) ] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، احتمل الماتن أن يكون وجهه حرمة السؤال كما ذهب إليه بعض بضميمة اعتبار العدالة في الفقير ، إذ عليه يكون فاسقاً بل متجاهراً ، فلأجل هاتين المقدّمتين لا يجوز الدفع إليه .
وفي كلا الأمرين ما لا يخفى ، لعدم ثبوت حرمة السؤال ولا سيّما إذا كان عن حرج أو اضطرار ، بل هو حينئذ جائز بلا إشكال ، فلا يحتمل أن يكون هذا وجهاً لكلامه ، وإلاّ لقيّده بأن يكون حراماً ، إذ قد تزول الحرمة ـ حتّى على القول بها ـ لضرورة ونحوها ، فكيف يطلق القول بعدم جواز الدفع إليه ؟!
على أنّ اعتبار العدالة لا دليل عليه بوجه ، بل في صحيح ابن مسلم الوارد في تفسير الفقير وبيان الفرق بينه وبين المسكين قوله (عليه السلام) : «والمسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل» (3) فجعله أسوأ حالاً من الفقير والبائس أسوأ حالاً منهما ، فإنّ فيه دلالة واضحة على أنّ السؤال لا يمنع عن الأخذ .
وأمّا احتمال أن يكون نظره (قدس سره) إلى أنّ السائل بالكفّ قد اتّخذ
ــــــــــــــــــــــــــــ
[ 1 ] زاد المعاد : 212 .
[ 2 ] جامع الشتات 1 : 37 .
(3) الوسائل 9 : 210 / أبواب المستحقين للزكاة ب 1 ح 2 .
|