ــ[378]ــ
فلا تجب على الفقير ـ وهو مَن لا يملك ذلك ـ وإن كان الأحوط ((1)) إخراجها إذا كان مالكاً لقوت السنة ، وإن كان عليه دين (1) ، بمعنى : أنّ الدين لا يمنع من وجوب الإخراج ويكفي ملك قوت السنة .
بل الأحوط الإخراج إذا كان مالكاً عين أحد النصب الزكويّة أو قيمتها (2) وإن لم يكفه لقوت سنته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل هو الأقوى كما تقدّم في زكاة المال(2) ، لعدم الدليل على استثناء الدين في صدق الغنى ، بل المرتكزات العرفيّة على خلافه ، فلو فرضنا متشخّصاً ثريّاً ـ كشيخ العشيرة أو رئيس البلد بل أو الملك ـ ولكن كانت ذمّته مشغولة بحقوق الناس ، ولا أقلّ من ناحية الديات والضمانات بحيث لم تفِ ثروته بأدائها ، أفهل يحتمل صدق الفقير عليه عرفاً نظراً إلى أ نّا لو استثنينا مقدار الدين لم يملك قوت سنته ؟ كلاّ ، بل هو في نظر العُرف من أظهر مصاديق الأغنياء . فيكشف ذلك بوضوح عن عدم اعتبار الاستثناء في الصدق المزبور .
نعم ، لو صرف ما في يده في أداء الدين ولم يكن الباقي وافياً لقوت السنة أصبح فقيراً حينئذ ، وأمّا قبل الأداء فهو غني وإن كانت الذمّة مشغولة . وهذا واضح لا ينبغي التأمّل فيه .
(2) لما تقدّم في بحث زكاة المال من تفسير الغنى بذلك(3) ، وأنّ العبرة في الفقر والثروة بملك أحد النصب الزكويّة عيناً أو قيمةً ، سواء أكان مالكاً لقوت السنة أم لا، وقد عرفت أ نّه لم يقم عليه أيّ دليل، عدا ما قد يدّعى من استفادته
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يترك .
(2) في ص 266 .
(3) في ص 5 وما يليها .
ــ[379]ــ
بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مؤونة يومه وليلته صاع (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من النبوي الوارد مضمونه في جملة من النصوص من أنّ الله عزّ وجلّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به (1) ، حيث يظهر منها دوران الغنى مدار ملك النصاب .
ولكنّه واضح الدفع ، إذ لا تعرّض لها لتفسير الغنى وشرح مفهومه بوجه ، بل أقصى مفادها أنّ الغني تجب عليه الزكاة لا أنّ كلّ من وجبت عليه الزكاة ـ لكونه مالكاً للنصاب ـ كان غنياً لتدلّ على دوران هذا العنوان مدار ملك النصاب ، لعدم كونها بصدد ذلك لا منطوقاً ولا مفهوماً ، لا مطابقةً ولا التزاماً ، بل لا إشعار لها على ذلك فضلاً عن الدلالة كما لا يخفى .
ولو سلّم فإلحاق ملك القيمـة بملك أعيان النصب عار عن أيّ دليل ، لاختصاص هذه النصوص بملك نفس الأعيان .
على أنّ هذا التفسير في نفسه غير قابل للتصديق ولا يساعده الارتكاز العرفي بوجه ، إذ لازمه أنّ من ملك العقارات والملايين من الأوراق النقديّة وكان فاقداً للأعيان الزكويّة ـ بناءً على ما هو الصحيح من عدم وجوب الزكاة في الأوراق النقديّة ـ كان فقيراً ، وأمّا من ملك أوّل إحدى النصب فقط التي ربّما لاتفي بمؤونة نصف سنته كان غنيّاً ، وهذا كما ترى لا ينبغي الإصغاء إليه ، وكون الاعتبار بالأعمّ من العين والقيمة قد عرفت ما فيه .
(1) لما تقدّم نقله عن ابن الجنيد (2) وإن لم يعرف له أيّ مستند ، بل الإجماع على خلافه كما سبق .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 9 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 1 .
(2) حكاه عنه في الحدائق 12 : 261 .
|